د.ابراهيم العجلوني يكتب .. الاردن دولة الانتاج والنهضة أم دولة الرفاه



     تحدث دولة رئيس الوزراء الرزاز في خطابه للحصول على الثقة: (فمشروع النّهضة الوطنيّة الشّاملة إذاً، هو الغاية التي تتماهى مع الطّموح، والعقدُ الاجتماعيُّ هو النّهج والوسيلة التي ستوصلنا إلى النّهضة الوطنيّة الشاملة؛ فالمواطنة تُبنى على الحقوقِ والواجبات، والمشاركة الفاعلة في الإنتاج؛ ودور الحكومات اليوم هو تحقيقُ النّهضة الشّاملة بالشراكة مع مجلس الأمة، ومؤسّسات المجتمع، والقطاع الخاص؛ فمن واجبها تقديم خدمات تعليمٍ وتدريبٍ وتأهيلٍ تساعدُ جيل الشّباب على أن يكونوا مواطنين منتجين، وتقديم خدماتٍ صحيّة، واجتماعيّةٍ، ونقل عامٍّ، وأمن عامٍّ وبرامجَ حماية، وتنمية في المناطق المهمَّشة). المفهوم هو النهضة ودولة انتاج وهذا يدخل في مفهوم دولة الرفاه  وأصل دولة الرفاهيّة الأولى يرجع إلى التّشريع الذي أقره "أوتو فون بسمارك" خلال الثمانينيات من القرن التاسع عشر لزيادة الامتيازات التي يحصل عليها جانكر (العضو في طبقة الامتياز العسكرية في ألمانيا) كإستراتيجية لجعل الألمان العاديين أكثر ولاء للعرش ضدّ الحركات الحداثية للّيبراليّة الكلاسيكيّة والاشتراكيّة.   
       كان يُنظر إلى دولة الرّفاه خلال فترة الكساد الكبير، على أنها "طريق وسط" بين أقصى درجات الشيوعيّة على اليسار، والرأسماليّة الغير منظّمة لسياسة عدم التدخل على اليمين.  انتقلت بلدان في أوروبا الغربية في الفترة التي تلت الحرب العالميّة الثانية، من تقديم خدمات اجتماعيّة جزئيّة أو انتقائية إلى تغطية شاملة نسبياً "من المهد إلى اللحد" للسكان.
      هذه المقالة وبمناقشة مختصرة للخلفية التاريخية للمبررات والقوى السياسية وراء بناء دولة الرفاه الحديثة، من حيث الكفاءة الاقتصادية وإعادة التوزيع، نحاول أيضًا تحديد بعض المشكلات المعاصرة لدولة الرفاه، التي تفرق بين الصدمات الخارجية والداخلية وتعديلات السلوك من قبل الأفراد إلى دولة الرفاه نفسها وبالعكس لتشمل تشوهات الضرائب والمخاطر الأخلاقية والتغيرات الداخلية في الأعراف الاجتماعية المتعلقة بالعمل وغيرها ، لذا اجد لزاما منقاقشة بعض الامور التي تساعد او تمنع الحكومة من تفعيل دولة الرفاه:

الخطاب الواحد و الثابت:
 التصريحات المتضاربة للحكومة في نفس الموضوع بحاجة لاعادة هيكلة طريقة ونظام اصدار التصريحات فيوميا نسمع تصريح محتلف لنفس الموضوع من شخصين مختلفين او تصريحين لنفس الموضوع بوقتبن مختلفين، الامر الذي يسهل تفاديه  بتوحيد الرؤيا والمعلومة قبل مواجهة الجماهير، الخطاب الواحد والثابت يخلق الثقة وهي اساس التفاعل بين الاطراف.

 الاستثمار:
       هل الاردن جاذب للاستثمار بمفهوم عالمي ام انها امنيات و تصريحات هنا نحتاج للتقارير و لانحتاج للمعلومات التقارير الواضحة المحايدة مع مراجعة شاملة لمنظومة التشريعات مع ضمان ثباتها لفترة طويلة لتعطي الشعور بالاطئننان مع مميزات استثمارية حقيقة وضمان للاستثمار من قبل الدولة للمستثمر الخارجي وامان للريادي المحلي، فلابد من دعم الاستثمار وربطه بالمورد البشري المتوفر.

