الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" .. حاتم قطيش
لا شك أن صفقة القرن تسيطر الآن على حديث المجتمع الأردني بكافة أطيافه وتوجهاته ومستوياته الثقافية، ابتداءاً من النخب وانتهاءاً بمجالس العائلات الضيقة،فتجد أن معظم الأحاديث والنقاشات تدور حول بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
طالعنا الموقع الالكتروني لمجلس النواب الأردني اليوم بخبر التقاء لجنة فلسطين النيابية مع رئيس الاتحاد العام للنقابات العمالية في الأردن للتداول حول الموضوع والتأكيد على الثوابت الأردنية تجاه القضية الفلسطينية والتركيز على حملة الشعبية للتأكيد على حق العودة ورفض الوطن البديل.
لن أتحدث عن فحوى اللقاء وتفاصيل الحملات الشعبية وجدوى جمع التواقيع الالكترونية وغيره، ولكني سأسلط الضوء على قضية هامة وورقة بالغة الأهمية يملكها اتحاد نقابات عمال الأردن دون غيره وهي ما يسمى ب " قوة العمال " .
لجنة فلسطين النيابية وعند تفكيرها بمفاتيح القوة في المجتمع الأردني لجأت الى جهتين تعتبران الأكثر تأثيراً وهما وزارة الأوقاف واتحاد عمال الأردن، وهذا توجه مبرر عند التفكير بأوراق الضغط الشعبية الحقيقية لانجاح أي حملات شعبية.
في ظل الحديث عن عشرات الآلاف من العمال -ان لم يكن مئات الآلاف- تحت مظلة اتحاد عمال الأردن بالرغم من عدم السعي الجاد من قبل النقابات العمالية الى زيادة انتساب العمال اليها يكون السؤال هل يعي العمال القوة التي يتمتعون بها؟ وهل يدرك الاتحاد مقدار القوة التي يسيطر عليها ويملك توظيفها؟ وهل يعي صناع القرار في الأردن أهمية النقابات العمالية ومدى تأثيرها في الشارع الأردني؟
المتابع للحراك التشريعي الذي تم في الأشهر الماضية حول قوانين أساسية تمس عمال الأردن والنقابات العمالية بل كل بيت أردني وهما قانون العمل الأردني وقانون الضمان الاجتماعي ليجد أن العديد من مواد القوانين التي تتغول على الحقوق العمالية وتنحاز بطريقة فاحشة لأصحاب العمل، تم تمريرها بسهولة بل قل بغفلة من العمال وصمت شبه مطبق من غالبية النقابات العمالية وأكاد أجزم أن العديد من القيادات النقابية العمالية لا تعلم حتى هذه اللحظة أغلب المواد التي تم تعديلها والتي تنعكس بشكل مباشر عليهم، بل ان استهتار صناع القرار في مجلس الأمة بالعمال وصل الى حد عدم دعوة اتحاد عمال الأردن الى اجتماع لجنة العمل في مجلس الاعيان للتباحث والنقاش حول تعديلات قانون العمل بالرغم من توجيه الدعوة للعديد من المنظمات غير المؤثرة "شعبياً" والتي لا يدور في فلكها الا مجموعة قليلة من النخب النقابية والحقوقية!!!
ان اعتراف مجلس النواب الضمني بالقوة الحقيقية التي يملك زمامها اتحاد عمال الأردن فيه اشارات ورسائل بالغة الأهمية ان نحن أحسنّا تلقيها وتوظيفها.
يا عمال الأردن أنتم قوة حقيقية شعبية فلا تستهينوا بأنفسكم وحصنوا قوتكم بالانتساب للنقابات العمالية وكونوا فاعلين ومؤثرين بها، ويا اتحاد عمال الأردن أنتم تملكون دفة توجيه قوة عمالية عارمة فمدوا جسور التواصل مع عمالكم واستثمروا هذه القوة في تحصين حقوق عمالكم وحمايتهم وتجويد التشريعات التي تنظمهم.
وفي زاوية أخرى من أحاديث الشارع وفي ظل الحديث عن استثمار قوة العمال في قضية سامية كقضية القدس - وهو أمر لا يختلف عليه اثنان- ، يجري الآن في أروقة اللجنة الثلاثية في وزارة العمل انضاج قرار الحد الأدنى للأجور، وهنا حُق لنا أن نتساءل هل استثمر اتحاد عمال الأردن قوة العمال التي يتربع على عرشها في الضغط على الحكومة لرفع الحد الأدنى للأجور؟ هل تدرك الحكومة خطورة قرارها في رفع الحد الأدنى للأجور ان لم يكن منصفاً للعمال؟ هل أعدت النقابات العمالية التي تدور في فلك اتحاد نقابات عمال الأردن خطة عمل في موضوع الحد الأدنى للأجور؟ .. عند الجواب على هذه التساؤلات يتضح لنا أن الأعداد الكبيرة للعمال ان لم يتم تنظيمها واستثمارها وتوعيتها وحسن قيادتها لا يمكن لنا أن نعول على قوتها بل أخشى وفي ظل تشرذمها وتشتتها وتبعثرها أن يصدق فيها وصف "غثاء كغثاء السيل"
إرسال تعليق