رانيا الصرايرة
فتح بند في اتفاقية نقابة المعلمين التي وقعتها مؤخرا مع الحكومة، يتعلق باعتبار مهنة التعليم “مهنة شاقة” نقاشا حول مدى استفادة المعلمين من هذا البند في ظل عدم اعتراف قانون الضمان الاجتماعي بكلمة “شاقة” كونه استخدم كلمة “خطرة” لوصف المهن التي تؤدي إلى الإضرار بصحة أو حياة المؤمن عليه نتيجة تعرضه لعوامل أو ظروف خطرة في بيئة العمل على الرغم من تطبيق شروط ومعايير السلامة والصحة المهنية.
وكانت “المعلمين” أصرت على إدراج هذا البند ضمن الاتفاقية لغايات الاستفادة من إمكانية التقاعد المبكر للمعلمين، حيث تنص احدى مواد قانون الضمان الاجتماعي على إعفاء من يعتبرهم هذا القانون يعملون في مهن خطرة من شرط اكمال 25 عاما كعامل وخفض المدة الى 18 عاما للذكور و15 للإناث على ان يكون عمل آخر ستين شهرا في مهنة خطرة، وأن يكون عمره عند التقاعد المبكر 50 عاما للذكور و45 عاما للإناث بحسب القانون السابق للضمان، والذي يسري على الداخلين السابقين لسوق العمل قبل إقرار القانون بنسخته الجديدة التي اقرت قبل أيام والذي رفع سن التقاعد المبكر الى 55 عاما للذكور و52 عاما للإناث.
كل ذلك، حيث خلق هذا الوضع تساؤلات عن مدى استفادة المعلمين من بند ورد في الاتفاقية يشير الى اعتبار مهنة التعليم مهنة شاقة.
وفي الوقت الذي لم تستطع فيه “الغد” الحصول على تصريح من النقابة حول الأمر، يقول مدير الإعلام والناطق الرسمي باسم “الضمان” موسى الصبيحي إن قانون الضمان الاجتماعي “لم يتضمن أي تعريف للمهن الشاقة، وإنما تضمن تعريفا واضحا للمهن الخطرة، وهي المهن التي تؤدي الى الاضرار بصحة او حياة المؤمن عليه نتيجة تعرضه لعوامل او ظروف خطرة في بيئة العمل على الرغم من تطبيق شروط الصحة والسلامة المهنية”.
ويوضح الصبيحي، في تصريح صحفي خاص لـ”الغد”، ان قانون الضمان حدد المهن الخطرة بنطام يسمى “نظام المنافع التأمينية لعام 2015 والذي أورد قائمة تحوي المهن الخطرة”، لكنه يشير الى ان هذه القائمة مرنة والقانون اعطى مجلس الوزراء صلاحية اجراء أي تعديل عليها بإضافة او الغاء أي مهنة خطرة لكن بناء على تنسيب مجلس إدارة الضمان الاجتماعي.
ويضيف “لدينا لجان متخصصة تدرس ذلك استنادا الى ثلاثة أسس أولها مدى الإضرار بصحة المؤمن عليه العامل وبما يحد من مقدرته على العمل مع تقدمه في السن، والثاني المتطلبات العالية لبعض المهن التي لا تسمح للمتقدمين في السن لمزاولتها مثل القدرات الفسيولوجية والمجهود العضلي نتيجة للحركات الرتيبة والمتكررة، وحمل الأوزان الثقيلة والعمل في الأماكن المغلقة والمحظورة، والثالث هو تزايد تعريض المؤمن عليه للأخطار مع تقدمه في السن وزيادة احتمالية الوفاة المبكرة”.
وحول إمكانية شمول المعلمين ضمن المهن الخطرة، يقول الصبيحي “تتقدم لنا قطاعات كثيرة لشمولها ضمن المهن الخطرة ونحن ندرس هذه الطلبات واللجان المتخصصة لدينا هي من يقرر”، لافتا الى أن “المؤسسة منفتحة جدا على أي طلب يأتينا بهذا الخصوص”.
من جهته، يقول مدير مركز بيت العمال حمادة أبو نجمة إن القانون يُعرف المهن الخطرة بـ”تلك التي تؤدي إلى الإضرار بصحة أو حياة المؤمن عليه نتيجة تعرضه لعوامل أو ظروف خطرة في بيئة العمل على الرغم من تطبيق شروط ومعايير السلامة والصحة المهنية وتحدد بنظام يصدر لهذه الغاية”.
