في ظل الصخب والجلبة والمعاناة العمالية بسبب كورونا .. أين ممثلو العمال!!!



الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش

منذ منتصف شهر آذار والأحداث تتسارع في الأردن بشكل جنوني وغير مسبوق؛ الأمر الذي أجبر الحكومة ذاتها والموصوفة بالبيروقراطية في اجراءاتها الى التأقلم والتكيف مع الوضع الحالي والطارئ، فالوضع لا يحتمل التأخير والتلكؤ والجميع يسابق الزمن ويغير من أسلوب حياته حتى يضمن البقاء لنفسه أو لمشروعه أو لرسالته السامية.

لطالما وصفت النقابات العمالية في الأردن على أنها فقدت بريقها وحيويتها منذ أمد ليس بالقريب فقد أصابتها "عدوى" البيروقراطية والجمود والتأني "القاتل" قبل اتخاذ أي خطوة حتى وان كانت بيان مقتضب!! لأحداث حامية الوطيس وتمس العمال الذين هم عماد هذه النقابات.
أكثر أوامر الدفاع اثارة للجدل تلك التي تتحدث في شؤون العمال ومن يتتبع المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي يجد أن الجميع يدلي بدلوه في هذه القضايا بحيث تحولت هذه الأوامر الى قضايا مجتمعية وقضايا رأي عام يتحدث بها كافة أطياف المجتمع؛ الا ان المؤسف ان ممثلي العمال قد اقتصرت مشاركاتهم النادرة والشحيحة اما على الترحيب بهذه الأوامر!! واما السكوت المطبق عملاً برواية " اعمل نفسك ميت ".

في المغرب على سبيل المثال وفور اتخاذ الحكومة قراراً بالخصم الاجباري من رواتب العمال، انتفض ممثلو العمال للاعتراض على عدم جواز الخصم الاجباري مع تأكيدهم وايمانهم بالتكافل الاجتماعي العادل، وفي لبنان يهدد ممثلو العمال بالتصعيد ان تم المساس في الحقوق العمالية، وعلى الصعيد المحلي نجد أن مؤسسات المجتمع المدني والنقابات المهنية على سبيل المثال قد امتصت صدمة حظر التجول وبدأت باستئناف خططها عن بعد باستخدام التكنولوجيا مما أثار استحسان العديد من أعضائهم الى كفاءة هذه الطريقة ومدى نجاعتها في تحقيق الأهداف والخطط، قد يبرر البعض غياب النقابات العمالية عن حقل العمل عن بعد كون النقابات العمالية تعتبر نقابات هرمة وجُل القائمين عليها هم من كبار السن والمتقاعدين والبعيدين نوعاً ما عن مهارات استخدام التكنولوجيا ويعاني بعضهم من الاعلاموفوبيا فيفضل البقاء ليس بعيداً عن الاعلام فحسب بل عن أي وسيلة مرتبطة بالاعلام كمواقع التواصل الاجتماعي مثلا ومنصات التواصل عن بعد.

اذا لم نسمع صوت النقابات العمالية دفاعاً عن الأجور، ولم تنتفض عند المس بالحمايات الاجتماعية، ولم تشجب توسع الحكومة في التشريعات العمالية، ولم تتحرك دفاعاً عن عمال المياومة والمتعطلين .. فما الغاية من وجودها أساساً!!!

كان البعض يتندر في السابق عن اقتصار خطط النقابات العمالية على "المشاركة" في الورشات التدريبية والمؤتمرات المحلية والدولية؛ ولكن يبدو أن هذه الفكاهة تلامس الواقع بشكل كبير فبمجرد توقف الدعوات لممثلي العمال لحضور المؤتمرات والورشات توارت معها هذه النقابات!!!

الواقع الذي تعيشه معظم النقابات العمالية الآن مؤلم ومحبط، ولكن في المقابل هناك نقابات - قليلة- فاعلة ونشطة نوعاً ما ونعول عليها لبث الروح من جديد لسائر الجسد النقابي، أملاً في تعافي هذا الجسد من أعراض الحرارة المنخفضة والاعياء العام.

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020