"التمييز ضد المرأة"
محمود سمحان
مدير التدريب في مركز مال لاستشارات والتدريب والتنمية البشرية
نائب رئيس النقابه العامه للعاملين في الخدمات الصحية والصناعات الدوائية
المقدمة:
يعتبر التمييز المسلط على النساء عبر العالم وفي المنطقة العربية بالأساس أحد المعضلات التي تعرقل تمتع النساء بالمواطنة وبحقوقهن كاملة بما أنه يمتد من الفضاء العام إلى الفضاء الخاص ويمس كل الحقوق.وقد بينت عديد التقارير والدراسات الصادرة سنة 2016 عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن الفجوة اتسعت بين النساء والرجال منذ 2008 ووصلت إلى %59، وان المساواة بين النساء والرجال لن تتحقق إلا بعد 2186. وهو ما ينعكس على وضع النساء في العمل وفي الحياة الاجتماعية. وتفاقمت هذه الفجوة في الدول العربية التي لازالت توجد في اخر درجة في الترتيب العالمي فيما يتعلق باحترام المساواة بين الجنسين .
وقد تفطنت المنظمات الدولية وبعض المنظمات غير الحكومية الحقوقية والنسوية لواقع التمييز، وعملت على ان يوضع حد لهذا التمييز بتفعيل التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية المتصلة بحقوق الإنسان للنساء، أو بوضع تشريعات وسياسات للقضاء على التمييز ضد النساء باعتباره "يشكل انتهاكا لمبدأيّ المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان، ويعد عقبة أمام مشاركة المرأة، على قدم المساواة مع الرجل، في حياة بلدهما السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويعوق نمو ورخاء المجتمع والأسرة، ويزيد من صعوبة التنمية الكاملة لإمكانات المرأة في خدمة بلدها والبشرية"، كما اكدت عليه توطئة الاتفاقية الدولية للقضاء على كل أشكال التمييز المسلط على النساء .
بالقضاء على التمييز يمكن للنساء الوصول إلى المساواة في الحقوق والواجبات والارتقاء إلى المواطنة المتساوية.
ويعتبر مبدأ المساواة بين الجنسين ركيزة من ركائز الديمقراطية إذ لا يمكن تحقيق الديمقراطية في ظل مجتمع تنعدم فيه المساواة بين الجنسين ويسوده فيه التمييز ضد النساء الذي يجسد النظام الأبوي السائد في عديد الدول، وخاصة في المنطقة العربية. كما انه أساسي وضروري في اعمال هذه الحقوق للجميع والتمتع بها من قبل كل المواطنين والمواطنين.
الاردن:
تشكل المرأة الأردنية قرابة نصف السكان في الاردن، وتسعى المرأة الأردنية في الوقت الحاضر إلى الديمقراطية، وتحقيق المساواة بينها وبين الرجل واتاحة فرص متساوية لها اسوة بالرجل في التعلم والعمل وتغيير الظروف التي تمر بها، إلا أن هذه الجهود لا زالت غير فعالة بسبب تبعية المرأة الاقتصادية للرجل وثقافة المجتمع الذكورية في ظل النظم السياسية التقليدية الممنوحة للرجل.
لقد نص الدستور الأردني على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، إذ جاء في المادة (6) : (الأردنيون أمام القانون سواء لا يميز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين)وكلمة أردني في القانون تعني كل شخص يحمل الجنسية الأردنية ذكر اكان أم أنثى.
وفي دراسة لمؤسسة تومسن رويترز تمت في 2013 عن حقوق المرأة في العالم العربي، احتل الاردن المرتبة الرابعة من أفضل 22 دولة عربية تمت الدراسة عليها، حيث ورد ان 17% من العقارات ممتلكة من قبل النساء (المصدر: وزارة الخارجية الامريكية 2011) وانه تم تعديل القانون في 2003 ليمكن المرأة من الحصول على جواز سفر دون موافقة زوجها (المصدر: اليونيسف) وكذلك ورد بانه يوجد 18 امرأة تشغل مقعدا في مجلس النواب والذي يمثل 12% من إجمالي 150 مقعد (المصدر: مشروع كوتا 2013).
التمييز ضد المرأة العاملة في الأردن :
تفيد الدراسات أن القوانين التي تعترف للنساء بفرص عمل دون تمييز نادرا ما تطبق في الواقع خاصة فيما يتعلق بالمساواة في الأجور. فقد بينت اللجنة الأردنية لإنصاف الأجور (جهد مشترك بين وزارة العمل واللجنة الوطنية لشؤون المرأة)، بأن 27 % من المعلمات في القطاع الخاص يحصلن على رواتب شهرية دون الحد الأدنى للأجور، وأن 37 % من المعلمات يحصلن على 190 دينارا، هو الحد الأدنى للأجور.
وحسب الكتاب السنوي لدائرة الاحصاءات العامة لعام 2015 بلغ متوسط الاجر في شهر الاسناد لعام 2014 للذكر 472 دينار اما الانثى فبلغ 437 دينار للعاملين في منشآت القطاعين العام والخاص. اما متوسط الاجر الشهري للعاملين باجر في القطاع الخاص فقط فقد بلغ للذكر427دينار بينما للأنثى 378 دينار.