حجم السوق: 
       هل تطور حجم السوق الاردني الاعتماد على حجم السوق هو الواردات و الصادرات والعائدة بالاصل من الاستثمارات فما حجم الاستثمارات في الاردن وهنا نركز على الاستثمارات الاجنبية الكبرى الحقيقية والريادية المحلية الصحيحة بقيمة اجمالية وهذا هو المحدد لفرض الضرائب حتى تكون ذا قيمة على الدولة اما ثبات حجم السوق مع زيادة الضرائب فسيكون المردود عكسيا على حجم الايرادات للخزينة كما هو الحال حاليا ولم يكن مفاجئا الا لاعضاء الحكومة للاسف (فاين الرقابة المستمرة على الايرادات وتحليلها؟؟!!
الحقوق المدنية والانسانية:
     لابد من تطبيق اعلى معايير من الشفافية في الحقوق المدنية والانسانية بما يتمشى مع قيمنا العربية و الاسلامية اولا ثم المعايير العالمية خاصة فيما يتعلق باعلان حقوق الانسان و للوصول لحقوق الانسان والعمالة والطفولة والمساوة بيم الجنسين بمنظومة شاملة من التشريعات.
العمالة وحقوقها:
      المراجعة الشاملة للقوانين والانظمة العمالية والنظر لها من منطق شمولي لرفع كفاءة العمل والانجاز والوصول للطرف الاخر اعلى اجر واكبر حقوق ولابد من دراسات خاصة بنوع وعدد العمالة المصدرة و المستوردة و الموازنة بينها على ان تكون اكتوارية متخصصة مرتبطة بالتعليم والتدريب والخطط الاستراتيجية ضمن احتياجات سوقنا الداخلي والاسواق المستقبلة لعمالتنا.
 التناسق السياسي و الاقتصاي:
      رغم وجود فريق اقتصادي (غير مقنع بنتائجه) و لكن للاسف لايوجد فريق سياسي في الحكومة والسياسة (مع ان الاصل في دور الحكومات السياسة لا المهنية) وخاصة الخارجية مرتبطة بوزارة الخارجية و الواضح انها تابعة للقصر مباشرة وهذا افضل ولكن لايوجد تناغم من قبل الحكومة مع هذا الملف وحتى في الملفات الاخرى ولو كنت مخطئا لما اضطر جلالة الملك للتدخل في امور تنفيذية بسيطة و القيام بزيارات ميدانية نابعة من حرص جلالته على تنفيذ او تشغيل (للاسف) بعض المشاريع  وايضا لابد من ضمانة لقوة التشريعات وثباتها فلم يعد الوضع يحتمل تغير وتعديل القوانين والتشريعات كل حين او ترجمة بعض الاقوانين العالمية.
 التخطيط وادارة المخاطر:
     المخاطر أوالتهديدات من المحتمل أن تؤثر على المشروع وقد تؤدي إلى تأخير أو تقليل مخرجات المشروع، أو خفض النفقات أو زيادتها و / أو خفض جودة المخرجات  بالنسبة لمعظم المشاريع الكبيرة / المعقدة ، ينبغي تحديد عدد من المخاطر عالية المستوى خلال مرحلة بدء المشروع - وينبغي استخدام هذه كأساس لإجراء تحليل أكثر شمولاً للمخاطر التي تواجه المشاريع ولا ننسى التخطيط المرتبط ببرامج زمنية ومالية وتفعيل الرقابة لضمان الحصول على نتائج حقيقية في المدة الزمنية المحددة و بنفس التكاليف وذلك بتجديد ادوات الرقابة وخاصة الداخلية ضمن المؤسسات.

        ولنرجع للبداية لما ذكره دولة الرئيس ونعرف دولة الانتاج: انها امتلاك الدولة لجميع مدخلات الانتاج سواء كانت بشرية او موارد طبيعية والاهم من ذلك رأس المال القادر على استثمار وتوظيف هذه العناصرمع الكفاءات الحقيقية؛ والسؤال هنا هل يمكن تطبيق هذا المفهوم في الدولة الاردنية التي يغيب فيها رأس المال الذي يحقق مفهوم الانتاج وغياب الحقوق العمالية (الاجر المناسب و الحقوق) لتحفيز العمالة المحلية للابداع والانتاج ولو تجاهلنا المورد الطبيعي الداخل في الانتاج (هناك دول كثيرة ابدعت وتطورت بدونه) ولكنه يخلق قيمة مضافة لعملية الانتاج في الاقتصاد نعم الاقتصاد الوطني يعاني من ندرة كل هذه العناصر ولكن اجزم ان الرئيس كان يمكنه تجاوز هذه العناصر لو كانت الفترة الماضية تحمل انجازأ مبتكرا ولكنه التنظير لا العمل للاسف، وهو في رحلة تسويق الكتروني غير مفهومه للعامة من خلال التصريحات في الاعلام والسوشيال ميديا، وان بدا مثل هذا التصور غير حقيقي وغير قابل للتطبيق في ظل المعطيات والاشخاص الموجودين حاليا لكنه ليس مستحيل وليس بعيد الامد كما يصفه النوع الاخر الموجود في مكون الحكومة، وانا اجزم انه قريب بارادة الشعب وكفاءات يحتضنها الاردن ولكن للاسف لا ترحب بهم الحكومة ولا تشركهم لا بالقرار او الفرص بل بالعكس تستبعدهم فلاصحاب و الاقارب اولى في الفائدة على حساب الوطن.