ويلفت الى ان نظام المنافع التأمينية وتحديدا في المادة 44 منه “تضمن توسعا في مفهوم العمل الخطر وبشكل يخالف اهداف المشرع التي عبر عنها في تعريف المهن الخطرة في قانون الضمان الاجتماعي، حيث حصر التعريف الخطر بظروف بيئة العمل التي تشكل خطرا على صحة العامل وحياته في ضوء متطلبات السلامة والصحة المهنية”، مشيرا بهذا الخصوص الى أن المادة 44 من النظام شملت حالات متطلبات بعض المهن التي تؤثر على قدرة العامل على الاستمرار بالعمل مع تقدمه بالسن، وهي “حالات يصعب تقديرها وحصرها لأن تقدم السن بحد ذاته يضعف قدرة الإنسان على الاستمرار بالعمل وهو امر يختلف ايضا من شخص لآخر”.
ويوضح أبو نجمة “لم يذكر القانون ولا النظام مصطلح العمل الشاق، والعمل الشاق يختلف جذريا عن العمل الخطر، ولو قصد المشرع العمل الشاق لذكره صراحة، وعلى هذا الاساس فإن ما ورد في الاتفاقية مع النقابة من اعتبار عمل المعلم شاقا لا يدخل في مفهوم تعريف العمل الخطر ولا يمكن ربطه به”.
ويضيف أن قرار اعتبار المهنة خطرة “يتطلب تنسيبا من مجلس ادارة مؤسسة الضمان الاجتماعي بناء على توصية من لجنة يشكلها مدير المؤسسة، ولا يملك مجلس الوزراء ان يتخذ القرار بذلك ولا ان يعد أي جهة بذلك”، وخلص الى نتيجة مفادها “مهنة التعليم قد تكون شاقة ككثير من المهن ولكن لا يمكن بأي حال اعتبارها خطرة”.
وتتفق الخبيرة القانونية الدكتورة آمال حدادين مع أبو نجمة، مؤكدة “وجود فرق كبير بين تعريف المهن الخطرة والمهن الشاقة”، مبينة ان القانون لم يورد في أي مكان كلمة “شاقة” و”استنادا الى ذلك لا يمكن للمعلمين الاستفادة من البند الموضوع في اتفاقيتهم ليتقاعدوا مبكرا ضمن شروط المهن الخطرة”.
وترجع حدادين اعتماد كلمة شاقة وليس خطرة في الاتفاقية الى احتمالية عدم الرجوع للقانونيين لتوضيح هذه النقطة، مشيرة الى قاعدة أساسية في القانون تقول ان “القاعد القانونية يجب ان تكون عامة ومجردة أي تنطبق على الجميع”.
وكانت نقابة المعلمين طالبت سابقا وفي مرات عدة باعتبار مهنة التعليم مهنة خطرة، كان آخرها في اجتماع عقد بمؤسسة الضمان الاجتماعي في آذار (مارس) الماضي حضره أعضاء من النقابة ومدير عام مؤسسة الضمان الاجتماعي الدكتور حازم الرحاحلة الذي اتفق معهم حينها على اجراء دراسة مستفيضة حول طلب النقابة تضمين عدد من المهن التعليمية ضمن المهن الخطرة المعتمدة في الضمان، وذلك من خلال دراسة المهن المطلوب اعتمادها ضمن معايير وأسس معتمدة للتأكد من مدى انطباق وصف المهن الخطرة على هذه المهن.
كما طلبت المؤسسة تزويدها بتفاصيل حول واقع عمل المعلمين خاصة أولئك الذين يعملون في المختبرات المدرسية ويتعاملون مع المواد الكيميائية والسامة، إضافة إلى المعلمين المهنيين في المشاغل الصناعية التابعة للمدارس، والعمل أيضاً على تنفيذ لقاءات توعوية ميدانية للمعلمين في كافة محافظات المملكة بالسرعة الممكنة للإسهام بتعريفهم بحقوقهم والتزاماتهم المتعلقة بقضايا الضمان.
(الغد)
إرسال تعليق