بعث الناشط النقابي حاتم قطيش برسالة الى العين ورجل الأعمال الأردني طلال أبو غزالة يفند فيها المبررات التي ساقها أبو غزالة لتقليل الاجازات للعامل الأردني وتالياً نص الرسالة:
سعادة العين طلال أبو غزالة المحترم
تحية طيبة وبعد..
أكتب لكم هذه الرسالة وأنا أعلم حجم الانشغال الذي أنتم فيه ولكن لعلها تجد من وقتكم الثمين دقائق معدودة تسمعون فيها لوجهة نظر مختلفة وتسلط الضوء على زاوية رؤية قد تكون قد أغفلتها في موضوع الاجازات التي أثارت جلبة في الشارع الأردني أكثر من مرة بسب تصريحاتكم ورسائلكم في هذا الخصوص، فهذه الرسالة لا تأتي من باب المناكفات أو الجدال والمراء الذي لا طائلة منه، ولكنها من باب اتاحة الفرصة لك لسماع الرأي الآخر ومع شكي بأن تصلك الرسالة من الأساس أو أن تقرأها كاملة ومحاولتي للحصول على ايميلك الشخصي ولكني لم أنجح، فأرسلها لايميل مجموعتكم وهم سيقوموا بتمريرها لكم حسب ما وعدوني.
أعتقد أن الخلاف الرئيس على الاجازات للعمال تأتي من زاوية نظرك لهذه المسألة، فحسب ما فهمت من تصريحاتك عبر وسائل الاعلام -وقد أكون أخطأت الفهم- فأنت تعتبر أن الاجازات هي منح تقدمها الدولة أو أصحاب العمل للعمال وفي الحقيقة أن الأمر ليس كذلك اطلاقاً فالاجازات تعتبر من الحقوق الأساسية للإنسان وأحد معايير العمل اللائق كما ورد في الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948 الذي أكد على الحق بالعمل اللائق :" لكل شخص حقه في الراحة وأوقات الفراغ ، وخصوصاً في تحديد معقول لساعات العمل في اجازات دورية مأجورة".
وقد أشارت الاتفاقية الدولية رقم 52 عام 1936 في حديثها عن الاجازات أنه لا يجوز أن تندرج العطلات الرسمية والقانونية والانقطاع عن العمل بسبب المرض ضمن الاجازات السنوية للعامل، مما يعني أن حقوق العمال بالتمتع باجازاتهم السنوية والعطلات الرسمية والقانونية هو حق مكفول دولياً ولا يجب بحال معاقبة العامل -سواء قطاع خاص ام عام - الذين يستجيب لتعميم الدولة فيما يخص العطلات الرسمية والقانونية واحتسابها من ضمن اجازاته السنوية كما نطق بذلك تعميمكم على موظفي مؤسستكم الموقرة أثناء موجة الثلج في الموسم الماضي.
ولعل التشريعات الوطنية جاءت منسجمة مع هذه التشريعات الدولية فقد تحدثت المادة 64 من قانون العمل عن عدم مشروعية أي اتفاق بين صاحب العمل والعامل بخصوص التفاوض على اجازاته السنوية فقد جاء في نص المادة 64:" يعتبر باطلاً كل اتفاق يقضي بتنازل العامل عن اجازته السنوية أو عن أي جزء منها".
أما فيما يخص تبريركم فيما يخص الانقطاع عن العالم أو توقف عجلة الانتاج، فأقول ان قانون العمل الأردني أيضاً عالج هذا الأمر في المادة 59 حيث تنص المادة : " اذا اشتغل العامل في يوم عطلته أو أيام الأعياد والدينية أو العطل الرسمية يتقاضى لقاء عمله عن ذلك اليوم أجراً اضافياً لا يقل عن 150% من أجره المعتاد"، وهنا يعود تقدير هذا الأمر الى صاحب العمل الذي تقتضي طبيعة أعماله ضرورة عدم انقطاعه عن بقية العالم أو تأثر استثماراته كما وصفت في أحد المقابلات أن اليوم الواحد يكلف ملايين، وهنا تأتي المفاضلة بأن يبادر صاحب العمل الى عدم تقليل أرباحه من الملايين بدفع بعض الدنانير للعمال مقابل دوامهم في يوم عطلتهم أو اجازاتهم وفي هذا نحقق عدم تأثر أرباح صاحب العمل وبنفس الوقت يشكل هذا الأمر حافزاً مالياً للعامل لا سيما اذا ما علمت سعادتكم أن بعض العمال يستثمرون أيام عطلهم واجازاتهم السنوية للبحث عن عمل مؤقت يستعينون فيه على صعوبة العيش ويعوضون الأجور المتدنية التي يتقاضونها من أصحاب العمل.
