اشتملت التعديلات الأخيرة لقانون الضمان الاجتماعي على عدة تعديلات منها ما أثار الجدل الكبير في الأوساط العمالية والنقابية ابان فترة دراسة القانون مثل التقاعد المبكر ودعم الشركات الريادية والحمايات الاجتماعية للعمال، ومنها ما بقي في الظل ولم يلتفت اليه الكثير وبرزت جدليته بعد اقرار القانون وبدء العمل ببعض هذه المواد.
من ضمن هذه التعديلات التي اقترب العمل بها على أرض الواقع هو التعديل المتعلق بالزيادة السنوية لمتقاعدي الضمان الاجتماعي حيث سيتم احتساب الزيادة السنوية للمتقاعدين في شهر أيار من كل عام، و يقتضي التعديل الجديد باحتساب قيمة الزيادة السنوية للمتقاعدين بناءاً على نسبة التضخم ثم تقسيم هذه الزيادة السنوية لجميع مشتركي الضمان بالتساوي حيث سيدخل على راتب المتقاعدين جميعهم زيادة سنوية برقم مقطوع بناءاً على نسبة التضخم وبغض النظر عن راتب هذا المتقاعد، وذلك خلافاً لما كان معمولاً به سابقاً حيث كانت توزع هذه الزيادة السنوية على رواتب المتقاعدين بناءاً على نسب معينة حسب قيمة الرواتب حيث المتقاعد الذي يتقاضي راتباً تقاعدياً أعلى ستكون نسبته من الزيادة السنوية أعلى أما أصحاب الرواتب المتدنية فستكون نسبة زيادتهم السنوية أقل.
وبالرجوع لآخر زيادة سنوية والتي أقرّت في أيار 2019 على رواتب التقاعد ورواتب الاعتلال بنسبة 74ر2٪ وبلغ سقف هذه الزيادة 46ر21 دينار حيث استفاد من هذا السقف المتقاعدون الذين تزيد رواتبهم التقاعدية على 800 دينار، فيما لم تتجاوز زيادة صاحب راتب تقاعدي بقيمة 200 دينار مبلغ خمسة دنانير ونصف، بينما بلغ متوسط الزيادة حوالي 8 دنانير.
موسى الصبيحي الناطق الاعلامي لمؤسسة الضمان الاجتماعي
السيد موسى الصبيحي الناطق الاعلامي لمؤسسة الضمان الاجتماعي اعتبر أن هذا التعديل يأتي من باب تعزيز الحماية الاجتماعية للمشتركين حيث يعمل على الانصاف وتقليل الفجوة بين الرواتب العالية والمتدنية للخروج من ظاهرة بقاء الفقير في دائرة الفقر وزيادة الرفاهية للأغنياء، منوهاً أن ارتباط الزيادة السنوية بالتضخم أو معدل النمو سيعمل على حماية أصحاب الرواتب المتدنية والمتوسطة وسينعكس ايجاباً على مستوى المعيشة وسيلمسوا هذا الأمر عندما تستحق الزيادة السنوية القادمة في شهر أيار لعام 2020، حيث أن 55% من الرواتب التقاعدية تساوي أو تقل عن (300) دينار.
مازن المعايطة رئيس الاتحاد العام للنقابات العمالية في الأردن
السيد مازن المعايطة رئيس الاتحاد العام للنقابات العمالية في الأردن اعتبر أن التعديل الجديد على قانون الضمان هو تعديل ايجابي وهو يدعمه كون التساوي في الزيادة السنوية لمتقاعدي الضمان تحقق العدالة ، بل اعتبر المعايطة أن أصحاب الرواتب المتدنية والمتوسطة هم أحوج لزيادة الرواتب من أصحاب الرواتب العالية كون هذه الزيادة تتعلق بغلاء المعيشة والتي يعاني منه أصحاب الرواتب المتدنية بشكل أكبر من أصحاب الرواتب العالية.
علي الحديد رئيس النقابة العامة للعاملين بالكهرباء بالأردن
من جانبه أكد السيد علي الحديد رئيس النقابة العامة للعاملين بالكهرباء بالأردن على دعمه لهذا التعديل الايجابي كونه -على حد وصف الحديد- أقرب الى العدل على اعتبار أن الزيادة السنوية مرتبطة ارتباطاً وطيداً بغلاء المعيشة فمن الانصاف والعدل أن يتم رفع الرواتب بالتساوي وهي بذلك تتيح لذوي الرواتب المتدنية مواجهة هذا الغلاء والتضخم بشكل أفضل من السابق.
أحمد مرعي عضو المكتب التنفيذي لاتحاد النقابات المستقلة
عضو المكتب التنفيذي لاتحاد النقابات المستقلة السيد أحمد مرعي اعتبر أنه من ناحية المبدأ فإن المساواة لا تعني العدل بالضرورة ولكن على الأقل فإنه يمكن اعتبار المساواة هي الحل الأمثل، وبالتالي فإن السيد مرعي يدعم هذا التعديل على اعتبار أن أصحاب الرواتب المتدنية هم غالبية مشتركي الضمان الذين تقوم عليهم اشتراكات الضمان.