ولقد اقر قانون الضمان الاجتماعي الاردني- تأمين الامومة في 1/9/ 2011 الذي شمل العاملات بتأمين الأمومة خلال الأشهر الستة الأخيرة التي تسبق إجازة الأمومة حيث يجوز للمؤمن عليها الحصول على إجازة الأمومة قبل موعد الولادة بأربعة أسابيع كحد أعلى، وتحسـب هذه المـدة ضمن مدة إجازة الامومة.كما يصرفللمؤمن عليها عن إجازة الأمومة بدلاًً يعادل أجرها وفقا لآخر أجر خاضع للاقتطاع عند بدء إجازة الأمومة، مما وفر الحماية للعاملات من الفصل او انهاء وعدم تجديد عقود العاملات نتيجة الزواج والحمل والمسؤوليات ت العائلية وفي موازاة ذلك، تتقلص إجازة الأمومة في قانون العمل الأردني إلى 70 يوما وتعتبر الاجازة قبل الوضع من ضمن هذه الاجازة ، وهي أقل بكثير من المدة التي تمنحها اتفاقية حماية الأمومة رقم 183 وتوصيتها 191 لمنظمة العمل الدولية، والبالغة 14 أسبوعا مع العلم ان اجازة الامومة في نظام الخدمة المدنية يبلغ 90 يوما.
ومع أن العديد من الدراسات والاحصائيات اشارت إلى تقدم المرأة في مجال التعليم، ولكن ايضا اشارت الى ضعف مشاركتها الاقتصادية في سوق العمل الاردني بنسبة لا تتجاوز 15% وكذلك في المجال السياسي وصنع القرار.وهذ المعدل لا يعكس بأي حال أي درجة من درجات تمكين المرأة اقتصاديا.
و تمكين المرأة يجب أن يشمل مؤشرات تقيس مدى التحكم والوصول إلى الموارد الاقتصادية كالرجال، خاصة في تملك الأراضي والشقق وامتلاك الرصيد المالي وكذلك الاستفادة من فرص التعليم.
إن القوانين الأردنية "لا تقيد استملاك المرأة للأرض"، حيث تشير بيانات دائرة الأراضي والمساحة للعام الماضي إلى أن حوالي 21 % من مالكي الأراضي هم من النساء مقابل 73.8 % للذكور، وبالنسبة لملكية الشقق لا تملك النساء سوى 25.5 % مقابل 69.5 % للذكور .وتتيح القوانين، تسجيل الأراضي بصورة مشتركة باسم الزوجين، وللمرأة تلقائياً بالاحتفاظ بملكية جزء من هذه الممتلكات، حيث بلغت الملكية المشتركة للأراضي والشقق(4.8 % و4.9 %) على التوالي.
بالرغم من تمتع المرأة بحقوق متساوية في تسجيل الأرض باسمها فردياً أو بشكل مشترك مع زوجها، إلا أن النسبة المئوية لصاحبات الأراضي من الإناث ومساحة الأراضي التي تمتلكها المرأة ما تزال منخفضة.وذلك لعدد من العوامل، منها "أن معظم الأراضي التي تمتلكها المرأة تنقل لها عن طريق الميراث، والذي عادة ما تلعب العادات الاجتماعية دورا سلبيا فيها تؤدي لتخليها عنه".
كما تشير البيانات إلى أن 43.6 % من مجموع مالكي الأوراق المالية عام 2014 هم من النساء مقابل 56.4 للذكور، إلا أن القيمة الإجمالية للأوراق المالية التي تمتلكها النساء منخفضة مقارنة مع الرجال حيث القيمة للنساء 20.9 % مقابل 79.1 % للذكور، وتمثل هذه النسبة حوالي خمس القيمة الإجمالية للأوراق المالية، بحسب الورقة.
أن الحصول على قروض ائتمانية يشكل العقبة الرئيسية أمام الابتداء بمشروع أو التوسع به، كما تؤدي التحديات التي تواجهها المرأة في الحصول على قرض من المصادر المالية الرسمية إلى اللجوء للقروض الصغيرة كأفضل خيار ثان، ما يعني أن كثيرا من المستثمرات أو صاحبات الأعمال يتجهن إلى القروض الميكروية باعتبار ذلك أفضل لهن.إن ارتفاع نسبة النساء المقترضات من عام 2008-2013، حيث حصلن على أكثر من ثلثي القروض وبنسبة بلغت 76 % من إجمالي القروض الممنوحة عام 2013 ، إلا أن قيمة القروض الإجمالية للإناث انخفضت لتصل إلى 44.1 % من إجمالي قيمة القروض الممنوحة عام 2013.
وتشير النتائج إلى أن 21.4 % هي نسبة ارتفاع العاملات والمؤمن عليهم في الضمان الاجتماعي خلال ستة أعوام خصوصا بعد ما أسهمت التعديلات الأخيرة على القانون في زيادة قدرة المرأة في الحصول على حقوقها مثل: المعاشات التقاعدية وتغطية استحقاقات الضمان في القطاع الخاص، وتأمين إجازات الامومة، والعديد من التسهيلات الأخرى وخصوصاً في القطاع الخاص.
المبررات:
أشارت تقارير صادرة عام 2015 عن الأمم المتحدة، إلى أن 49 % من العاملات في الأردن يحصلن على رواتب أقل من أزواجهن. وهذه النسبة تتضاعف مقارنة بالمعدل العالمي إذ إن 24 % من النساء العاملات حول العالم يحصلن على أجور تقل كثيرا عن أجور الرجال. والحال هذه يظل يتساءل البعض عن أسباب تدني مشاركة المرأة الأردنية في النشاط الاقتصادي وسوق العمل، حيث بلغ معدل البطالة للإناث 22.5% مقارنة بالذكور 11% (المصدر: دائرة الاحصاءات العامة، الكتاب الاحصائي السنوي الاردني 2015).
إرسال تعليق