هل يحق للمتقاعد ممارسة العمل النقابي العمالي؟



الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش

حتى نتمكن من جواب السؤال المطروح في عنوان هذا التقرير لابد لنا من الرجوع خطوة للخلف والبدء في فهم المسألة منذ البداية ، وبما أننا نتحدث عن "النقابات العمالية" فيتوجب علينا فهم المقصود من مصلطح نقابة وأيضاً تحديد من هو الشخص أو الفئة التي يمكن لنا أن نطلق عليها مصطلح "عمالية" أو "عامل"


ما المقصود بالنقابة؟
النقيب لغةً عريف القوم وجمعه نقباء ، والنقيب العريف هو شاهد القوم وضمينهم .
قال أبو اسحاق : النقيب في اللغة كالأمين والكفيل .
النقيب لغة من نقب ، والنقب في الحائط والجلد كالثقب في الخشب .أي إحداث ثغرة في نظام قائمٍ ، والنِقابة بالكسر إسم لمصدر للدلالة على النتاج الواحد للفعل كـ ساسَ سوساً السياسة يلتقي حوله جمع ما .والنَقابة بالفتح مصدر مثل الوِلاية والوَلاية .
وإنما قيل للنقيب نقيباً لأنه يعلم دخيلة أمر القوم ويعرف مناقبهم وهو الطريق إلى معرفة أمورهم، قال تعالى " ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا ". 


ويكيبيديا عرفت النقابة لغةً أنها تعني الرئاسة وهي على وزنها (بكسر الأول لا بفتحه). ويقال لكبير القوم نقيباً أو رئيساً أو عقيداً. ومن هنا جاءت تسمية نقيب الأطباء أو نقيب المعلمين وسواهما، وعلى ذلك تم تأسيس (رابطة) أو (جمعية) أو (اتحاد) لذوي المهن والحرف سميت (نقابات).

أما المعنى الاصطلاحي للنقابات فهى منظمات العمال الجماهيرية الطبقية، تجمع العمال باختلاف انتماءاتهم وأجناسهم وعقائدهم ومهنهم دون تمييز. وأهدافها هي الدفاع عن مصالح العمال وتحقيق مطالبهم وحماية مكاسبهم، والتعبير عن إرادتهم ومواقفهم وتحسين شروط وظروف العمل وللنقابة بجانب دورها في الدفاع عن المصالح الاقتصادية للعمال، دوراً هاماً في تعليم العمال أهمية الكفاح المشترك والتضامن الطبقى وممارسة الديمقراطية من خلال الحوار والتفاعل والالتزام بقرارات الأغلبية. كما أن للنقابة دورها في تعظيم شعور العمال بقوتهم وقدرتهم على فرض إرادتهم وتحقيق مصالحهم من خلال التنظيم والتوحد.
 وللنقابات أنظمة داخلية هي بمثابة دساتير يتم اتباعها. فمن أساسياتها مثلاً نظام الانتخابات. ومهمات النقابات المهنية تأتي بالدرجة الأولى لتنظيم ممارسة المهنة، بينما تهتم النقابات العمالية بالدفاع عن حقوق أعضائها.


من هو العامل؟
عرفت ويكيبيديا العامل على أنه الشخص الذي يعمل ويؤدي نشاط يدوي ويأخذ عادة أجراً مادياً أو معنوياً على عملهِ في المنشأة أو المشروع الاقتصادي، نظير خدماته المهنية في المشروع. وهو أحد عناصر أو عوامل الإنتاج في المشروع أو المنشأة الاقتصادية.

اذا ما حاولنا ربط خيوط هذه التعريفات للنقابات وللعمال نجد أن الخطوة الأولى  ليقوم النقيب بدوره في الولاية هو أن يكون واحداً من الفئة الذي ستكون له الولاية عليهم كما ورد في الآية الكريمة " وبعثنا منهم اثني عشر نقيباً" وليكون هذا النقابي ممثلاً للعمال بحق يجب أن يكون ممن يؤدون نشاطاً يدوياً يأخذ مقابله أجراً بمعنى أن تكون هناك علاقة عمل تجمعه مع صاحب عمل حتى نستطيع تسميته أنه عامل ليتمكن لاحقاً من الانتساب للنقابات العمالية وممارسة دوره النقابي، وفي حال انتفت صفة العامل عن الشخص النقابي المتقاعد ينتفي حكماً انتسابه للنقابات العمالية فضلاً أن يكون نقيباً وله ولاية على أعضاء هذه النقابات.