في دولة المؤسسات والقوانين يكون الاحتكام دائماً الى القانون ونكون جميعاً أصحاب عمل وعمال تحت مظلة هذا القانون الذي يفترض به أنه ينظم علاقة صاحب العمل بالعامل ولا يجوز بحال أن يكون موضوع حقوقي كالاجازات مدار اجتهاد صاحب العمل أو تقديره الشخصي أو ترجمة لقناعاته الشخصية، لذلك جاءت المادة 77 من قانون العمل صريحة في هذا المجال والتي تتحدث عن " يعاقب صاحب العمل أو مدير المؤسسة عن أي مخالفة لأي حكم من أحكام هذا الفصل -الاجازات- أو أي نظام أو قرار صادر بمقتضاه بغرامة لا تقل عن مئة دينار ولا تزيد عن خمسمائة دينار وتضاعف العقوبة حالة التكرار ولا يجوز تخفيض العقوبة عن حدها الأدنى للأسباب التقديرية المخففة".
فيما يخص اعتبارك أن الأردن هي من أكثر دول العالم من حيث أيام العطل، فأرجو أن تطلع سعادتكم على الصورة التالية التي توضح مرتبة الأردن من بين دول العالم وبينها الدول المتقدمة كبريطانيا وفرنسا اذا ما علمت أن عدد أيام العطل في الأردن 29 يوماً:
ولعلكم تقولون أن هناك دولاً مثل امريكا وكندا واليابان يحظى عمالها بأيام عطل أقل من الأردن فأقول لسعادتكم أن عدد ساعات عمل العامل الأردني أسبوعياً هو 48 ساعة بينما في فرنسا على سبيل المثال فإن ساعات العمل الأسبوعية لديهم هي 35 ساعة ، ناهيك عن أن معظم هذه الدول يحظى عمالها بيومين كعطلة أسبوعية بينما العديد من عمال الأردن وخاصة في القطاع الخاص لا يحظى العامل الأردني الا بيوم واحد كإجازة أسبوعية، ولن أتحدث أيضاً عن مقارنة أجور عمال هذه الدول مع الأجور التي يتقاضاها العامل الأردني فأعتقد أنك على اطلاع أكثر مني في هذا المجال ولكني فقط هنا أشير لرقم بسيط وهو أن ما يقارب 24% من مشتركي الضمان الاجتماعي يتقاضون راتباً أقل من خط الفقر في الأردن ، أي أن ما يقارب ربع العمال ينطبق عليهم وصف فقراء.
دعني أعترف لسعادتكم أن آخر الاحصاءات تتحدث عن تراجع انتاجية العامل الأردني مقارنة في العامل العربي ناهيك عن العامل الأجنبي، ولكن بحسب هذه الدراسات فإن الأمر لا يعود البتة الى قلة ساعات العمل أو أيام العمل بل ان هناك العديد من الدراسات التي تتحدث أن تخفيض ساعات العمل يعزز الانتاجية وأن غياب يوم الراحة عن العامل يضر بانتاجيته ، ان معظم هذه الدراسات تربط بين زيادة انتاجية العامل بالرواتب والدخول والترقي والحوافز، بمعنى أن هذه هي الأسباب الرئيسية التي قد تزيد من انتاجية العامل الأردني ، لذلك فإن ما يحتاجه العامل الأردني منكم كأحد أعضاء مجلس الأعيان هو الدفع بزيادة أجر العامل الأردني والذي سيدخل خزينة الدولة مرة أخرى على شكل ضرائب وبالتالي نساهم في انعاش الاقتصاد الوطني كما أشرت في أحد المقابلات الشخصية معك وأيضاً الدفع بقوة نحو تحسين التشريعات الوطنية التي تخص العمال كقانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي الذين سيكونون مدار البحث في مجلس الأعيان قريباً وذلك لضمان تعزيز الحماية الاجتماعية للعمال وتحصينهم من الفصل التعسفي الذي يمارسه أصحاب العمل بحق العمال وخلق مساحة لحرية التنظيم النقابي ، ولن أطلب منك فتح ملفات الفساد وملاحقة الفاسدين الذين سرقوا مقدرات الوطن كونك اعلنت أنك لا تحب أن تتدخل في شؤون الدولة أو السياسة وأنك تتحدث عن انتاجية العامل من دافع حبك للمواطن الأردني وحرصك على الوطن وأنا هنا بالمناسبة لا أشكك اطلاقاً بهذه الدوافع بل على العكس فأنا أعتبرك كقدوة في مجال المثابرة والنجاح ولعل الفيديو الذي انتشر عنك قبل سنوات والذي تتحدث فيه عن نجاحك يعتبر أحد أهم الفيديوهات التحفيزية للعامل الأردني، وأيضاً اسجل اعجابي باللغة الدافئة الذي تحدثت بها مع العامل الاردني بوصفك اياه انه كابنك لذلك أتمنى أن تقرأ هذه الكلمات من أحد أبناءك الذي يكن لك كل احترام وتقدير ولكنه يختلف معك في وجهة النظر.
مع وافر الحب والتقدير
حاتم مفيد قطيش
ناشط نقابي
7/8/2019
إرسال تعليق