الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش
* ما المقصود بالعدالة الاجتماعية؟
العدالة الاجتماعيّة هي أحد النظم الاجتماعيّة التي من خلالها يتم تحقيق المساوة بين جميع أفراد المجتمع من حيث المساوة في فرص العمل، وتوزيع الثروات، والامتيازات، والحقوق السياسيّة، وفرص التعليم، والرعاية الصحيّة وغير ذلك، وبالتالي يتمتّع جميع أفراد المجتمع بغضّ النظر عن الجنس، أو العرق، أو الديانة، أو المستوى الاقتصاديّ بعيش حياة كريمة بعيداً عن التحيّز.
* ماهو باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية ؟ ومن صاحب الفكرة؟ ولماذا نحتفل به؟
خصصت الأمم المتحدة يوماً عالمياً للعدالة الاجتماعية لتذكير العالم بأهميتها وبضرورة تطبيقها اذ تحتفل العديد من المنظمات، وعلى رأسها الأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية في العشرين من شهر شباط/فبراير كل عام، حيث تصدر هذه المنظمات بيانات تتحدث فيها عن أهمية العدالة الاجتماعية، كما يناقشون الخطط لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال السعي للقضاء على كل من (الفقر، التمييز، البطالة).
* إعلان العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة
تبنت منظمة العمل الدولية إعلاناً بعنوان (العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة) في العاشر من شهر حزيران/يونيو عام 2008، وتبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثالثة والستين في التاسع عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 2008.
وتضمن الإعلان العديد من البنود أهمها، تحقيق العمالة الكاملة (أي القضاء على البطالة بشكل كامل وضمان فرص العمل للجميع)، تحقيق التماسك الاجتماعي من خلال محاربة الفقر والقضاء على التمييز وعدم المساواة بمختلف أشكاله سواءً بسبب الجنس أو العرق أو اللون، كما وضعت الأمم المتحدة برنامج عمل لتحقيق العدالة الاجتماعية، يقوم على ما يلي:
2- اتخاذ إجراءات وتدابير لتأمين الضمان الاجتماعي لكل أفراد المجتمع لاسيما العاملين منهم، ذلك من خلال توسيع الضمان الاجتماعي ليشمل الجميع، ومن هذه التدابير على سبيل المثال: (توفير دخل خاص للحماية الاجتماعية (الضمان الاجتماعي)، تأمين ظروف عمل صحية وآمنة (الضمان الصحي)، تحديد ساعات العمل، تحديد حد أدنى للأجور، (بحيث يضمن للفرد العامل وأسرته تأمين الحد الأدنى من المستوى المعيشي).
* العمل اللائق من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية
يُعتبر نقصُ فرص العمل اللائق والخوف من عدم تحقيق المطامح بحياةٍ أفضل قوةً طاغية تقود مخاوف الناس وتغذي حالة عدم اليقين. وهي تترك الشباب دون ركيزةٍ في المجتمع. ويسود هذا الشعور في حالات النزاع والضعف والتشرد حيث غالباً ما يتم التعبير عن ثلاث رغباتٍ أساسية هي العودة إلى الوطن، والتمتع بكرامة العمل، وأن يغدو الأطفال آمنين ويذهبوا إلى المدرسة.
ويتمثل التحدي المشترك الذي يقف أمامنا في التوصل إلى سياساتٍ بديلة تخلق فرص عملٍ لائقة يستند إليها استقرار مجتمعاتنا ونجاحها. فنحن بحاجةٍ إلى حلولٍ تقودنا بعيداً عن النزاعات وقريباً من الانتعاش والنمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، حلول تبني مؤسساتٍ تُحصِّنها معاييرُ عملٍ تضمن الحقوق في العمل. وفي عالمٍ مترابطٍ بينياً، تُعتبر هذه أجندةً عالمية ومسؤولية عالمية.
ويتمثل التحدي المشترك الذي يقف أمامنا في التوصل إلى سياساتٍ بديلة تخلق فرص عملٍ لائقة يستند إليها استقرار مجتمعاتنا ونجاحها. فنحن بحاجةٍ إلى حلولٍ تقودنا بعيداً عن النزاعات وقريباً من الانتعاش والنمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، حلول تبني مؤسساتٍ تُحصِّنها معاييرُ عملٍ تضمن الحقوق في العمل. وفي عالمٍ مترابطٍ بينياً، تُعتبر هذه أجندةً عالمية ومسؤولية عالمية.
