الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش
ترددت في الآونة الأخيرة -ولاتزال- مصطلحات قد تكون جديدة على الكثير من العمال مثل " العمل المرن " و "العمل عن بعد " ، فهل هذه المصطلحات وأشكال العمل جديدة ومستحدثة فرضتها علينا الظروف والتدابير الأخيرة بسبب مكافحة وباء كورونا ، أم أنها أشكال للعمل موجودة سابقاً ولكن تم اللجوء اليها اضطراراً في ظل الظروف الراهنة.
التاريخ التشريعي للعمل المرن:
الواقع أن العمل المرن والعمل عن بعد والذي هو أحد أشكال العمل المرن برز الى النور منذ العام 2017، حيث تم اصدار نظام العمل المرن في خطوة اعتبرت في حينه نقلة نوعية في التوجه نحو ادخال أشكال عمل جديدة الى سوق العمل لمواكبة التطور المتسارع والتسابق نحو ضمان انتقال آمن لمستقبل العمل؛ حيث سيتم الاستغناء عن ملايين الوظائف لتحل محلها أشكال جديدة لوظائف جديدة.
ولكن للأسف بقي نظام العمل المرن طي الادراج لأسباب ولم يتم تسجيل عقود عمل مرن من خلال وزارة العمل وبقي تطبيقه في نطاق محدود ومقتصر على بعض المؤسسات والمنشآت التي كانت قد طبقته بالفعل قبل صدور النظام.
العمل المرن وقانون العمل :
من المعروف تشريعياً أن الأنظمة تصدر استناداً الى قوانين ، ونظراً لأن نظام العمل المرن الذي صدر في العام 2017 لم يكن يستند الى قانون مما شكل ثغرة تشريعية ، برزت الحاجة الى تعديل قانون العمل الأردني وعندما سنحت الفرصة في العام 2019 تم اقتراح ادراج العمل المرن من ضمن التعديلات المقترحة على قانون العمل.
وبالفعل تم تعديل المادة (2) من قانون العمل وادراج تعريف خاص بالعمل المرن وأشكال عقود العمل المرن وفق نظام يصدر لهذه الغاية.
وبحسب التسلسل التشريعي يجب أن يصدر نظام العمل المرن بعد اقرار قانون العمل رقم 14 لسنة 2019 ولكنه لم يصدر حتى هذه اللحظة وبالتالي يتم العمل حالياً وفق نظام العمل المرن الصادر في 2017 لحين صدور نظام جديد.
ما هو عقد العمل المرن :
اتفاق كتابي يتعهد العامل في عقد العمل المرن بمقتضاه أن يعمل لدى صاحب العمل، وتحت إشرافه وإدارته مقابل أجر ويكون العقد محدد المدة وغير محدد المدة أو لعمل معين أو غير معين وفقاً لأشكال العمل المرن .
من هي فئات العمال التي من الممكن أن يشملهم نظام العمل المرن :
1- العامل الذي أمضى في الخدمة لدى صاحب العمل ثلاث سنوات متصلة.
2- العامل الذي لديه مسؤوليات عائلية ويشمل المرأة الحامل أو العامل الذي يتولى رعاية طفل أو رعاية فرد من أفراد العائلة أو رعاية كبار السن بسبب إعاقة أو مرض.
3- العامل المنتظم بالدراسة الجامعية.
4- العامل ذو الإعاقة.
ما هي أشكال العمل المرن:
أولاً : العمل بعض الوقت
يحق للعامل تخفيض ساعات العمل بعد موافقة صاحب العمل إذا كانت طبيعة العمل تسمح بذلك.
ثانياً: العمل ضمن ساعات مرنة:
يكون للعامل الحق فيه الحق وبعد موافقة صاحب العمل في توزيع ساعات العمل المحددة يومياً وبشكل يتواءم مع احتياجات العامل على أن لا يقل مجموع ساعات العمل التي يعملها بشكل يومي عن ساعات العمل المعتادة للعامل.
ثالثاً: أسبوع العمل المكثف:
ويكون للعامل فيه الحق وبعد موافقة صاحب العمل توزيع ساعات العمل الأسبوعية على عدد أيام تقل عن عدد أيام العمل المعتادة بالمنشأة على أن لا تتجاوز احدى عشرة ساعة في اليوم.
