تعديلات قانون العمل والنقابات العمالية .. هل من جديد؟!


حاتم قطيش

تواردت الأنباء عن ترجيح عقد دورة استثنائية لمجلس النواب لمناقشة عدة قوانين من ضمنها تعديلات قانون العمل التي تم اقرارها مؤخراً ونشرها في الجريدة الرسمية والتي تنبهت الحكومة -متأخرة- أن القانون به ثغرات وأنها تتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي يلتزم بها الأردن !!
على مدار أشهر عديدة وبينما كانت تعديلات قانون العمل في أروقة مجلس النواب والأعيان شهدت هذه التعديلات اعتراضات من عدة جهات مهتمة ببعض المواد في هذا القانون وتراوحت هذه الاعتراضات من وقفات احتجاجية وبيانات شديدة اللهجة وأخرى خجولة ، ولعل من أبرز الحراكات الناجحة هو تحالف "صداقة" المهتم بموضوع الحضانات المؤسسية فكان حراكهم ملفتاً من ناحية تواجدهم في الساحة طوال الوقت واصرارهم علىى حضور كافة جلسات مجلس النواب وعقدوا تحالفات ولقاءات مع النواب والكتل النيابية وأصدروا بيانات ونشرات توعوية واطلقوا عدة عواصف الكترونية ومارسوا نضالاً نقابياً لا يملك أي منصف الا أن يرفع لهم القبعة على نجاح مسعاهم رغم عددهم القليل .
النقابات المستقلة كان لهم تحرك اعتراضي أيضاً ضد هذه التعديلات ولكن خطابهم كان يتصف أنه موجه للنخب وبلكنة مناسبة وتفهمها الجهات الخارجية الداعمة لمؤسسات المجتمع المدني أكثر منه الى الداخل فأقاموا عدة وقفات احتجاجية رمزية وباعداد متواضعة  -تفسر ابتعادهم عن الشارع لاحقاً- وأصدروا البيانات الرافضة لهذه التعديلات، ولكن الملفت بحراك النقابات المستقلة هو تركيزه على مواد محددة فقط تتعلق بحرية التنظيم النقابي وانشاء النقابات فقط واغفلوا تماماً الاشارة الى مواد مهمة جداً تكبل أيدي النقابيين والنقابات وتمارس الوصاية عليهم كالمواد التي تتحدث عن مصادقة وزارة العمل على الأنظمة الداخلية للنقابات والغاء الفروع النقابية وزيادة مدة عقد العمل الجماعي ..الخ.
النقابات العمالية كان موقفهم متبايناً بين نقابات مهتمة وذات حراك ونشاط واضح وأخرى غائبة لم تتحرك قيد أنملة ولكن بالمجمل كان حراك الاتحاد العام الذي يضم هذه النقابات العمالية -في نظري- متواضعاً ولا يتناسب مع مكانة الاتحاد وقوته على الأرض فهو الممثل "الشرعي" الوحيد للعمال بالنسبة للحكومة وهو الذي يضم تحت لوائه عشرات الآلاف من العمال والنقابيين مما يعطي زخماً لأي تحرك على الأرض ولكن الاتحاد آثر الابتعاد ما أمكن عن التواجد في الشارع ومارس الاعتراض في الخفاء عن طريق مخاطبات رسمية وبيانات واتصالات خاصة ولكن من الواضح أن هذه التحركات لم تكن كافية بل جعلت مجلس الاعيان يستثني الاتحاد من اللقاء الذي جمعه مع العديد من الجهات المعترضة على تعديلات قانون العمل ومؤسسات المجتمع المدني الامر الذي يعتبر تعدياً على الارادة والحركة العمالية في الأردن عموماً.
نحن الآن قد نكون أمام فرصة جديدة لجميع "الفرقاء" النقابيين والمهتمين بهذه التعديلات للممارسة نضال نقابي جديد والذي يفترض به أن يكون مختلفاً عن ما تم ممارسته خلال الأشهر الماضية والذي أثبت عدم نجاعته وفاعليته، اذ لا يمكن لنا أن نمارس نفس المقدمات ونتوقع الحصول على مخرجات مختلفة!!
أتمنى على المستوى الشخصي أن نلحظ حراكاً احتجاجياً مختلفاً في الاعتراض على هذه التعديلات المجحفة ومحاولة تدارك ما يمكن تداركه ونرى على أرض الواقع ما يصلح أن يطلق عليه "نضال نقابي" يعيد للنقابات العمالية والنقابيين والعمال هيبتهم ومكانتهم ويجبر الآخرين على السماع لهم ، وقد أشطح في الخيال قليلاً لأتمنى أن يتم انشاء تحالف يضم كافة المعترضين والمهتمين بتعديلات قانون العمل ليشكلوا تفاهماً يؤسس لمراجعة شاملة لجميع مواد قانون العمل ينصف الحركة النقابية والعمالية في الأردن وينسجم مع حقوق الانسان والاتفاقيات الدولية والحريات النقابية، ولعل الجهة الأكبر والأنسب التي تصلح لانشاء هكذا تحالف هي النقابات العمالية ممثلة بالاتحاد العام .. فهل يفعلها الاتحاد؟!

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020