متلازمة البطالة والفقر والفساد والغلاء .. محمود سويدان


لا يحتاج المرء إلى استطلاعات الرأي ليتأكد بأن قضايا البطالة والفقر والفساد والغلاء من أبرز القضايا التي تشغل اهتمام الأردنيين، وأنها فعلا من أولويات المجتمع الأردني لآثارها السلبية الخطيرة عليه وعلى استقراره وأمنه .
ولكن، فإن استطلاعات الرأي التي يجريها العديد من المؤسسات وعلى رأسها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، تثبت هذه الحقيقة، فباستمرار تتصدر هذه القضايا الخطيرة أولويات اهتمام الأردنيين.
ولأن هذه القضايا لم تتراجع في اهتمام الأردنيين في أي يوم من الأيام، فهذا يعني أن السياسات التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة فشلت بمعالجتها أو الحد منها وما تزال تؤثر سلبا على المجتمع، وتتسبب بتوتر متصاعد في وسط الأردنيين.
كما يعني استمرار هذه الاولويات لدى الأردنيين، بأن الحكومات المتعاقبة لم تكن على مستوى وعودها عند التشكيل وبعده وخلال نيلها الثقة من البرلمان بالتقليص من خطورة هذه التحديات والحد من تأثيرها، ما يؤشر على “عدم صدق” الاجراءات والسياسات التي أعلنتها هذه الحكومات لمعالجة هذه المشاكل والقضايا الخطيرة.
وكما وعدت الحكومات السابقة، فإن هذه الحكومة وعدت وتعهدت بمحاربة الفساد والبطالة والفقر والغلاء، ولكنها لم تتقدم أي خطوة على هذا الصعيد، فالفساد ما يزال موجودا وبقوة، وما يزال يؤثر سلبا وينخر بالمجتمع. وإذا تحدثت الحكومة عن إنجازات على هذا الصعيد، فإن الفضل لا يعود لها على الإطلاق.
كما أن البطالة في ارتفاع، فما يزال آلاف الشباب ومن الخريجين الجدد، غير عاملين، ولم تخلق الحكومة ولا برامجها المتعددة فرص العمل التي من الممكن التخفيف من حدة البطالة، فارتفعت نسبة المتعطلين عن العمل.
وبخصوص الفقر، فالنسبة تتزايد باستمرار؛ فالسياسات الحكومية لم تعالجه أو تحد منه، ولذلك فالفقراء في ازدياد، وتتصاعد معاناتهم يوما بعد يوم على ضوء الغلاء الذي لم تتمكن الحكومة بالرغم من سياساتها وحزمها من معالجته.
لذلك، فإنه وبحسب نتائج الاستطلاع الأخير لمركز الدراسات، “فإن ثلثي مستجيبي العينة الوطنية بنسبة 67 بالمائة ونصف مستجيبي عينة قادة الرأي 48 بالمائة يعتقدون أن الأمور في الأردن تسير في الاتجاه الخاطئ”.
كل الحكومات، ومنها هذه الحكومة، تعلن أنها ستتصدى لهذه القضايا الخطيرة والحساسة(الفقر والفساد والبطالة والغلاء)، ولكنها ترحل وسط ارتفاع وتفاقم خطورة وحدة هذه القضايا.
تتذرع الحكومات ومنها هذه الحكومة بظروف موضوعية تتسبب بظروف اقتصادية ومعيشية غاية في الصعوبة ومعقدة، ولكنها ترفض الاعتراف والاقرار أنها فشلت في تحقيق الاهداف وأنها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن ذلك.
للأسف، لم تستقل حكومة بعد فشلها بمعالجة القضايا الرئيسة، وعندما ترحل فلا تعترف ولا تقر بأنها لم تكن على مستوى المسؤولية، وتبقى تتحدث عن إنجازاتها، مع أن المواطنين يئنون جراء ما نفذته من سياسات، وجراء أخطائها، وضعفها، وأشياء أخرى لا تقل أهمية عما سبق قوله.

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020