رابعاً: السنة المرنة:
ويكون للعامل فيه الحق وبعد موافقة صاحب العمل توزيع أيام العمل السنوي على أشهر محددة من السنة على أن لا تتجاوز أحكام قانون العمل.
خامساً: العمل عن بعد:
يتم فيه انجاز العمل عن بعد وذلك بعد موافقة صاحب العمل ودون الحاجة الى تواجد العامل في مكان العمل.
هل يحق صاحب العمل اجبار العمال الى تحويل عقودهم الى عقود عمل مرنة:
لا يجوز لصاحب العمل أن يفرض على العامل تحويل صفة عقد العمل وتحت طائلة إبطال أي اجراء ممكن أن ينقص حقوق العامل المنصوص عليها في قانون العمل.
كيف يتم احتساب الأجر والاجازات في عقود العمل المرن:
يحدد الأجر المستحق للعامل في عقد العمل المرن بما يتناسب مع مقدار الوقت أو العمل المؤدى خلال الشهر الواحد على أن لا يقل عن الحد الأدنى للأجور ، أما بالنسبة للإجازات فتحدد أحقية العامل في عقد العمل المرن للإجازات السنوية والمرضية وأي اجازات أخرى على أساس النسبة المئوية من ساعات العمل التي ينجزها.
كيف يمكن للعامل وفق عقد العمل المرن العودة الى عقد العمل غير المرن:
يجوز للعامل الذي حول عقد عمله من عقد عمل الى عقد عمل مرن العودة الى نظام العمل غير المرن بناءً على طلب يقدمه لصاحب العمل وبموافقة الطرفين.
العمل المرن و العمل عن بعد ومستقبل العمل :
تشير الدراسات أنه بتغير اتجاه العمل وشكل الوظائف الحديثة المتأثرة بالتغير التكنولوجي فإن 40% الى 60% من الوظائف معرضة لخطر الأتمتة، ولكن الواقع أن هذه الأتمتة ستستبعد المهام وأشكال العمل وليس الوظائف بحد ذاتها ، مما يعني أن تطوراً هائلاً سيطرأ على أشكال العمل في المستقبل وبالتالي يتوجب العمل مبكراً من قبل جميع الأطراف والنقابات العمالية على وجه الخصوص الى تأمين " انتقال آمن " للعمال من أشكال العمل الحالية الى أشكال العمل المستقبلية ومحاولة تجاوز بعض المشاكل والعقبات التي قد تؤثر في نوعية الوظائف وانعدام المساواة بين الذين يستطيعون الوصول اليها ويتمتعون بالمهارات لاستخدامها مقارنة بآخرين محرومين من ذلك تجزئة اليد العاملة بسبب "التايلورية الرقمية" و التفاوت في الوصول "مثل الوصول الى الانترنت"، وعدم تكافؤ الفرص والتفاوت في التدريب " التغير التكنولوجي المنحاز للمهارات".
ولعل الظرف الحالي من اجراءات وقائية استثنائية اتخذتها الدول من حظر تجول وتعذر وصول العمال الى أماكن عملهم، وضع الجميع أمام الاختبار الفعلي لمدى الجاهزية للانتقال الى مستقبل العمل ففي الوقت الذي لزم بعض الدول والمؤسسات بعض التدابير السريعة لتحويل أعمالهم الى أعمال عن بعد كونهم قد خطو خطوات مسبقة نحو تهيئة الظروف المناسبة للانتقال الى الأشكال الجديدة لمستقبل العمل، ولكن في المقابل ظهرت سوءة العديد من الدول والمؤسسات والنقابات التي تعاملت مع مستقبل العمل على أنه ترف فكري وحديث عن مستقبل بعيد قد لا يأتي حتى باغتهم وباء كورونا وأجبر الجميع على البحث عن أسرع الطرق وآمنها لضمان انتقال آمن لأشكال العمل وعدم تأثير ذلك بشكل سليي على العمال خاصة فيما يخص معايير العمل والحمايات الاجتماعية وانعدام المساواة والمنافسة غير العادلة نظراً لعدم تمتع جميع العمال بالمهارات التكنولوجية أو امكانية الوصول للانترنت وغيرها من التحديات.
اقرأ أيضاً:
إرسال تعليق