وذهب مرعي الى أبعد من المساواة في توزيع الزيادة السنوية على متقاعدي الضمان الى دعمه أن تكون الزيادة السنوية للمتقاعدين ضمن نسبة عكسية بحيث يكون نصيب المتقاعدين ذوي الرواتب المتدنية من الزيادة السنوية أعلى من أصحاب الرواتب العالية واعتبر السيد مرعي أن هذه الصيغة لو تم تطبيقها تعتبر هي الصيغة المثالية للزيادة السنوية.
وعلى هذا الأساس تعمل الدول على ربط الأجور بمستوى التضخم لضمان بقاء الأجر الإسمي معادلا للأجر الحقيقي، للحفاظ على المستوى المعيشي لأصحاب الدخول الثابتة (أي الرواتب والرواتب التقاعدية)، بالحفاظ على القيمة الشرائية لراتب الفرد وليس بإعادة توزيع الدخول بين فئات المجتمع، حيث تعمل الدول على زيادة الرواتب التقاعدية بنسب مئوية (وليس بمبالغ مقطوعة) لضمان إعادة القدرة الشرائية للرواتب التقاعدية إلى وضعها الطبيعي، فعلى سبيل المثال تم في مصر هذا العام زيادة الرواتب التقاعدية بنسبة 15% بالإستناد إلى أرقام التضخم، وفي السويد تقرر رفع الرواتب التقاعدية للعام القادم 2020 بنسبة 2,1%.
أما ما جاء به القانون المعدل لقانون الضمان الإجتماعي لسنة 2019 عندما نص على أن يتم توزيع الزيادة المرتبطة بالتضخم بالتساوي على الرواتب التقاعدية بغض النظر عن مقدار أي منها، فهو يناقض تماماً الهدف والغاية التي يتم من أجلها الربط بين الأجور والتضخم، فحساب الزيادة كمبلغ مقطوع بالتساوي بين المتقاعدين وليس بنسبة مئوية من الراتب، لا يضمن الحفاظ على القدرة الشرائية لراتب الفرد بما يعادل التغير الحاصل على مستوى أسعار السلع والخدمات، إضافة إلى أن هذا التعديل يمثل خللاً تشريعياً بتناقضه مع مضمون المادة 90 من القانون الأصلي التي تتحدث عن ربط "راتب التقاعد" بالتضخم، بما يشير بوضوح إلى أن الربط المقصود يتعلق براتب كل متقاعد فرد على حدة، وليس بمجموع رواتب المتقاعدين معاً كما قصد النص المضاف.
ويضيف أبونجمة أن ما يقال عن أن التعديل يستهدف إنصاف ذوي الدخول المنخفضة وتقليص الفجوة بين الرواتب المنخفضة والرواتب المرتفعة، فهو افتراض ليس بمكانه ما دمنا نتحدث عن التضخم لأن التضخم يشمل بتأثيره جميع مستويات الأجور وبنفس المعدل، وليس فقط أصحاب الرواتب المنخفضة، يضاف إلى ذلك أن سقف الأجر الخاضع للضمان للعام الحالي هو 3328، أي أن الفوارق في مقدار الرواتب التقاعدية أصبح منذ سنوات يتضائل تلقائيا، ونسبة من يتقاضون رواتب تقاعدية مرتفعة تزيد على السقف أصبحت محدودة جدا وبالإمكان استثناؤها من الزيادات.
وفيما يتعلق بإنصاف ذوي الدخول المنخفضة يرى أبو نجمة إن ذلك يتطلب إجراءات أخرى على الدولة أن تتخذها دون المساس بمستويات الأجور والرواتب التقاعدية، وذلك بوضع حد أدنى لائق للأجور وللرواتب التقاعدية يحفظ للإنسان وأسرته مستوى عيش كريم، والعمل على معالجة أسباب التضخم التي تتمثل بالإرتفاعات المتوالية للضرائب والرسوم والتي تساوي في معظمها بين الفقير والغني خاصة ضريبة المبيعات، وتعزيز دور الدولة في توفير المتطلبات الأساسية لحياة المواطن، وبشكل خاص في الصحة والتعليم والمواصلات والطاقة وغيرها.
