إلغاء «حظر تشغيل النساء ليلا» يصطدم بمعارضة .. سمر حدادين


سمر حدادين - صحيفة الرأي

لا تزال المادة 69 من قانون العمل والمتعلقة «بحظر تشغيل النساء ليلا»، خاضعة لنقاش وتباينات في الآراء بين مؤسسات المجتمع المدني، فيما دخل القطاع النسائي في جبهة العمل الإسلامي على الخط ليعرب عن رفضه المساس بالنص الحالي.

وبرزت تخوفات من تغيير المادة من تعرض المرأة لظروف اجتماعية قد يؤثر على خروجها للعمل مع مرور الوقت، الى جانب مخاطر تعرضها لتحرش في ظل منظومة اجتماعية وقانونية عاجزة عن توفير الحماية لها.

فيما ينطلق المؤيدون لإلغاء المادة من كونها تشكل قيدا على حق المرأة في العمل وينبغي أن يتم استبدال عمل المرأة ليلا بحمايات خاصة للعمل الليلي للذكور والإناث، ومن ذلك مراعاة المرأة في فترة الحمل والإرضاع.

وتنص المادة 69 على «يصدر وزير العمل قراراً بعد استطلاع رأي الجهات الرسمية المختصة يحدد فيه «الصناعات والأعمال التي يحظر تشغيل النساء فيها»، وكذلك «الأوقات التي لا يجوز تشغيل النساء فيها والحالات المستثناة منه».

وكانت وزارة العمل أرسلت مؤخرا لمجلس النواب مشروع تعديلات على قانون العمل والمتضمنة اقتراحا لإلغاء المادة ٦٩ من القانون كاملة، لمناقشتها من قبل لجنة العمل النيابية، التي من المتوقع أن تنهي نقاشها غدا الثلاثاء.

ويرى الاتحاد العام لنقابات العمال ان إلغاء المادة سيشكل ضررا على المرأة العاملة، لذلك تم إبلاغ لجنة العمل النيابية بضرورة التعديل وليس الإلغاء.

من جانبها دعت الرئيسة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية سمر محارب إلى توخي الحذر قبيل إلغاء المادة والمطالبة بإضفاء حماية مضافة إذا ما سمح العمل ليلاً لكل القطاعات.

وبينت محارب أن هناك العديد من النساء تعد هذه المادة حماية لهن من إجبارهم للعمل ليلًا، يعني حتى بحماية مضافة هن لا يردن العمل ليلاً، وقد يستغل غياب هذه المادة لإجبارهن في سبيل توفير لقمة العيش.

وشددت على أنه كون ان هذه المطالب واردة بالاتفاقيات الدولية لا يجعلها ملزمة محلياً بأي حال من الأحوال خاصة في غياب توافق من المتأثرين بها أنفسهم، يعني لا توجد دراسة أو استفتاء شعبي يضمن قبول على الأقل ١٠ آلاف امرأة.

وزادت محارب: «الاتفاقيات الدولية تضع أطرا عالمية تناسب كل العالم على اختلاف ثقافاته واحتياجاته ولكل دولة اما قبول الإطار الدولي او رفضه او التحفظ على بعض بنوده»، فليس كل شيء دولي ملزما.

وتدعو اللجنة الوطنية لشؤون المرأة إلى وضع حماية للإناث والذكور في حالة تم إلغاء المادة من القانون، إذ قالت الأمينة العامة للجنة الدكتورة سلمى النمس تم التوافق مع جميع الأطراف ذات العلاقة على ضرورة وضع الحماية لكلا الجنسين، مع مراعاة الحوامل والمرضعات في بعض المهن.

فيما طالب القطاع النسائي في حزب جبهة العمل الإسلامي مجلس النواب برفض مقترح إلغاء المادة 69 من قانون العمل، والتي تتحدث عن صلاحيات وزير العمل في «تقنين عمل المرأة في قطاعات وساعات معينة تتضمن حظر عملها الليلي في بعض المجالات التي قد يشكل العمل فيها خطرا عليها وعلى أسرتها»، ودعا «القطاع النسائي» النواب بالتصويت لعدم إلغائها.

