هل يجب رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن؟.. د.عدلي قندح


ساهمت مجموعة من العوامل بزيادة حجم قطاع الاعمال منخفضة الدخل في العالم، ومن أهمها ارتفاع معدلات البطالة، ونمو حجم الاعمال بشكل جزئي، وتزايد بحث النساء عن العمل، والتوجه نحو اقتصاديات السوق، وتراجع نفوذ نقابات العمال، اضافة الى التعديلات التي تُجرى على قوانين العمل وغيرها.
ومن هنا بدأت الدول بإيلاء موضوع وضع حد أدنى للأجور أهمية خاصة نظرا لآثاره الجوهرية على العمالة، والتشغيل في الاقتصاد غير الرسمي، وهيكلية الأجور، ومستويات الفقر، وإنتاجية العمال، ومعدلات التضخم. فما هو الحد الأدنى للأجور؟
تتنوع أنظمة الحد الأدنى للأجور في جميع أنحاء العالم، وتختلف مناهجها من دولة لأخرى، ويتوقف ذلك على احتياجات وخيارات البلدان كل على حدة. ففي بعض الدول يوجد حد أدنى واحد للأجور مطبق على جميع الموظفين والقطاعات والمناطق في البلد؛ ولدى البعض الآخر مستويات متعددة للحد الأدنى للأجور حسب القطاع والنشاط الاقتصادي أو المهنة أو المنطقة الجغرافية.
وفقا للمفهوم الأردني فإن الحد الادنى للأجور هو الأجر الادنى الذي تحدده الحكومة بالتفاوض مع نقابات العمال وأصحاب العمل ليدفع للعامل بالشهر من قبل صاحب العمل، وهو محدد وفقا لآخر تعديل أجري له عند مستوى 220 دينارا بالشهر، وهو أجر واحد في المملكة يطبق في مختلف القطاعات والمناطق. ويختلف الحد الأدنى للأجور عن أجر التوازن الذي يتحدد عن طريق قوى العرض والطلب في السوق التنافسية. وعادة يجوز لصاحب العمل أن يدفع للعامل أعلى من الحد الأدنى للأجور ولكن لا يجوز له أن يدفع له أقل منه.
حدد مجلس الوزراء الأردني الحد الادنى للأجور لأول مرة في 1999 بمبلغ 80 دينارا بناء على تنسيب لجنة مشكلة من مجلس الوزراء، من ممثلين عن الحكومة والعمال وأصحاب العمل، استنادا لنص المادة (52) من قانون العمل رقم (8) لسنة 1996 وبدأ العمل فيه العام 2000. وتم رفع الحد العام 2003 الى 85 ديناراً، والعام 2005 الى 95 دينارا على إثر إزالة جزء كبير من الدعم المقدم للمشتقات البترولية. وفي 2007 الى 110 دنانير بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة. وفي 2008 الى 150 دينارا ومن ثم الى 190 دينارا إثر ارتفاعات حادة في مستويات الأسعار العالمية والمحلية.
وضع حد أدنى للأجور يعمل على تحقيق اهداف منها؛ الحد من الاعمال ذات الأجور المنخفضة والتي تكون في الغالب غير عادلة واستغلالية، وتقليل اعتماد العمال على المعونات التي تقدمها الدولة وبالتالي تخفيض الكلفة على موازنة الدولة، ما يعني استخدام الأموال المتوفرة في الموازنة لأغراض نافعة أخرى، ويعمل كذلك على المساهمة في تخفيف حدة الفقر وتشجيع العديد من الفئات العاملة ذات الاجور المنخفضة للعودة للتعليم الأمر الذي يعني زيادة الاستثمار في رأس المال البشري.
في الوقت الراهن، أرى بأن هناك ضرورة لتصحيح مستوى الحد الأدنى للأجور الحالي وذلك برفعه مرة أخرى الى مستوى لا يقل عن 300 دينار بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة في السنوات الماضية، ولأن رفعه سيعمل على تحقيق اهداف أهمها حماية العمالة المحلية من منافسة العمالة الوافدة خاصة غير المرخصة التي تقبل بأجور متدنية، فالإبقاء على حد متدن للأجور سيؤدي لزيادة معدلات البطالة نتيجة لرفض أبناء المجتمع العمل في مهن واعمال يدوية ذات أجور متدنية. تشير الدراسات التي أجريت على العمالة الوافدة الى أنها تقبل بمستويات اجور أقل وظروف عمل أقسى وساعات أطول من الأردنيين. لذلك نافسوا العمالة الأردنية في بعض القطاعات، ما أدى الى رفع مستويات البطالة في المناطق التي تتركز فيها العمالة الوافدة وزاد عدد العمال في القطاعات الاقتصادية غير المنظمة. ومن هنا تأتي أهمية رفع الحد الأدنى للأجور.
كما وأرى أن يكون في الأردن حد وطني أدنى للأجور على مستوى المملكة، وحدود دنيا للأجور للأقاليم المختلفة أو المحافظات في المملكة بحيث تختلف عن الحد الوطني باختلاف ظروفها الاقتصادية والاجتماعية والسكانية وغيرها. وهذا يعني أن يتم التمييز في الحد الأدنى للأجور حسب العمر وساعات العمل ومكان العمل والوضع الاجتماعي للعامل، متزوج/أعزب ، ومستوى الإعالة، والوضع الصحي، وعدد ساعات العمل، ومستوى التضخم في الاقليم أو المحافظة خاصة أن مثل هذه الاحصاءات توفرها دائرة الاحصاءات العامة.(الغد)


اقرأ أيضاً:
الحد الأدنى للأجور .. من "طق طق" للسلام عليكم

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020