ضمان النواب .. اشكالية أخلاقية قبل أن تكون دستورية

حاتم مفيد قطيش

لا زالت الجلبة الاعلامية المصاحبة لمشروع القانون المعدل لقانون الضمان الاجتماعي دائرة في أروقة السياسيين والنقابيين والعمال بل في جل البيوت والمجالس الأردنية، كيف لا وهو القانون الذي يمس معظم العائلات الأردنية ويؤثر عليها تأثيراً مباشراً.
المتتبع لرحلة القانون نحو الاقرار يجد أنها رحلة ماراثونية تسابق الزمن من أجل تمرير القانون قبل نهاية الدورة الاستثنائية للمجلس، فقد تم مناقشته في لجنة العمل النيابية في فترة وجيزة ثم اقراره بما لا يتجاوز ساعتين تحت قبة البرلمان وتمريره بعجالة الى مجلس الأعيان ليقوم بالتعديل عليه ورده الى مجلس النواب من جديد، ولكن الملفت في هذه الرحلة أنه في كل مرحلة كان التركيز الاعلامي على جانب معين واغفال باقي الأمور بطريقة درامية احترافية أصبح النواب والاعلاميين الذين يدورون في فلكهم يتقنونها أيما اتقان.
دارت حروب على مبدأ اقتراح مشروع هام مثل قانون الضمان الاجتماعي على دورة مؤقتة ثم سرعان ما خفتت واختفت، ثم دارت زوبعة أن الضمان لم يكن صاحب التعديلات المقترحة ثم سرعان ما اختفت أيضاً، ثم تحرك الشارع من جديد في مواجهة التقاعد المبكر وبعض المواد المجحفة كتلك الخاصة بحرمان الشباب من الحماية الاجتماعية بحجة تشجيع الشركات الريادية ثم أيضاً ما فتأت أن تلاشت ولم يعد أحد  يتكلم بها، وها نحن الآن ندور في رحى الجلبة الاعلامية التي " ابتكرها" النواب في اضافتهم لفقرة تمنحهم الاشترك بالضمان وتحمل الخزينة عبء اشتراكاتهم.
مما زاد في درامية المشهد واضافة عنصر التشويق هو موقف الأعيان الذي جاء بمثابة صفعة على قفا النواب، فهذا المجلس الذي طالما تساءل الأردنيون عن وجوده وفاعلية أعضاءه هاهو يسرق الأضواء ويضع النواب في زاوية حرجة ويرفض الفقرة التي أضافها النواب لوجود شبهة دستورية فتارة يتحدثون عن عدم جواز أن يشرع المشرع لنفسه وتارة يتحدثون عن عدم دستورية اضافة مواد لم ترد من الحكومة في المشروع القانون المعدل وتارة يتحدثون عن عدم جواز أن يشترك النواب من حيث المبدأ كونهم ليسوا موظفين وما يتقاضونه لا يعد راتباً بل هو مكافأة.
اليوم الأحد سيحسم النواب موقفهم من المشروع ككل والمتوقع أن يتم الموافقة على تعديلات الأعيان وعدم الاضطرار الى اللجوء لجلسة مشتركة كون المجلس يعمل في الربع ساعة الأخيرة وحتى لا يتم ترحيل مشروع القانون الى الدورة القادمة.
في كل هذه الأزمة يتساءل المراقب وهو يشاهد المناحرة على دستورية التعديلات من عدمها هل من أخلاق أساساً الفروسية أن يقترح النواب تعديلات على قانون معين يكون المستفيد منه هم وحدهم فقط ، ألم يتقدموا لهذا المنصب لخدمة الوطن والشعب، ألم يصفوا منصبهم بأنه تكليف لا تشريف .. ثم وفي غمرة النقاش عن ضمان النواب قد يسأل سائل ألا يحتمل أن موضوع مسرحية ضمان النواب التي تصدرت المشهد ما جاءت الا لتناسي المواد الخطيرة التي تم تمريرها كالتقاعد المبكر وحرمان الشباب دون 28 من الضمان الاجتماعي لتشجيع الشركات الريادية ؟؟!!

اقرأ أيضاً:

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020