وأكد القطاع النسائي في الحزب، خلال بيان صحفي أصدره، السبت الماضي، رفضه القاطع لإلغاء هذه المادة، وأبدى «القطاع النسائي» استغرابه لربط الحديث عن المساواة وتمكين المرأة ورفع الوصاية عنها، وبين وضعها في «ظروف مهن لا تراعي خصوصيتها ولا تتناسب مع طبيعتها ولا تراعي كرامتها الانسانية»، إضافة إلى ما «يشكله عمل المرأة في بعض المهن من تعارض مع قيم المجتمع الأصيلة ومع الشريعة الإسلامية». ويرى الخبير العمالي والأمين السابق لوزارة العمل ومدير بيت الخبرة حمادة أبو نجمة أن السبب الرئيسي للجدل القائم حول المادة 69 هو التسرع في إقحام التعديل من قبل الحكومة دون دراسة أو حوار (ثلاثي ووطني) كما تفرضه علينا التزماتنا الوطنية والدولية، وقد فاقم المشكلة الإصرار على مناقشة القانون بين لجنة العمل والحكومة خلف أبواب مغلقة، بعكس ما جرت عليه العادة في كل لجان العمل السابقة التي كانت تتيح حوارا وطنيا مفتوحا في كل جلساتها حول كل مواد التعديلات بمشاركة ممثلي العمال وأصحاب العمل وممثلي الجهات المتأثرة ومنظمات المجتمع المدني.

وقال أبو نجمة فكرة مراجعة المادة 69 ليست جديدة، فقد بدأت وزارة العمل حوارا حول ذلك عام 2005، وعام 2013، وتوصلت مع مقترحات تراعي الظروف الوطنية ومعايير العمل الدولية، إلا أن التعديلات المقترحة لم تر النور انتظارا للبت في القانون المعدل المؤقت لعام 2010.

ولفت إلى أنه ومن منظور معايير العمل الدولية، فإن تقييد عمل المرأة ليلا الذي جاءت به المادة 69 قد استند إلى اتفاقيتين دوليتين قديمتين حول عمل النساء ليلا، هما الاتفاقية رقم 4 لعام 1919، والاتفاقية رقم 41 لسنة 1934، واللتان تم تجميد العمل بهما منذ صدور اتفاقية العمل ليلا رقم 171 لسنة 1990، والتي مثلت توجها جديدا يتمثل بإلغاء القيود على عمل المرأة ليلا واستبدالها بحمايات قانونية للذكور والإناث في العمل الليلي، أي ما يسمى (الانتقال من الحظر إلى الحماية).

واشار إلى أنه نتيجة ذلك تقرر إلغاء الاتفاقيتين 4 و14 بشكل تام باعتبارهما (فقدتا غاياتهما)، ولم تعارض ذلك أي دولة ومن ذلك الأردن بأطرافه الثلاثة الممثلين في منظمة العمل الدولية (الحكومة والعمال وأصحاب العمل).

وأوضح أبو نجمة أن السند في المعايير الدولية الذي كانت تقوم عليه هذه المادة بشكلها الحالي قد سقط، وأصبح واجبا على المشرع الوطني أن ينسجم مع ذلك ويستبدل الحظر على عمل المرأة ليلا بحمايات خاصة للعمل الليلي للذكور والإناث، ومن ذلك مراعاة المرأة في فترة الحمل والإرضاع، وبعكس ذلك فإن الإبقاء على المادة 69 بشكلها الحالي يشكل تقييدا لحق المرأة في العمل وتمييزا ضدها وفق أحكام الاتفاقية (111) بشأن التمييز في الاستخدام والمهنة، التي صادق عليها الأردن منذ عام 1963.

وبين أبو نجمة أن لجنة العمل في توجه للانتهاء من مناقشة القانون المعدل يوم الثلاثاء القادم، فإننا نعيد التذكير بالتعديل الذي نقترحه على المادة 69 بالصيغة المبينة أدناه أو بأي صيغة أخرى مماثلة تضمن إلغاء كافة أشكال القيود على المرأة، واستبدالها بحمايات خاصة لمن يعمل ليلا (ذكورا وإناثا) وحمايات خاصة للمرأة الحامل والمرضع.

وينص النص المقترح:على أنه: يلغى نص المادة (69) من القانون الأصلي ويستعاض عنه بالنص التالي:

يصدر الوزير تعليمات يحدد بموجبها:

أ‌- الحمايات الواجب توفيرها لحماية المرأة العاملة الحامل أو المرضعة من أخطار العمل وأضراره.

ب‌- أوقات العمل التي تعتبر عملا ليليا، والتدابير التي تتطلب طبيعة العمل ليلا اتخاذها بما يضمن توفير الحمايات الصحية اللازمة للعمال والعاملات، وتمكينهم من أداء مسؤولياتهم العائلية، وتوفير فرص الترقية المهنية لهم، وتعويضهم التعويض المناسب. 

اقرأ أيضاً:

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020