جواد جلال عباسي
لننظر الآن إلى مقترحات مشروع تعديل قانون الضمان الاجتماعي كما أتت من الحكومة مع ملاحظات عليها. مع التذكير بضرورة عرض أحدث دراسة اكتوارية بكامل تفاصيلها وفرضياتها قبل مناقشة أي تعديل مقترح.
يقترح التعديل إلغاء التقاعد المبكر لكل مشترك جديد باستثناء العسكريين. لربما ان مقترح الغاء التقاعد المبكر للمشتركين الجدد فيه منطق من الناحية الاكتوارية والاقتصادية. لكننا نذكر ان نفس المقترح كان قد قدم في 2014 حيث اقترحت الحكومة تعديل قانون الضمان مع إلغاء التقاعد المبكر للمشتركين الجدد. في مجلس النواب تم رفض المقترح والإبقاء على التقاعد المبكر لكن بالمقابل رفع مجلس الامة عبء اقتطاع الضمان الاجتماعي (على الموظفين والشركات) من 19.5 % من راتب الموظف في 2014 إلى 20.25 % في 2015 و 21 % في 2016 و 21.75 % في 2017. وعليه فان اقتراح الغاء التقاعد المبكر يجب أن يأتي أيضا مع تخفيض الاقتطاعات إلى ما كانت عليه (19.5 % بدلا من 21.75 % حاليا). وهذه يساهم في تحفيز الاقتصاد نسبيا.
يقترح مشروع القانون المعدل أيضا تحسين أساس حساب الراتب التقاعدي للعسكريين مع زيادة في الاقتطاعات التي ستدفعها الخزينة إلى حد اقصى يصل إلى 20.5 % بدلا من 20 % وهو الحد الأقصى في القانون الحالي تتحملها كاملة خزينة الدولة. وكذلك يقترح زيادة اقتطاع الضمان من راتب العسكريين من 5.5 % إلى 6.5 %. أي ان المقترح يشمل زيادة عبء خزينة الدولة في بند رواتب العسكريين بنسبة نصف في المائة من الإجمالي وتقليل ما يأخذه العسكري من راتبه إلى بيته بنسبة 1 %! وهذه الكلفة الجديدة على الخزينة ستأتي حصرا من ديون و/أو ضرائب جديدة. أي ان المقترح كله قرار انكماشي بامتياز خصوصا وان تأمين العسكريين بالتحديد مكفول من الحكومة المركزية بنفس نص قانون الضمان فلِمَ زيادة العبء على الخزينة في ظروف اقتصادية صعبة؟
يقترح مشروع تعديل القانون أيضا اعفاء بعض الشركات المشكلة حديثا و\أو القديمة من شمول موظفيها في كل أو بعض تأمينات الضمان لمدة خمس سنوات. ومع ان هذا يزيل عبئا عن الشركات المؤسسة حديثا لكنه بذات الوقت يحرم هؤلاء الموظفين من اشتراك الضمان وتجميع سنوات اشتراك في الضمان والتي هي أساس الكثير من منافع الضمان. فيكون الاقتراح هنا “كرما” من جيوب الموظفين لا من جيب الضمان ولا الحكومة ولا أصحاب العمل. الحل بتخفيض في كلفة الضمان على الجميع لا بحرمان الموظفين أو بعضهم من الشمول بتغطية الضمان. أو إيجاد أسلوب اخر يشجع على تشغيل الشباب العاطل عن العمل لأول مرة بدون الكرم على حسابهم!
لتحفيز إنشاء الشركات والتوظيف لربما يجب التفكير بإعفاء الشركات ذات الطبيعة المعرفية والعاملة في مجال الاقتصاد المعرفي والرقمي من شرط رخصة المهن لفترة عدة سنوات كون موظفيها يستطيعون العمل من بيوتهم أو من المقاهي عبر الانترنت. حيث ان شركة برأس مال خمسين الف دينار مثلا تكون كلفة رخصة المهن عليها لأول سنة اكثر من 10 % من رأس المال كونها تشترط استئجار مكتب وديكور واثاث قبل اصدار رخصة المهن التي تطلبها البنوك لفتح حساب بنكي. موضوعيا فإن عبء رخصة المهن على الشركة الخدمية الناشئة الصغيرة أكثر بكثير من عبء اقتطاعات ضمان موظفيها في السنوات الأولى لها.
يجب ان نتذكر هنا ان رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز في العام 2010 ،عندما كان مديرا للضمان، قال بعد تعديل قانون الضمان الاجتماعي في 2010 ان “قانون الضمان الاجتماعي أوصلنا إلى بر الأمان”. ومن ثم عدنا وعدلنا القانون مرتين بقانون مؤقت وقانون دائم في 2014 وها هي حكومة الدكتور الرزاز نفسه تطلب تعديلا جديدا في 2019!
اقرأ أيضاً:
إرسال تعليق