سمر حدادين - صحيفة الرأي
تحدت "فيروس كورونا" ولم تلتفت للتحديات التي قد تواجهها عرفانا للوطن ورغبة منها بالمشاركة في الجهود التي تساعد بالحماية والوقاية من الجائحة.
رندة طه، وهي أم لثلاثة أطفال، أصرت على الالتحاق بعملها في مجال الخياطة، ضمن مصنع متخصص في الشونة الشمالية، متحدية المخاطر الصحية لأداء دورها الوطني.
وتقول رندة أنه قبل عملها بالمصنع "كان دوري مقتصرا على تربية الأولاد والاهتمام بهم وبوالدهم والقيام بالمسؤوليات المنزلية على أكمل وجه، لكن تغيرت حياتي بعد أن بدأت العمل في المصنع، وأصبح لي وضعي الخاص في البيت حيث بدأت أشعر أن دوري في سوق العمل مهم كأهمية كوني أم ومربية".
وتضيف أنها أصبحت جزءاً مهماً بالمجتمع، وتمكنت من مساعدة زوجها على تأمين أعباء المعيشة واحتباجات أولادها.
وتقول رندة لـ"الرأي" إن دورها الوطني دفعها للاستمرار بالعمل في المصنع، عندما علمت أن إنتاج المصنع تحول من من الملابس إلى الكمامات الطبية واللباس الواقي، لرفد السوق المحلي والعالمي وسد حاجة المواطنيين والكوادر الطبية.
ففي منتصف شهر شباط بدأت أزمة فيروس الكورونا تلوح بالأفق، وبدأ عمل رندة في المصنع يختلف، وتحول المصنع من صناعة الملابس العادية إلى صناعة ما يحتاجه الوطن والعالم بشكل أكبر.
وقالت رندة: "بلشنا نشتغل على إنتاج كمامات ولباس واقٍ للدول التي بدأ انتشار الفيروس فيها مثل الصين والدول العالمية الأخرى، وكان كل الإنتاج يتم تصديره لهذه الدول، بإشراف من وزارة الصحة وبموجب اتفاقية بين المصنع والوزارة لإنتاج ما يكفي للتصدير لهذه الدول".
وعند بدء انتشار الفيروس في الأردن بدأ إنتاج المصنع بالكامل من كمامات ولباس واقٍ يقدم لجميع الأجهزة الأمنية والعاملين في وزارة الصحة.
وبينت رندة أن وزارة الصحة زودت المصنع بمختلف مواد التعقيم لحماية العاملين في المصنع، إضافة إلى تعقيم وسائل النقل التي تنقل الموظفين من منازلهم إلى المصنع وبالعكس. وكانت عملية التعقيم تجري كل نصف ساعة تقريبا للآلات والماكنات والأقمشة والمواد الخام المستخدمة لإنتاج الكمامات واللباس الواقي، كما تم التوقف عن استخدام "بصمة الدوام" وتأمين الكمامات والمعقمات والقفازات للعاملين لاستخدامها أثناء وجودهم في المصنع.
في البداية كان معدل الإنتاج اليومي 12 ألف كمامة و12 ألف لباس واقٍ، ومع بدء تزايد الحالات في الأردن أصبح الإنتاج يصل باليوم إلى 60 ألف كمامة و60 ألف لباس واقٍ ليكفي جميع كوادر الأجهزة الأمنية والجيش والعاملين في وزارة الصحة، الذين يوفرون كل ما يلزم للحد من زيادة أعداد الاشخاص المصابين في الفيروس.
واجهت رندة تحدياً وهو: "أول يومين من دوامي بعد قرار حظر التجول، كان زوجي يعارض التحاقي بعملي، حتى أقوم بالعناية به بأولادي وبيتي، وتحسبا من إمكانية أن أصاب بالفيروس أو أحمله – لا قدر الله- وأنقله لعائلتي".
وأضافت :"علما أنني قد اتخذت الاحتياطات كافة وأمنت البيت بكل المعقمات اللازمة، وقمت بتعليم ابني وهو بالصف السادس بكيفية الاعتناء بإخوانه وبنفسه"، مبينة أن ابنها كان يقول لها "يمّا ما تخافي أنا رح أدير بالي على إخواني، أنت ديير بالك على حالك وارجعيلنا سالمة".
خوف زوج رندة كان عليها وعلى الأولاد، خصوصا مع الارتفاع في عدد حالات الإصابة بفيروس الكورونا، ولوهلة فكرت رندة بكلام زوجها حول إمكانية نقل العدوى لبيتها، وقال لها زوجها:"ابقي بالبيت وربك بيسرها".
وعندما أخبرت رندة إدارة المصنع بمعارضة زوجها للالتحاق بالعمل، تواصلت الإدارة معه وأكدت له أن العدوى لن تنتقل لرندة لأن الباص معقم والمصنع معقم، وتم تزويد كل العاملات بكمامات وقفازات، والتعقيم مستمر للمصنع من وزارة الصحة، فتمكنوا من إقناعه.
تفخر رندة بنفسها وبزوجها وأبنائها وكل الداعمين لمن هم اليوم في مواجهة المعركة خارج بيوتهم لمتطلبات عملهم التي تقضي وجودهم في الميدان، فرندة وزميلاتها هن بطلات في الميدان.
وتقول رندة:" أشعر بالفخر والامتنان كوني جزءاً ممن يساعدون في حماية البلد والحد من انتشار فيروس كورونا، جنبا إلى جنب مع جميع الكوادر والأجهزة الأمنية والعاملين في وزارة الصحة، كلنا أهل واخوان بهالبلد وكلنا إيد وحدة".
وتنظر رندة نحو السماء وتلعب بشعر ابنها وتقول: "إن شاء الله ربنا يحمي البلد ويحمينا ويحمي جلالة الملك".
إرسال تعليق