خبراء قانونيون اعتبروا أنه وبحسب أحكام المادة 97 من قانون العمل فإن تأسيس النقابة العمالية يتم من العمال في المهنة التي تمثلها، وأن الإنتساب للنقابة العمالية يكون للعامل في تلك المهنة، وحيث أن تعريف العامل في المادة 2 من القانون قد شملت كل من يؤدي عملا لقاء أجر ويكون تابعا لصاحب العمل، فإن المتقاعد لا يمكن اعتباره عاملاً بأي صورة لعدم توفر عناصر العمل الثلاثة فيه (أداء العمل، تقاضي الأجر، التبعية لصاحب عمل)، وعليه فينبني على ذلك أن المتقاعد كونه ليس عاملاً، لا يعتبر ممن يحق لهم تأسيس النقابة العمالية ولا ممن يحق لهم الإنتساب إليها.


الاستاذة نور الامام الخبيرة القانونية والنقابية اعتبرت أنه ووفقا لأحكام المادة 6 من النظام الموحد فان من يحق له أن يكون عضواً في النقابة هو "العامل" الذي بلغ 18 عاماً وهذه هي شروط العضوية.
 أما انتهاء العضوية فتكون للأسباب الواردة في المادة 15 والتي تنص على ما يلي: 
تنتهي العضوية من النقابة في أي من الأحوال التالية:
1- الانسحاب
2- فقدان شرط من شروط العضوية.
3- عدم تسديد الاشتراكات مدة تزيد عن ستة أشهر متتالية.
4- الفصل من عضوية النقابة.
5- الوفاة.

وعليه فان العضو العامل الذي يحق له الترشح والانتخاب هو العضو الذي تجاوز سن ال18 على أن يكون عاملاً ومسدداً لاشتراكاته السنوية مدة تزيد عن 6 اشهر متتالية.


وتضيف الاستاذة نور الامام أن العامل وفقاً لقانون العمل معرف في المادة 2 على أنه  كل شخص ذكر كان أو أنثى يؤدي عملاً لقاء اجر ويكون تابعاً لصاحب العمل وتحت امرته وهو عضو الهيئة العامة وفق المادة 33 من النظام الموحد.

متى يحق للمتقاعد الانتساب للنقابات العمالية؟
إذا عاد المتقاعد إلى العمل بعد التقاعد، فالأصل المجرد وعلى قاعدة أن الأصل في الأمور الإباحة، ولكونه عاد واكتسب صفة العامل مرة أخرى، فمن المنطقي أن يستعيد حقه في الإنتخاب والترشح للهيئات الإدارية للنقابات، إلا أن هذه الحقيقة تشوبها ممارسات يتم من خلالها التحايل على القانون بتحرير عقود عمل وهمية للإستئثار بالمواقع القيادية في النقابات واحتكارها، وهو أمر يخل بالمفهوم الذي شرع من أجله للعامل حق استعادة صلاحيات الإنتخاب والترشح، الأمر الذي يتطلب أن يكون المتقاعد قد اكتسب صفة العامل فعلا وليس شكلاً.

وبحسب خبراء قانونيون فإن مجرد عودة المتقاعد إلى العمل بعد التقاعد الفعلي لا تزيل عنه صفة المتقاعد، ولا تعيد له حق الإنتخاب أو الترشح إذا كان قد اكتسب صفة المتقاعد وفق القوانين المرعية وانتقل فعلا من صفوف العاملين إلى صفوف المتقاعدين بإجراءات قانونية وبفاصل زمني، أي في حال التقاعد الفعلي وليس فقط بلوغ سن التقاعد.

وبحسب هؤلاء الخبراء أن المادة 114 نصت صراحة على عدم جواز انتخاب أي شخص عضواً في الهيئة الإدارية لأي نقابة إلا إذا كان عاملاً مسجلاً لديها أو مستخدماً فيها على سبيل التفرغ، الأمر الذي يعني ضرورة أن تتوفر فيه صفة العامل وفق تعريف العامل في المادة الثانية من القانون، وأن يكون مسجلاً لدى النقابة أو مستخدماً فيها على سبيل التفرغ، أي أن يكون من العاملين في المهنة أو القطاع الذي تمثله وعضواً في هيئتها العامة بهذه الصفة، وهي شروط لا تنطبق على المتقاعد، رغم أنه ليس هناك ما يمنع من أن يستفيد من خدماتها بموجب أنظمتها ولوائحها الداخلية، وهو ما أخذت به العديد من التشريعات في مختلف الدول، مع أنها اتفقت على عدم أحقيته في الإنتخاب والترشح لعضوية هيئاتها الإدارية.

اقرأ أيضاً:








إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020