معنيون بقانون العمل يتفاجؤون بوأده بعد أسبوعين على ولادته .. رانيا الصرايرة



رغم أنه لم يمض سوى أسبوعين على صدور القانون المعدل لقانون العمل رقم 14 لعام 2019، في الجريدة الرسمية في السادس عشر من الشهر الحالي إلا أن الحكومة فاجأت المهتمن بالقانون بأخبار تؤكد نيتها فتحه من جديد، وارساله إلى مجلس الأمة ليعرض للمناقشة في دورته الاستثنائية المقبلة.
وذكرت الانباء أن التعديل المنوي اجراؤه من الحكومة سيطال مادتين تتعلقان بصلاحيات وزير العمل بحل النقابات ووضع الأنظمة الداخلية لها، في حين غاب ملف التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية عن اجندة الحكومة في تعديلاتها المقبلة للقانون بحسب المعلومات المتوفرة لغاية أمس.
وعن الدوافع وراء فتح القانون من جديد، تشير المعلومات إلى أن عرّاب الموقف حاليا هو وزير العمل الجديد نضال البطاينة، الذي زار قبل حوالي أسبوع، اتحاد نقابات عمال الأردن واجتمع مع رئيسه مازن المعايطة ورؤساء النقابات العمالية ليدور نقاش، يؤكد مصدر مطلع، ان البطاينة اقتنع به وتبناه واقنع به رئيس الوزراء عمر الرزاز، يؤكد ضرورة إعادة فتح قانون العمل وتعديل 3 مواد يرى اتحاد العمال وجوب تعديلها بطريقة تكون أقرب لالتزامات الأردن الدولية.
وكان الرزاز التقى قبل أيام بوفد يمثل منظمات دولية أكدوا له أن قانون العمل بعد التعديل أصبح يخالف التزامات الأردن الدولية، ولا يتفق مع ما وقع عليه منها الأردن، خاصة اتفاقيات منظمة العمل الدولية، شارحين أثر ذلك على الأردن خلال الفترة المقبلة، أقلها وضعه على القائمة السوداء في لجنة المعايير الدولية التابعة لمنظمة العمل الدولية ما يعني احتمالية عدم استفادة الأردن من مشاريع وقروض ومنح توفرها الدول المانحة.
ورغم أن خبراء في سياسات العمل يؤكدون أهمية تعديل المادتين المنوي فتحهما للنقاش، إلا انهم يؤكدون ضرورة عدم غياب المواد الاخرى الذي سبق وان طالبوا بتعديلها.
الأنباء التي تتحدث عن فتح القانون من جديد، ولد حالة نقاش يشوبها امتعاض من قبل المتابعين لكيفية تعامل السلطات التنفيذية والتشريعية، طوال الفترة الماضية مع تعديلات القانون، حيث يبدي البعض استغرابه من إعادة فتحه فقط لمناقشة هذه المواد، على أهميتها، وترك المواد الأكثر أهمية مثل المواد الخاصة بالنزاع العمالي والتنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية والتي شهدت الأشهر الأخيرة، قبل اقرار القانون حراكا نقابيا وعماليا واسعا من قبل منظمات المجتمع المدني والنقابي لمحاولة التأثير باتجاه تعديل هذه المواد، إلا أن هذا الحراك لم يجد آذانا صاغية بحسب مراقبين.
والمواد التي تعتزم الحكومة تعديلها في القانون هي المادة 37 التي تعطي صلاحيات لوزير العمل بحل الهيئة الإدارية للنقابة والإبقاء على صلاحيات الحل إما قضائيا أو بقرار من الهيئة العامة للنقابة، وهو ما أعتبره مراقبون تراجعا يخالف مبدأ أساسيا من مبادئ الحرية النقابية وحق التنظيم.
أما المادة الثاني فهي 29 التي تنص على الزام المصادقة على الأنظمة الداخلية للاتحاد العام والنقابات العمالية من قبل وزارة العمل.
