د.ابراهيم سليمان العجلوني
دستوريا وقانونيا وعرفا الموازنة تمثل الخطة السنوية لعمل الحكومة والتصويت علها هو بمثابة اعادة تصويت الثقة بالحكومة من مجلس النواب (الممثل للشعب)، وكاستحقاق دستوري فان وزارة المالية ممثلة بالادارة العامة للموازنة تقوم باعداد الموازنة العامة للحكومة وتحتوي الموازنة بشكل بسيط على ايرادات وتكاليف (مصروفات)، بالنسبة للمصروفات فيتم اخذها من الوزارات والمؤسسات وبند ثابت وهو بند التشغيل والرواتب ( الجزء الاكبر من الميزانية الاردنية) وبند المشاريع اكانت راسمالية او خدمية ويتم مناقشة كل وحدة ادارية في الدولة بموازنتها.
الجزء الصعب في الموازنة هو الايرادات من ناحيتين الاولى بنود الايرادات والثانية الاعتماد على ايرادات حقيقة وليست ربط الايرادات بارقام تصاعدية لا يمكن تحقيقها دون مراجعة حقيقية ومبنية على دراسات علمية واحصائية حقيقية تتمشى مع التطور العالمي.
الدين العام للدولة هو تحدي في حد ذاته وخاصة مع الوصول الى نقطة اللانهاية (حسب حسابات الدولة) بمعنى بسيط خدمة دين دون سداد، و بمعنى ابسط دفع الفائدة فقط وفي بعض الاحوال الاقتراض لسداد الاقساط او اعادة الجدولة وبمعنى ادق تاجيل وترحيل المشكلة دون تحديد تاريخ لسداد الدين الذي وصل ماليا واقتصاديا لوضع كارثي.
النمط الاستهلاكي المجتمعي منذ اكثر من عشر سنوات آخذ بالتطور وهذا تحدي كبير يجب على الحكومة ان تتنتبه له وتحاول ان تصل لنقاط توازن لما يخدم الموازنة ومحاولة تعديل النمط الاستهلاكي او المشاركة في التطور ودفعه بما يتمشى مع الموازنة بقوانين وتعليمات ضابطة وليس متحكمة.
سوق حجمه ثابت لذا فانها مسؤولية كبيرة على الدولة ان تقوم على زيادة حجم السوق بطرق كثيرة واقلها تشجيع الاستثمار الداخلي حيث يتوفر نقد في البنوك كايداعات مبالغ كبيرة والحاجة لخطة وطنية لاستقطاب هذا الاستثمار قبل الذهاب لجذب استثمارات خارجية (مع انه اولوية) وكذلك العمل على استرداد الاستثمارات الهاربة او استقطاب المستثمرين الاردنيين في الخارج لنقل استثماراتهم، والعمل على ذلك ليس بالمؤتمرات او الخطط الورقية انما باعادة الثقة بقرارات واضحة وقابلة للتطبيق.
ان طريقة اعداد الموازنة في الاردن لم تتطور وهي كما هي من سنوات عبارة عن عمل روتيني من خلال وزارة المالية او الادارات الحكومية وكل الارقام اما نقل عن ارقام السنوات السابقة مع بعض الاضافات بسبب التضخم حتى ان تقديرات وزارة المالية وللاسف زيادة بمعدلات ثابتة وتاتي المشكلة لاحقا عند مراجعة الموازنة ربعياَ او نصف سنوياَ والمتابع للحكومة الحالية خلال العام الحالي يلاحظ هذا وكيف كانت تصريحات الحكومة بخصوص الايرادات والاستهلاك وكيف لم تحقق او تكون قريبة من توقعاتها.
الموازنة ليست المكان الذي تكسب فيه الحكومة شعبويات او مجاملات فالحقيقة والوضوح مع الشعب ممثلا بمجلس النواب لابد ان يكون على علم واطلاع واقتناع بما تصرفه الحكومة والشكل الذي تصرف به والعمل على تقليل فعلي للمصروفات والتفكير بمشاريع وطنية ذات مردود على الشعب بشكل مباشر من خلال فتح فرص عمل افقيا وعاموديا، وعلى الحكومة من خلال زيادة الايرادات، فلابد ان نخرج من فكرة ان التصويت على الموازنة تصويت كاي قرار هامشي.
