حرب تمثيل العمال .. حرب باردة ذات شرار متطاير


الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش
يبدو أن تداعيات الانتخابات القادمة (النيابية والنقابية) قد بدأت مبكراً ، فقد شهدت الأيام الماضية تراشقات اعلامية اتسمت بارتفاع سقف الاتهامات بين الأطراف حيث تم في مؤتمر صحفي اشهارالحملة الوطنية للدفاع عن العمال التي اعتمدت "صوت العمال" شعاراً لها ولم يخل المؤتمر بزمانه ومكانه وشخصياته البارزة من رسائل في جميع الاتجاهات ، حيث اتخذ المؤتمر من مقر حزب الوحدة الشعبية منصة للاعلان مما قد يضفي صبغة سياسية مؤطرة لطبيعة الحملة.

* حمى الانتخابات النيبابية:
البعض صنف الحملة من ضمن الدعايات الانتخابية المبكرة لبعض الشخصيات في حزب الوحدة الشعبية وهذا كان واضحاً من خلال تصدر السيد عماد المالحي للمشهد واعتباره الشخصية الأبرز في هذه الحملة والذي يطرح اسمه بقوة ليكون مرشحاً للانتخابات النيابية القادمة ، وهذا يفسر بشكل آخر وجود الدعم اللوجستي من نائب حالي ينتمي لنفس المدرسة الحزبية والذي رمى بكل ثقله لدعم هذه الحملة وشخص المالحي بالاضافة الى طبيعة الكلمة التي ألقاها النائب خالد رمضان في حفل اشهار الحملة والتي أخذت طابعاً سياسياً وكانت أشبه بتحديد ملامح البرنامج الانتخابي لكوادر الحزب في الانتخابات النيابية القادمة.

* اطلاق نار عشوائي:
الملفت في حفلة اشهار الحملة الوطنية عدا عن كونها اطلاق ملامح الحملة وتوجهاتها والمحاور الأساسية التي ستعمل عليها في المستقبل؛ الملفت هو غياب ارسال الرسائل الايجابية نحو شركاء النضال العمالي لمحاولة لملمة الجهود وتجميعها وتحسين أدائها وتوجيهه في الاتجاه الصحيح بل ان الحملة هاجمت جميع الأطراف ابتداءاً من الحكومة ثم الاتحاد العام للنقابات العمالية في الأردن واتحاد النقابات المستقلة وتعاملت مع الجميع على أنهم خصوم وليسوا شركاء، من ناحية أخرى بدا حاضراً جناح من أجنحة النقابات المستقلة بقيادة المهندس عزام الصمادي وغياب الجناح الآخر بقيادة سليمان الجمعاني .

* موقف الاتحاد العام للنقابات العمالية في الأردن:
الاتحاد العام للنقابات العمالية في الأردن وعلى غير عادته وبطريقة مخالفة لمنهجه سارع في ذات يوم الاشهار الى اصدار بيان هاجم فيه الحملة ووصفها بأنها تعمل وفق أجندة سياسية حزبية ودعى العمال لعدم الانضمام لها أو التعامل معها.
وسعى الاتحاد من خلال بيانه الى التأكيد على أنه صوت العمال الحقيقي وهو من يعمل بالشراكة مع مختلف الأطراف من أجل حقوق العمال، وتحسين ظروف العمل وتحقيق مكاسب عمالية، وقد أثمرت جهوده بالعديد من اتفاقيات العمل الجماعي التي وقعتها النقابات العمالية مع أصحاب العمل، ترجمةً للرسالة التي يحملها، وعملاً بالأهداف التي يسعى لتحقيقها.
ورفع الاتحاد من وتيرة مهاجمته للحملة حيث اعتبر الحملة تتستر تحت شعار "صوت العمال" والعمال منها براء وأنها لا تمثل إلا من يقف خلفها وتهدف الى خدمة مصالحه وتحقيق أهدافه، كما استهجن الاتحاد قيام تيارات أيدولوجية وأحزاب سياسية وصفها بأنها فشلت على صعيد العمل الحزبي والسياسي، لا بل والوطني ايضاً؛ أن تركب موجة الدفاع عن قضايا العمال لتحقيق أهداف سياسية وغايات انتخابية ومنافع شخصية.
ولم يكتفي الاتحاد ببيانه شديد اللهجة بل أعلن اقامة مؤتمر صحفي يوم  الثلاثاء 10/3/2020 والذي خصصه للرد على هذه الحملة والتحدث عن انجازات الحركة النقابية في الفترة الماضية.

* موقف اتحاد النقابات المستقلة:
يبدو اتحادأن انقسام النقابات المستقلة متجذر وبشكل عامودي وعميق حيث انضم المهندس عزام الصمادي رئيس أحد هذه الاتحادات المستقلة الى الحملة بل ويعتبر من أحد قياداتها كونه كان حاضراً بقوة في مؤتمر اشهار الحملة وكانت له كلمة عرج فيها على الانقسام الذي حصل في اتحاد النقابات المستقلة .
على الصعيد الآخر نأت النقابات المستقلة بقيادة سليمان الجمعاني عن الحملة ولم تشارك بها واعتبرتها زوبعة لن تدوم طويلاً.
أحمد مرعي القيادي في اتحاد النقابات المستقلة استهجن الاعلان عن مؤتمر لاشهار حملة موجودة أصلا منذ العام 2011؛ فبحسب مرعي فإنه قد تم بالفعل اطلاق الحملة الوطنية للدفاع عن عمال الأردن منذ العام 2011 والتي كانت تضم عدداً كبيراً من القيادات النقابية والتي تمخضت لاحقاً عن ولادة اتحاد النقابات المستقلة .
مرعي قلل من شأن هذه الحملة كون القائمين عليها ليسوا عمالاً بالأساس وبالامكان التأكد من ذلك عند العودة الى فيديو اطلاق الحملة لتجد أن الحضور ليسوا عمالاً ولا يمثلون العمال بل ان الغالبية العظمى هم من أعضاء حزب الوحدة الشعبية كبار السن الذين غادروا سوق العمل منذ سنوات طويلة، مما ينفي عن المؤتمر الصفة العمالية ليكون عبارة مؤتمر حزبي بامتياز.
فهل ستتمترس كل جهة خلف مواقفها المتشنجة ومحاولة الغاء الآخر، أم أننا سنشهد مبادرة تلم شعث العمال وتجمع الجميع حول مبادرة وطنية جامعة تبرز نقاط التوافق والتجمع وتسلط الضوء عليها وتهمش نقاط الخلاف وتتجاوزها، والا كيف يتذمر ممثلوا العمال من تغييب الحوار الاجتماعي من قبل الحكومة وهي لم تنجح كنقابات عمالية من تفعيل الحوار الاجتماعي وتطبيقه فيما بينهم كشركاء في النضال النقابي العمالي.

اقرأ أيضاً:

اشهار حملة صوت العمال، واتحاد عمال الأردن: أجندات سياسية وحملات مشبوهة تستغل العمال

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020