حمادة أبو نجمة رئيس بيت العمال للدراسات
رئيس بيت العمال للدراسات حمادة أبونجمة كان له وجهة نظر مختلفة ومبنية على فلسفة العلاوة السنوية حيث اعتبر أبو نجمة أنه عندما ربط قانون الضمان الإجتماعي رقم 1 لسنة 2014 لأول مرة راتب التقاعد بالتضخم وبسقف (20) دينار، كان الهدف من ذلك الحد من تأثير التضخم على القوة الشرائية للراتب التقاعدي، فالتضخم هو عبارة عن ارتفاع ملموس يطرأ على مستوى أسعار السلع والخدمات يتسبب في تخفيض القدرة الشرائية للفرد وتآكل الأجور وانخفاض قيمتها الحقيقية.وعلى هذا الأساس تعمل الدول على ربط الأجور بمستوى التضخم لضمان بقاء الأجر الإسمي معادلا للأجر الحقيقي، للحفاظ على المستوى المعيشي لأصحاب الدخول الثابتة (أي الرواتب والرواتب التقاعدية)، بالحفاظ على القيمة الشرائية لراتب الفرد وليس بإعادة توزيع الدخول بين فئات المجتمع، حيث تعمل الدول على زيادة الرواتب التقاعدية بنسب مئوية (وليس بمبالغ مقطوعة) لضمان إعادة القدرة الشرائية للرواتب التقاعدية إلى وضعها الطبيعي، فعلى سبيل المثال تم في مصر هذا العام زيادة الرواتب التقاعدية بنسبة 15% بالإستناد إلى أرقام التضخم، وفي السويد تقرر رفع الرواتب التقاعدية للعام القادم 2020 بنسبة 2,1%.
أما ما جاء به القانون المعدل لقانون الضمان الإجتماعي لسنة 2019 عندما نص على أن يتم توزيع الزيادة المرتبطة بالتضخم بالتساوي على الرواتب التقاعدية بغض النظر عن مقدار أي منها، فهو يناقض تماماً الهدف والغاية التي يتم من أجلها الربط بين الأجور والتضخم، فحساب الزيادة كمبلغ مقطوع بالتساوي بين المتقاعدين وليس بنسبة مئوية من الراتب، لا يضمن الحفاظ على القدرة الشرائية لراتب الفرد بما يعادل التغير الحاصل على مستوى أسعار السلع والخدمات، إضافة إلى أن هذا التعديل يمثل خللاً تشريعياً بتناقضه مع مضمون المادة 90 من القانون الأصلي التي تتحدث عن ربط "راتب التقاعد" بالتضخم، بما يشير بوضوح إلى أن الربط المقصود يتعلق براتب كل متقاعد فرد على حدة، وليس بمجموع رواتب المتقاعدين معاً كما قصد النص المضاف.
ويضيف أبونجمة أن ما يقال عن أن التعديل يستهدف إنصاف ذوي الدخول المنخفضة وتقليص الفجوة بين الرواتب المنخفضة والرواتب المرتفعة، فهو افتراض ليس بمكانه ما دمنا نتحدث عن التضخم لأن التضخم يشمل بتأثيره جميع مستويات الأجور وبنفس المعدل، وليس فقط أصحاب الرواتب المنخفضة، يضاف إلى ذلك أن سقف الأجر الخاضع للضمان للعام الحالي هو 3328، أي أن الفوارق في مقدار الرواتب التقاعدية أصبح منذ سنوات يتضائل تلقائيا، ونسبة من يتقاضون رواتب تقاعدية مرتفعة تزيد على السقف أصبحت محدودة جدا وبالإمكان استثناؤها من الزيادات.
وفيما يتعلق بإنصاف ذوي الدخول المنخفضة يرى أبو نجمة إن ذلك يتطلب إجراءات أخرى على الدولة أن تتخذها دون المساس بمستويات الأجور والرواتب التقاعدية، وذلك بوضع حد أدنى لائق للأجور وللرواتب التقاعدية يحفظ للإنسان وأسرته مستوى عيش كريم، والعمل على معالجة أسباب التضخم التي تتمثل بالإرتفاعات المتوالية للضرائب والرسوم والتي تساوي في معظمها بين الفقير والغني خاصة ضريبة المبيعات، وتعزيز دور الدولة في توفير المتطلبات الأساسية لحياة المواطن، وبشكل خاص في الصحة والتعليم والمواصلات والطاقة وغيرها.
الملفت في جميع الآراء المتباينة أنها جميعاً تنطلق من مبدأ السعي نحو العدالة فدعاة الزيادة المتساوية انطلقوا من مبدأ تحقيق العدالة والمساواة بين أفراد المجتمع الواحد عن طريق تقليص الفجوة المالية بين المتقاعدين، ودعاة الزيادة النسبية انطلقوا أيضاً من مبدأ تحقيق العدالة انطلاقاً من قاعدة "الغنم بالغرم" ، فكما تحمل أصحاب الرواتب المرتفعة "الغرم" خلال سنوات اشتراكهم في الضمان الاجتماعي متمثلاً باقتطاعات ضمان عالية فمن حقهم أن "يغنموا" عند التقاعد في زيادات سنوية تتناسب مع رواتبهم وأعبائهم الاجتماعية. وما بين هذا وذاك تبقى الحقيقة الراسخة أن لا عدالة مطلقة وأنما تبقى جميع الآراء من باب السعي نحو الاقتراب للعدالة قدر الامكان.
إرسال تعليق