رانيا الصرايرة (صحيفة الغد)
في الوقت الذي يحتدم فيه النقاش بين أعضاء اللجنة الثلاثية لشؤون العمل، المخولة باتخاذ قرار زيادة الحد الأدنى للأجور من عدمه، تشير مصادر داخل اللجنة إلى “أن هناك توجها لرفع الحد الأدنى للأجور لـ280 دينارا، وسط رفض ممثلي غرف الصناعة، وإصرار الاتحاد العام لنقابات العمال في الأردن على ان لا يقل عن 300 دينار”.
وأكدت المصادر نفسها، التي طلبت عدم نشر اسمها، إن اللجنة “توافق”، خلال اجتماع عقدته أمس في مبنى غرفة صناعة عمان، على رفض مقترحات تقدمت بها عدة جهات، مفادها أن تتم “الزيادة” حسب القطاع، وهو أمر ألمح إليه وزير العمل نضال البطاينة في تصريحات صحفية سابقة، حيث قال “إن موضوع الحد الأدنى للاجور من المتوقع أنه سيتم بحثه بطريقة مختلفة عما كان عليه في السابق، حيث سيؤخَذْ في عين الاعتبار نوعية القطاع الانتاجي”.
كما استبعدت المصادر، أن تتم “الزيادة” حسب السن، وهو مقترح تمت مناقشته أيضًا، بحيث تتم الزيادة، لمن تزيد أعمارهم عن 30 عامًا، لتذهب اللجنة باتجاه زيادته للجميع، بحال تمت الموافقة بين كل أعضاء اللجنة على مبدأ الزيادة من الأساس.
وقال البطانية إن اللجنة، التي من المفترض ان تعقد اجتماعًا ثانيًا بعد غد الثلاثاء، لم تأخذ قرارها بعد بشأن زيادة الحد الأدنى للأجور، ولم يتم تحديد قيمة معينة، مضيفًا أن قرار “الزيادة” وتحديد قيمتهان ليس صلاحية منفردة يتخذها الوزير، فهي مناطة بموجب القانون باللجنة.
لكنه أوضح أنه في حال عدم توافق اللجنة على رقم محدد، فإن القرار سيكون بيد مجلس الوزراء.
ولم يكشف البطاينة عن موعد محدد لانتهاء أعمال اللجنة، قائلًا إن العامل الرئيس المرجح في اتخاذ القرار، سيكون بناء على بيانات واحصائيات قطاعية وتحليل لأثر “الزيادة” على تنافسية هذه القطاعات وديمومة عملية الإنتاج.
وبين أنه سـ”يتم تزويد اللجنة بآخر نتائج البيانات والدراسات التي تم التوصل لها”.
بدوره، قال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن مازن المعايطة، وهو عضو في اللجنة الثلاثية، إن الأخيرة تنتظر دراسة مفصلة من المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي تبين التفاصيل حول أجور العاملين في الأردن، وبناء عليها سيتم اتخاذ القرار.
لكنه أكد أن الاتحاد “مُصر على ان لا يقل الحد الأدنى للأجور بحال رفعه عن 300 دينار، فالحد الأدنى “الحالي” غير مواكب لاحتياجات العامل الأساسية، وغير متكافئ مع موجة الغلاء التي تجتاح البلاد، وأدت إلى تآكل الأجور.
من جانبه، قال مدير بيت العمال حمادة أبو نجمة، في منشور على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، “لماذا يجب أن يكون الحد الأدنى للأجور بحدود 300 دينار شهريا؟ لان الحد الأدنى لرواتب القطاع العام 347 دينار شهريا، والحد الأدنى لرواتب التقاعد المدني 300 دينار شهريا، وخط الفقر حسب مسح دخل ونفقات الأسرة 2017/ 2018 للفرد 100 دينار شهريا، وخط الفقر للأسرة المعيارية (متوسط حجم الأسرة) 4.8 فرد 480 دينار شهريا ومعدل الإعالة (1: 4) أي معيل واحد لكل 4 أشخاص وهذا يعني ان المعيل بحاجة إلى 400 دينار شهريا ليبقى في حدود خط الفقر”.
لكن صناعيون، شاركوا في اجتماع أمس، اكدوا في بيان أن الحد الأدنى للأجور في الأردن “يعتبر من الأعلى بين دول المنطقة، حيث يبلغ في الأردن 268 دولارًا أميركيا، واي رفع في هذا الأجر، سيؤدي الى فقدان تنافسية الصناعة الأردنية امام المنتجات المستوردة، بالاضافة الى ارتفاع اسعار السلع المصدرة، ما سيفقد الصناعة تنافسيتها في الأسواق الخارجية”.