مقرر لجنة العمل النيابية النائب خالد رمضان أعرب عن ترحيبه بفتح قانون العمل للنقاش مرة اخرى، ويؤكد أن المادتين اللتين يدور الحديث عنهما مهمتان جدا، إلا انه أكد تفضيله فتح كل مواد القانون للنقاش والتوافق على الخلافية منا ليحظى القانون بانسجام أكبر مع الدستور الأردني، وبما يضمن الحرية النقابية للعمال، وكذلك ليتواءم مع التزامات الأردن الدولية.
ويتساءل رمضان ” ما الذي يمنع من فتح كل مواد القانون ؟ ولماذا لا نبدأ بالتفكير بايجاد قانون خاص للتنظيم النقابي ؟ علينا جميعا التفكير في هذا الاتجاه لاهميته”.
بدوره يفسر مدير بيت العمال حمادة أبو نجمة اتجاه الحكومة لإعادة فتح القانون للنقاش بالتأكيد بأن الحكومة وفي المراحل الأخيرة من مناقشات تعديل قانون العمل وعت أهمية العودة عن بعض التعديلات التي تمثل تراجعا في مدى انسجام قانون العمل مع معايير العمل الدولية، خاصة فيما يتعلق بالنقابات العمالية، والنصوص التي سمحت لوزير العمل بحل الهيئات الإدارية للنقابات وتعيين هيئات مؤقتة، واشتراط مصادقة الوزارة على الأنظمة الداخلية لها، وإعطاء وزير العمل صلاحية تصنيف الأعمال والصناعات لغايات إنشاء النقابات.
ويضيف أن الحكومة” لم تنجح في الدفع إلى إلعودة عن هذه التعديلات، وأصر مجلس الأمة على الإبقاء عليها…ولذلك كان التوجه نحو اقتراح قانون معدل جديد يعالج هذه القضايا، تضعه وزارة العمل وترسله لرئاسة الوزراء للسير بالإجراءات الدستورية بشأنه، تجنباً للانتقادات الدولية”.
وأكد أبو نجمة أنه رغم أن هذه التعديلات تتطلب إجراء عاجلاً للعودة عنها، إلا انه يوضح انه من المعروف أن مراجعة قانون العمل في مرحلة يستغرق وقتا طويلا ليتم إقراره، ومن المعروف أيضا أن هناك مواد أخرى عديدة في القانون بحاجة الى مراجع وتطوير، حيث تم في الأعوام الماضية التشاور بشأنها بين اطراف العمل الثلاثة (العمال وأصحاب العمل والحكومة) والخروج بتوصيات ارسلتها الوزارة إلى مجلس الوزراء للسير بها، ولكن الإجراءات توقفت عند ذلك الحد لوجود القانون المعدل المؤقت الذي كان في عهدة مجلس النواب، وبقي في انتظار اقراره ما يقرب من 9 أعوام إلى ان تم إقراره مؤخرا.
وعليه يقول أبو نجمة أنه من الأفضل إعادة مراجعة مجمل هذه التعديلات معا لأهميتها، وبما يضمن أحكاما تتعلق بتنظيم العلاقة بين العمال وأصحاب العمل والنزاعات العمالية وتسويتها والإجراءاءات القضائية، والحقوق العمالية من جوانب متعددة وعمل المرأة، إضافة لأي تعديلات اخرى تستدعي الضرورة مراجعتها بما ينسجم مع المعايير الدولية والمصلحة الوطنية وضمان حقوق العاملين واستقرار علاقات العمل وتوازنها.
رئيس اتحاد النقابات المستقلة سليمان الجمعاني يؤكد ضرورة فتح كل مواد القانون للنقاش وتعديلها بحيث تضمن إعطاء الحق للعمال بتنظيم أنفسهم والمفاوضة الجماعية، من خلال السماح لهم بإنشاء نقابات، وهو حق مكفول في الدستور الأردني، كما تكفله الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الأردن منذ عقود طويلة، ويستدل أن هذا الحق مقيد بقانون العمل، وبذلك حصر القانون ممارسة هذا الحق في يد 17 نقابة عمالية فقط، وحرم بقية العمال من حرية تأسيس واختيار النقابات التي يريدون تأسيسها أو الانضمام اليها”.
ويرى الجمعاني أن القانون بشكله الحالي يعيق عمل النقابات العمالية ويمنعها من ممارسة أنشطتها الساعية لتحقيق المزيد من الاستقرار للعمال بسوق العمل. 
(صحيفة الغد)

اقرأ أيضاً:

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020