مؤكدا هنا وبدون اية حساسية ان يتم تثقيف وتدريب السادة الافاضل في مجلس النواب بماهية الموازنة وابسط طرق مراجعتها (وكذلك قانونيا)، مع تعليقي و اعتراضي على طريقة تشكيل اللجان في مجلس النواب فبرايي المتواضع يجب ان تكون هذه اللجان تضم مجموعة من الخبراء المشهود لهم بالعلم والخبرة والنزاهة وبشكل اجباري وليس اختياري لان هؤلاء هم من يقدمون النصح للسادة الافاضل النواب مع احترامي لخبرة ومعرفة بعض النواب في نواحي وقطاعات ولكن الاصل ان لديهم الحق والوقت للمناقشة تحت القبة، مقترحا ان لا يكون ايا من الخبراء موظفا حكوميا ويكون بشكل تطوعي او بمكافئة بسيطة وبلدنا والحمد لله لديه الكثير والكثير من المتخصصين في كل المجالات.
اصبح من الملح دراسة الاجور في الاردن بشكل شامل وعادل وباعتقادي أن الأجر العادل سوف يوفر في ميزانية الدولة مع الارتفاع في الاجور العامة مع المراجعة الشاملة، فلابد ان تبقى الرواتب في القطاع الحكومي متجانسة بدون اختلالات فدول العالم كلها متوسط الرواتب الحكومية متقارب باستثناءات قليلة ولا تتجاوز 3 بالمئة من مجموع الرواتب، ان العدالة في الاجور سوف تساعد في زيادة الاستهلاك المحلي للدولة وبالتالي زيادة الايرادات( قد يكون الكلام ليس بهذا الوضوح لأنه بحاجة لتحليل).
الحل اصبح واضحا وبديهيا بان تقوم الحكومة بتطوير طريقة اعداد الموازنة والبداية الاعتماد على الاشخاص المناسبين وثم دراسة متأنية لموازنات السنوات الخمس السابقة ومعالجة الخلل وخاصة فيما يخص الايرادات وان تكون الموازنة منسجمة مع قرارات الحكومة الاقتصادية وحسب حجم السوق والتطور الحاصل في الثقافة الاستهلاكية للمجتمع وعدم بناء الموازنة على ارقام ارتجالية غير حقيقة وتقليدية وعدم زيادة المصروفات او الايرادات بنسب عفوية غير مدروسة.
الواضح جدا ولا يمكن إخفاءه ان الحكومة الحالية بجميع وزراها غير قادرين على انجاز موازنة جديدة تبني ملامح مستقبل قوي وقد اخذ الجميع منهم بدون استثناء فرصهم ومع اسفي اثبتوا فشلهم فالقرار لمن لا يعلم قرار مجلس وزراء وليس رئيس وزراء فالفشل الذي وصلنا له بقرارهم جميعا وكما هي الموازنة خطة عمل الحكومة لسنة كاملة فقد فشلت الخطة للاسف وحتى الفرصة التي منحها جلالة الملك قبل اكثر من شهر لم تاخذها الحكومة بجدية فلم نجد اي خطط او اقتراحات حقيقية للتطوير أوإحداث تغير فاذا كانت المهلة ثلاثة شهور ومضى تقريبا نصفها ولم نسمع عن اية خطط فمتى ينتهي التخطيط ومتى يبدا التنفيذ؟؟؟؟!!!! للاسف ما زالت الحكومة ومن خلال قراتي لمشهد ازمة المعلمين تقوم بالتاجيل لكسب الوقت لتبقى اطول مدة في مناصبها؛ نعم مناصبها وليس دورها، فاذا اردنا موازنة قوية يجب كما ذكرت اعلاه اشخاص قادرين على احاث التغير بخطة عمل تترجهما الارقام بالموازنة السنوية للدولة وتتناغم بالقرارت والخطط ومراعاة ظروف الشعب الذي يعاني وفي الخاتمة حفظ الله الاردن وشعب الاردن العظيم.
إرسال تعليق