الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش
أقدمت الحكومة منذ عدة أسابيع على اتخاذ عدة قرارات من شأنها احالة المئات بل الآلاف من العاملين في القطاع العام ثم البلديات الى التقاعد وبررت الحكومة هذه الخطوة بعنوان لطيف وهو "ترشيق القطاع العام" ، الامر الذي نفاه الكاتب ماهر أبو طير في مقاله على لسان أحد رؤساء الحكومات السابقين الذي برر أن خطوة الحكومة في التخفيف من اعداد الموظفين يأتي كتجاوب مع متطلبات مؤسسات مالية دولية ترى في تضخم الكادر الوظيفي مشكلة كبرى تضغط على الموازنة وعلى "سداد الديون"!! ، ومما يعزز هذا الرأي قرار مجلس الوزراء بتكليف وزير العمل بالدراسة والتنسيب حول امكانية احالة من اتم 25 سنة في الضمان الاجتماعي للتقاعد المبكر.
مؤسسة الضمان الاجتماعي بدورها أخذت على عاتقها منذ بداية العام محاربة ظاهرة التقاعد المبكر على اعتبار أن نسبة نمو المتقاعدين في الضمان تفوق نسبة نمو المشتركين بها فنظمت المؤسسة عدة لقاءات وندوات بهذا الخصوص واتخذت عدة خطوات كان آخرها اقتراح المشروع القانون المعدل لقانون الضمان الاجتماعي الذي يقترح الغاء التقاعد المبكر عن المشتركين الجدد في الضمان الاجتماعي بهدف الحفاظ على الحماية الاجتماعية للعمال، ولكن الملفت أيضاً في اقتراح الضمان بهذا الخصوص أنه يأتي فقط ليلغي التقاعد المبكر من غير اتخاذ اجراءات أخرى تحافظ على الحماية الاجتماعية للعمال والتي كفلتها الاتفاقية الدولية رقم 102 والتي تحمل اسم المعايير الدنيا للضمان الاجتماعي وتتحدث عن تسعة تأمينات أساسية يجب أن يتمتع بها العامل كحد أدنى، نحن في الأردن لم نحقق سوى خمس من هذه التسعة تأمينات.
الملفت في الدعوتين المتناقضتين للحكومة والضمان أنهما تشتركان كونهما تأتيان في اطار القرارات الباراشوتية بمعنى أن الحكومة اتخذت قراراها باحالة الآلاف الى التقاعد بطريقة فردية ومن غير أن تحاور الشركاء الاجتماعيين وأيضاً انتهجت مؤسسة الضمان الاجتماعي نفس النهج والطريقة بحيث ارسلت مقترحاتها لقانون الضمان الاجتماعي بطريقة فردية ومن غير أن تحاور الشركاء الاجتماعيين، بل انها أعلنت أنها عكفت على دراسة هذه التعديلات لأكثر من تسعة أشهر ولكن هذه الدراسات كانت حبيسة الغرف المغلقة ومقتصرة على الحكومة فقط وكأنها لا تريد أن تسمع صوت غير صوتها!!
الحوار الاجتماعي هو الوسيلة الامثل لانتاج قوانين مثلى لا تتعارض مع الاتفاقيات الدولية ولا تنتقص من الحقوق العمالية ولا تكرس لعدم العدالة بين العمال ولا تؤثر على الحماية الاجتماعية لهم ، لذلك ولعل المطلب الأساسي قد يكون في تغيير نهج الحكومة في سياساتها حتى لا يكون هناك تخبط في التشريعات تنتج تشوه في هرم الاقتصاد الوطني الذي يشكل العمال القاعدة الراسخة له.
اقرأ أيضاً:
إرسال تعليق