في تشرين الأول 2019 أعلن صندوق استثمار أموال الضمانالاجتماعي أن موجودات الصندوق قد ارتفعت لتبلغ حوالي 10.9 مليار دينار كما في نهاية الربع الثالث من العام الحالي لتزيد بما مقداره 714 مليون دينار على بداية العام وبنسبة نمو بلغت 7%. وقال البيان الصحفي من الصندوق حول أبرز مؤشرات الأداء المالي عن نتائج الربع الثالث من هذا العام “إن الصندوق قد حقق دخلا بلغ 442.6 مليون دينار مقارنة مع 347.9 مليون دينار للفترة نفسها من العام الماضي".
ان الخبر جميل في ظاهره لكنه للأسف اخفى بعض السلبيات التي يجب معالجتها جذريا.بحسب البيانات التفصيلية من صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي فان 60% من الزيادة في الموجودات أتت من الفائض التأميني للمؤسسة (فرق الاقتطاعات عن الرواتب التقاعدية المدفوعة) بقيمة 426 مليون من ال 714 مليون زيادة.
بينما بلغ الدخل الشامل الاستثماري للصندوق 287 مليون دينار. أي نسبة عائد استثماري 2.8% وهذا العائد الصافي هو عوائد الصندوق مطروحا منها خسائر الأسهم. أي ان زيادة السبعة بالمائة في موجودات الصندوق حوالي 60% منها أتى من الفائض التأميني الذي لا علاقه لصندوق استثمار الضمان فيه وفقط 40% أتت من عوائد استثمار الصندوق نفسه.
لو قسناها على كل السنة يتوقع ان يكون العائد الاستثماري لكل 2019 حوالي 3.75% لكل السنة وهو اقل من معدل الفوائد على الودائع في الجهاز المصرفي واقل بنسبة اكبر من معدل ما تدفعه الحكومة على سندات الحزينة الأردنية وأدوات الدين العام. والسبب أساسا هو التدني المزمن والمستمر في محفظة الأسهم المملوكة للضمان الاجتماعي في سوق عمان المالي.
لا يحتاج الضمان الاجتماعي الى "تكحيل" نتائج صندوق استثماره بتحويل ال 2.8% الى 7% في بيان صحفي. بل يحتاج _وهو الرابض على موجودات تقارب ثلث حجم الاقتصاد الوطني ويسحب سنويا من جيوب المواطنين والشركات اكثر من 1.8 مليار دينار بنسبة حوالي 6% من حجم الاقتصاد _ الى شفافية فائقة ومسائلة تسهل سبيل تحسين الأداء في المحفظة الأهم وطنيا.
تفصيلا:
- يجب بداية الإفصاح الكامل عن آخر دراسة اكتوارية للضمان الاجتماعي مع كامل فرضياتها ونتائجها.
- وبذات الوقت ترسيخ فكره أن نقطة تلاشي موجودات صندوق الضمان في سنة مستقبلية لا تعني افلاس الضمان بل تعني دخوله في عجز يحتاج التصحيح بحسب التغيرات الديموغرافية.
- كذلك يجب أن تكون الإفصاحات الدورية عن موجودات الصندوق مقسومة الى قسمين بكل شفافية:
* أولا الفائض التأميني والذي يأتي من أجهزة مؤسسة الضمان الاجتماعي مع تفصيل مكونات إيراداتهما بين اشتراكات وغرامات وغيرها
* وثانيا العائد الاستثماري لصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي مفصلا لكل مكون من مكوناته ما بين سندات واسهم وقروض وودائع وغيرها.
- في العائد الاستثماري يجب أيضا ان يتم الافصاح الدوري عن القيمة السوقية للمحفظة العقارية لصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي بدلا من الإبقاء على تقييمها بالقيمة التاريخية. هذه لوحدها قد تضيف اكثر من مليارين دينار الى قيمة موجودات الضمان.
أخيرا ولان أساس انخفاض العائد الاستثماري هو انخفاض محفظة الأسهم ولان الضمان الاجتماعي اكبر مستثمر في سوق عمان المالي صار لازما فتح هذا الملف الشائك وتقييم نتائجه خصوصا مع وجود ما يسمى محفظة الاسهم الاستراتيجية والتي لا يقربها الضمان بيعا! فكلنا نذكر رفض الضمان بيع أسهمه في بنك مهم للغاية على تقييم عال وممتاز بحجة انه من "الأسهم الاستراتيجية" لنصل الان الى تقييم سوقي لنفس الأسهم باقل من ربع السعر الذي رفض. فلو تم بيع الحصة آنذاك ووضع حصيلتها في سندات خزينة لكانت محفظة الضمان فيها مليار دينار اردني إضافي حاليا. فعن أي محفظة أسهم استراتيجية مقدسة نتحدث؟ خصوصا ان رفض البيع آنذاك حرم البلد كذلك من استثمار اجنبي صافي يزيد عن مليار دولار.
المطلوب من الضمان وصندوق استثمار أمواله مصارحة ومكاشفة واضحة في موضوع الأسهم الاستراتيجية هذه والوصول الى حلول تفيد الضمان ومحفظة أسهمه وعائده الاستثماري وبذات الوقت تنعش سوق عمان المالي. خصوصا ان سوق عمان المالي حاليا فيه العديد من الشركات الممتازة والتي توزع أرباح سنوية عالية وبتقييم سوقي منخفض. مع التسليم ان صندوق الضمان يجب ان يتكون أساسا من سندات خزينة وأدوات دين عام حكومي شأنه كشأن معظم صناديق التقاعد العالمية. حيث ان معدل عائد محفظة الضمان السنوي لأخر عشرة سنوات كان للأسف اقل من عائد سندات الخزينة الأردنية بكثير.
إرسال تعليق