* معوقات العدالة الاجتماعية
يعترض تحقيق العدالة الاجتماعية مجموعة من المعوّقات من أهمّها:
1- غياب الحريّة وانتشار الظلم والفساد والمحسوبيّة.
2- عدم المساوة في توزيع الدخل بين الأفراد على المستوى المحليّ أو الوطنيّ، بحيث يختلف الدخل باختلاف العرق أو الجنس أو غير ذلك.
3- عدم المساوة في توزيع الموارد والممتلكات كالأراضي والمباني بين الأفراد.
4- عدم المساوة في توزيع فرص العمل بأجر.
5- عدم المساوة في الحصول على فرص التعليم، وعلى الخدمات التعليميّة المختلفة كالإنترنت والكتب.
6- عدم المساوة في توزيع خدمات الضمان الاجتماعيّ والخدمات الصحيّة.
* النقابات العمالية والعدالة الاجتماعية
من المفارقات الملفتة أن تكون فكرة اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية نابعة من رحم النقابات العمالية حيث جاء الاحتفال باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية تحت شعار (العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة للجميع) بناءً على اقتراح من الاتحاد الروسي العام لنقابات العمال.
ان فكرة العدالة الاجتماعية ملتصقة التصاقاً وثيقاً بالفئة المستضعفة التي تعاني بشكل مباشر من انعدام هذه العدالة والتي هي فئة العمال، ولعل من ركائز انشاء النقابات العمالية المنطلقة من مبادئ حقوق الانسان هي ازالة حواجز الطبقية وعدم المساواة وعدم تكافؤ الفرص واذابة مسببات التمييز المبني على الجنس أو الدين أو العرق .. الخ.
ولكن أين هي النقابات العمالية اليوم من السعي نحو ترسيخ العدالة الاجتماعية، وهل يعي النقابيون ثقل الأمانة الملقاة على عواتقهم أم أن هناك نهج واضح لتقزيم العمل النقابي العمالي ليرتبط فقط بمطالبات عمالية معيشية محدودة منعزلة عن أي معنى للتضامن النقابي وحقوق الانسان.
* التشريعات العمالية والعدالة الاجتماعية
من المفارقات الملفتة أن يأتي اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية ولا زالت الحركة النقابية العمالية الأردنية تطبب جراحها بعد تعديل قانون العمل الأردني والضمان الاجتماعي الأخيرين في عام 2019 والتي يتفق الجميع أنها جاءت لتشكل انتكاسة حقيقية في الحقوق العمالية ومبادئ العدالة الاجتماعية وترجيحاً لكفة أصحاب العمل على حساب الحمايات الاجتماعية للعمال وتوسيعاً لفتق التمييز وغياب شروط العمل اللائق وانحسار مقومات العدالة الاجتماعية بحيث ازدادت صعوبة المهمة الملقاة على عاتق النقابيين والحقوقيين من رتق الفتق وتقويم المسير. وهاهي الحكومة تقترح مشروع قانون معدل جديد لقانون العمل بمواد انتقائية مجتزأة لا تلبي الاختلالات الحاصلة في سوق العمل وتكرس لتغول أصحاب العمل على العمال.
* العدالة الاجتماعية أولوية نقابية عمالية
ان النقابات العمالية اليوم مطالبة بالسعي الجاد ووضع الخطط والبرامج الحقيقية الواقعية لمحاربة الفقر والبطالة وترسيخ مبادئ العدالة و المساواة وحقوق الانسان والحمايات الاجتماعية والتي تشكل اللبنة الأساسية لبيئة عمل آمنة وتحقق شروط العمل اللائق للعمال والدفع الجاد باتجاه تعديل التشريعات الناظمة للعمل والحمايات الاجتماعية للعمال.
لذلك أعتقد أن المطلوب من النقابات العمالية ليس فقط بيانات الاحتفال بهذه المناسبة والاشارة اليها بصيغة جميلة ومنمقة؛ بل المطلوب أن يتم ترجمة هذه الخطابات الرنانة والبيانات المنمقة لخطط عمل واضحة تثبت حسن نوايا القائمين على هذه النقابات وصدق توجههم وجديتهم في ترسيخ العدالة الاجتماعية ، الا اننا وللأسف الشديد نجد أن الغالبية العظمى والساحقة من النقابات العمالية -ان لم يكن جميعها- لم تقم حتى بالاشارة الى هذا اليوم بل ان كثيراً من النقابيين في غفلة عن وجود هذا المصطلح ابتداءاً.
اقرأ أيضاً:
إرسال تعليق