وقال البيان إن أرقام مؤسسة الضمان الاجتماعي تشير إلى أن معدل الرواتب القطاع الصناعي تتجاوز الحد الأدنى للأجور، حيث يصل متوسط أجور الأردنيين العاملين في القطاع الصناعي لنحو 508 دنانير في الصناعات التحويلية، وأكثر من ضعفها في صناعات التعدين واستغلال المحاجر، وما يقارب 875 دينار في إمدادات الكهرباء والغاز والماء، في حين يصل المتوسط العام الكلي للأجور إلى حوالي 534 دينار”.
من جهته، دعا مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، المعنيين إلى الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من العوامل تتعلق بالفلسفة التي تقف خلف نشوء فكرة الحد الأدنى للأجور عالميا، حيث الهدف توفير دخل كريم للعاملين والعاملات من الداخلين الجدد الى سوق العمل وممن لا يحملون الكثير من المهارات.
وقال “إن أجور العاملين من أصحاب المهارات والخبرات عادة ما تتجاوز الحد الأدنى للأجور، وتحكمها سياسات العرض والطلب في سوق العمل وحسب قدراتهم المهنية وحاجات منشآت الأعمال، ولكن للأسف هنالك قطاعات اقتصادية واسعة تتعامل مع الحد الأدنى للأجور باعتباره مستوى الأجر الذي تعتمده للعاملين لديها”.
وأضاف “على أصحاب القرار أن يأخذوا بعين الاعتبار ارتفاع تكاليف المعيشة في الأردن، الى جانب خطوط الفقر المطلق للأفراد والأسر التي أصدرتها دائرة الإحصاءات العامة قبل أشهر وامتنعت الحكومة عن إعلانها، بالإضافة الى الأخذ بعين الاعتبار معدلات التضخم التي ارتفعت منذ إقرار الحد الأدنى للأجور الأخير قبل ثلاثة أعوام، والتي قاربت 8 %”.
إلى ذلك، رأى أبو نجمة أن الإقتصاد الوطني شهد مؤخرا عددا من التراجعات أثرت على الأجور بشكل مباشر، وعلى القدرة الشرائية للعاملين في القطاعين العام والخاص بشكل لافت، كانخفاض الناتج المحلي الإجمالي وتراجع نصيب الفرد منه، الأمر الذي انعكس سلبا على حركة السوق، وتسبب في خسائر غير مسبوقة.
وأوضح “أن رفع الحد الأدنى للأجور سيساهم في حماية الفئات العمالية الضعيفة، ويضم لها مستوى معيشة أفضل، كما يساهم
في الحد من الفقر وإعادة توزيع الدخل بشكل عادل ومنصف، وفي زيادة الدخل المتاح، وبالتالي زيادة الإستهلاك الخاص وتنشيط الإقتصاد ورفع معدلات النمو بما يساهم في الحد من البطالة، وتحفيز العمالة المحلية للإقبال على فرص العمل المتاحة”.
وتابع “أن أي مراجعة للحد الأدنى للأجور يجب أن تراعي تحقيق الهدف منه، وهو توفير مستوى لائق من المعيشة للعمال وأسرهم، والأخذ بالعوامل اللازمة لذلك وبشكل خاص حاجات العمّال وأسرهم، وكلف المعيشة/ التضخّم، وخط الفقر الوطني، ومتوسط حجم الأسرة ومعدل الإعالة، ومستوى الأجور العام”.
وكان مركز تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان أوصى، في ورقة عمل أصدرها مؤخرا، برفع الحد الأدنى للأجور ليتناسب مع الظروف الاقتصادية في المملكة ومعدلات التضخم، وشمول العمال المهاجرين واللاجئين بهذا الرفع.
وأوضح أن الأوضاع بدأت بالتغير بعد الأزمة المالية العالمية، حيث عانى الاقتصاد الأردني جراء الأزمة، وتحت ضغط الاضطرابات السياسية في المنطقة العربية، كان من تأثيراتها حدوث تباطؤ بمعدلات النمو الاقتصادي ليصل إلى 1.9 % فقط في العام 2018، ما أدى إلى ارتفاع نسب التضخم.
إرسال تعليق