زميلي في العمل جهاز كمبيوتر !



الطريقة التي يتفاعل بها البشر مع أجهزة الكمبيوتر تشهد اليوم تحولاً كبيراً، وهو ما يؤثر على الطريقة التي سنعمل بها في المستقبل. فالعديد منا معتادون على التحدث مع الآلات بشكل يومي، عبر الأوامر البسيطة الموجهة لبرامج المساعدة الصوتية مثل (Siri) و(Alexa). وفي ظل ازدهار برامج المساعدة الصوتية الرقمية، أصبح من المتوقع زيادة عددها من 3.25 مليار برنامج عام 2019 إلى حوالي 8 مليارات برنامج عام 2023.

نحن نشهد اليوم انضمام جيل جديد، نشأ على استخدام الهواتف الذكية والمساعدين الصوتيين، إلى سوق العمل. وهذا الجيل يتمتع بالقدرة على إعطاء الأوامر للحواسيب فيما يتعلق بأداء الأعمال العادية الروتينية نيابة عنهم.

وفي الفترة الأولى من استخدام الحواسيب، كان الإنسان هو الذي يخدم الآلة عبر تغذيتها بالبيانات، من خلال الآليات المختلفة مثل البطاقات المثقبة، من أجل تشغيلها. واليوم، تطورت أجهزة الحواسيب إلى مجموعة من الأدوات، يسهل استخدامها عبر الشاشة التي تعمل كواجهة بيانات ثنائية الأبعاد، للقيام بمختلف المهام. إلا أن العلاقة التفاعلية بين الإنسان والآلة بدأت بالتحول تدريجياً، وذلك لأن أجهزة الحواسيب اليوم في طريقها لأن تصبح شكلاً من أشكال "الحياة" الذكية الأكثر انتشاراً عبر المنصات الرقمية جميعها والأنظمة الحاسوبية، ما سيساعد الأفراد على إنجاز المهام بطريقة أكثر سهولة وكفاءة.

لقد بدأنا مؤخراً رؤية مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على التفاعلات بين الإنسان والآلة. كما إن إمكانات برامج المساعدة الصوتية الذكية مثل (Amazon Echo) و(Apple HomePod) و(Google Home)، بدأت فعلياً بالتطور من دعم الأوامر الصوتية البسيطة إلى دعم الأنظمة البيئية الخاصة بالتطبيقات والتفاعلات في المنازل. ولا يزال أمامناً طريق طويل قبل أن نشهد استخدام البرامج الصوتية والذكاء الاصطناعي على نطاق واسع بكونها جزءاً أساسياً في أنظمة الشركات وتسيير الأعمال، إلا أنه يوجد بالفعل ما يشير إلى حدوث تحول جديد، سيكون له تأثير على مستقبل الشركات. فأجهزة الكمبيوتر تتحول اليوم من مجرد أداة إلى المفهوم البشري المتمثل في زميل أو مساعد.

إن الرابط العاطفي بين البشر والحواسيب بدأ هو أيضاً بالتحول. إذا استطاع الاثنان العمل معاً بطريقة تعاونية، قد نحصل في النهاية على علاقة قوية قائمة على الثقة بين الطرفين. لدى الحواسيب طريقتها الخاصة في النظر إلى العالم، حتى تساعدنا نحن البشر على تحقيق النجاح في المجالات الأخرى. 

في سوق العمل المستقبلي، ربما قد نرى الحواسيب تتعلم من الأفراد، وتقوم بأداء المهام الرتيبة والمتكررة، ما يتيح الفرصة أمام الإنسان لأن يصبح أكثر إنتاجية في الأعمال المعرفية. وربما نجد أيضاً تقديم المساعد الصوتي للحل الأمثل في بعض الحالات عبر إبدائه النصائح أو التوصيات للإنسان، وتحليل البيانات المتعلقة بأداء الإنسان، وإسداء النصيحة له حول كيفية ترتيب أولويات الأعمال، أو اقتراح الوقت الأمثل للتوقف عن العمل وأخذ الراحة. وفي النهاية، هذه الأمور جميعها يمكن تطبيقها على الاحتمالات الأكثر تعقيداً، مع إنفاذ الحاسوب توصياته على زميله الإنسان.

إن احتمالية كون الكمبيوتر الطرف الأكثر سلطة في هذه العلاقة يعتبر من ضمن الشواغل المثارة، ولكن عالمنا موجه نحو الإدراك البشري، ولا يزال الإنسان هو القائم ببرمجة تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، لذلك فهي تتقدم وفقاً للوتيرة التي نحددها نحن.

وقد نرى في المستقبل وجود رابط قوي بين البشر والحواسيب، مما قد يؤثر بشكل هائل على الطريقة التي نعمل بها لتحقيق أفضل النتائج. وفوق ذلك كله، سيتيح التقدم في استخدام الواجهات ذات "الهيئة الحاسوبية" إلى الواجهات ذات "الهيئة البشرية" للأفراد التواصل مع أنظمة الحواسيب والتعاون معها بطريقة أكثر طبيعية وبشرية، ما سيجعل مكان العمل مختلفاً.

*جيمس بولبين، مدير التكنولوجيا الأقدم لدى شركة (Citrix).

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020