       بالطبع ، لاالعوامل التاريخية ولا المبررات النظرية في حد ذاتها يمكن أن تفسر ظهور وتوسع التطبيق الفعلي لدولة الرفاه، بدون الإشارة إلى العمليات السياسية المطلوبة؛ في البلدان التي تعتمد فيها السياسات على العملية الانتخابية ، وتوزيع التصويت للسلطة عبر المجموعات الاجتماعية والاقتصادية. ولشرح إعادة التوزيع سياسيا عبر الأجيال عن طريق توزيع قوة التصويت، على سبيل المثال ، قد تنقل الأجيال الحالية الموارد لأنفسهم على حساب الأجيال المقبلة ، والتي (بحكم التعريف) ليس لديهم حقوق التصويت، رغم أنها قد تتراجع لاحقًا عن الامتيازات السياسية التي حصلت عليها في وقت سابق ، من الطبيعي أن يدفع الشباب الذين لديهم أطفال سياسيا للتعليم (والاستثمار في البنية التحتية) ، في حين أن الاباء الأكبر سنا منهم يدفعون من أجل أنظمة معاشات ورعاية الشيخوخة، هنا يأتي الدور السياسي نتيجة لهذه المصالح المتنوعة و التي تبدو متناقضة (عائدة لنوعية الاهتمام حسب المرحلة العمرية)، إذن ، من المتوقع أن تعتمد القرارات على النسبية في حجم قوة المجموعات العمرية المختلفة حسب النسبة الكلية للفئات.
  ومن هنا ظهرت دولة الرفاه للحد من هذا الاختلاف في المصالح وتضاربها مع اختلاف الفئة العمرية دون الحاجة لتصويت لانها حقوق لا تاخذ دورا سياسيا او فضل من احد؛ تشمل الاسكان ، وإلزامية ودعم (مجاني ) للتعليم والتأمين الصحي  والمعاشات التقاعدية ....الخ.
على مدى العقود المقبلة ، سيكون هناك العديد من التحديات التي تواجه النمو العالمي ، على الرغم من إستمرار الارتفاع في الاقتصادات الناشئة، أكثر من أي وقت مضى ، فإن الإنتاجية ستكون المحرك الرئيسي للنمو والازدهار في المستقبل. ارتفاع  الإنتاجية أمر ضروري أيضا لاستيعاب تأثير الضغوط الديموغرافية على الميزانيات العامة ، وللهروب من فخ اختفاء الدخل المتوسط الذي يصيب الكثير من الاقتصادات الناشئة وتعزيز حقبة جديدة من الكفاءة التي تقلصت بشكل كبير، ان ارتفاع الأجور يعكس عدم المساواة إلى حد كبير مع وجود التشتت المتزايد في متوسط الأجور المدفوعة، وازدياد عدم المساواة في الأجور. ان قائمة العقبات التي تحول دون ذلك طويلة. ومع ذلك ، اقترح أربعة عوامل تاثر في دولة الانتاج: 

أولاً: يجب توسيع التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر والمشاركة فيها والتنقل الدولي للعمالة الماهرة. 
ثانياً: ينبغي أن تكون الشركات - خاصة الجديدة -قادرة على تجربة التقنيات الجديدة ونماذج الأعمال. 
ثالثا: تحتاج الاقتصادات إلى الاستفادة من ندرة الموارد عن طريق تمكين العمالة ورأس المال والمهارات من التدفق إلى أكثر الشركات إنتاجية. 
رابعا: نحن بحاجة إلى الاستثمار في الابتكار ، بما في ذلك البحث والتطوير والمهارات والدراية التنظيمية لتمكين الاقتصادات لاستيعاب وتكييف وجني الفوائد الكاملة للتكنولوجيات الجديدة. الاستثمار في التعليم و المهارات هي مهمة بشكل خاص لضمان أن العمال لديهم القدرة على تعلم مهارات جديدة ، لجعل معظم الرقمنة والتكيف مع التكنولوجيات المتغيرة وظروف العمل. المهارات والإنتاجية هي المصادر الحقيقية للنمو القوي والشامل والمستدام.

        ختاما يقول ابن خلدون في مقدّمته: "المُلكُ بالجُندِ، والجُندُ بالمالِ، والمالُ بالخَراجِ، والخراجُ بالعمارةِ، والعمارةُ بالعدلِ"؛ والواضح ان المعنى واضح الاصل في الملك هوالدولة والجند هي الموارد البشرية ومنها نصل للعمارة وهو الهدف من خلق الله سبحانه وتعالى للبشر ولو فسرنا العمارة في مفهومها الحديث لن يكون لها الامعنى دولة الرفاه وهذا مرتبط حسب ابن خلدون بالعدل ومفهوم العدل الحديث في المجتمع المدني تكافيء الفرص والحقوق الاقتصاية والسياسية والمدنية، ولاان نبقى عالقين فقط بالخراج.

د. ابراهيم سليمان العجلوني
استشاري وباحث ادارة المشاريع
0797440433
ibr-ajl@rocketmail.com

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020