حاتم قطيش - موقع "رنان"
تحديث 22/5/2022
في الظروف الاعتيادية وفي ظل عدم وجود تحديات كبيرة تواجه العمال نجد أن من النادر أن يتحدث أحد عن النقابات العمالية وأهميتها ودورها الفاعل، بل ان العديد من العمال ينظرون اليها على أنها ضرب من الترف الذي يستهدف " النخب " النقابية والعمالية؛ فهي في نظر العديد من العمال صروح مشيدة منيعة لم يألفوا الوقوف أمامها ولم يعتادوا ارتيادها.
ولكن عند أي حدث يعصف بالعمال وحقوقهم فإن الوضع الطبيعي أن يبحث الغريق عن أي جهة تنقذه وتقدم له العون حتى لو كانت في نظره بحجم القشة التي لن تفيد، وفور انتهاء العاصفة أو عودة العمال بخيبة الأمل اذا لم يتم المحافظة على حقوقهم ومكتسباتهم تبدأ الأصوات التي تطرح التساؤلات المعهودة عن جدوى وجود هذه الصروح المسماة نقابات عمالية وما الفائدة المرجوة من وجودها وما أثرها على العمال غير الاقتطاع الشهري، وتبدأ حملات الانسحاب من النقابات العمالية كردة فعل عكسية وتعبير عن السخط وعدم الرضى عن أداء هذه النقابات ووجودها!!!
هل وجودي كعامل مهم في النقابات العمالية ؟
لطالما شعر العمال أن وجودهم في النقابات العمالية ما هو الا مجرد ديكور فنقاباتهم لا تعيرهم الاهتمام اللازم ولا تهتم بشؤونهم ولا تتابع قضاياهم، وما يعزز هذا الشعور هو وجود عدد لا بأس به من القيادات النقابية من خارج الجسم العمالي فالمتابع للنقابات العمالية يجد أن كثير من القيادات النقابية هم من المتقاعدين الذي غادروا سوق العمل منذ زمن وبالتالي لا يعيشون المعاناة اليومية التي يعيشها العمال.
ولكن الذي يجب أن يعلمه العمال أن وجودهم في النقابات العمالية ليس مهماً فحسب؛ بل انه لا نقابات عمالية بدون عمال فهم حجر الأساس وهم السلطة العليا في النقابة وكما أن العمال هم من أنشؤوا هذه النقابات منذ البداية فهم عمود الارتكاز الذي يحملها وهم من يملكون تفعيلها وتقويتها.
الأنظمة الداخلية للنقابات تطلق على العمال المنتسبين اسم " الهيئة العامة " وهي تعتبر القاعدة التي يقوم عليها الهرم النقابي وتعتبر أيضاً رأس الهرم من حيث الصلاحيات، فالهيئة العامة هي التي تنتخب الهيئة الادارية وهي التي يجب أن تراقب أداءها وتحاسبها على تقصيرها بل وتحجب عنها الثقة ان اقتضى الأمر وتأتي بغيرها.
ومن هنا تأتي أهمية المعرفة والتثقيف النقابي للعمال ليعلموا ما هي حقوقهم وواجباتهم النقابية وحجم السلطة التي يملكونها ان هم أدوا دورهم المنوط بهم كأعضاء هيئة عامة فاعلين.
ومن هنا تأتي أهمية المعرفة والتثقيف النقابي للعمال ليعلموا ما هي حقوقهم وواجباتهم النقابية وحجم السلطة التي يملكونها ان هم أدوا دورهم المنوط بهم كأعضاء هيئة عامة فاعلين.
ما بتعرفوا علينا الا عند الانتخابات!!
العبارة القديمة الحديثة والتي تأتي عادة بمرافقة ملامح السخط واليأس، ولكن ان كانت هذه المعلومة صحيحة فإنها تدل بالدرجة الأولى على تخلي الهيئة العامة والعمال بشكل عام عن دورهم وارتضائهم أن يتعامل معهم بعض النقابيين على أنهم مجرد أصوات انتخابية وظيفتها تمكين هؤلاء العمال من الوصول الى عضوية الهيئة الادارية.
صحيح أن من أهم واجبات الهيئة العامة هو انتخاب الهيئة الادارية، ولكن لم يتحدث النظام الداخلي للنقابات عن انتهاء دور العمال بعد يوم الانتخاب بل تحدث بالتفصيل عن صلاحيات الهيئة العامة بالمراقبة والمحاسبة وحجب الثقة عن الهيئة الادارية؛ وصحيح أن الأنظمة الداخلية للنقابات بحاجة الى تعديلات كثييرة ويجب أن تكون نتاج الهيئات العامة للنقابات لا تفرض عليهم الا ان الخلل الأساس في الوقت الراهن هو في الهيئة العامة والعمال بشكل عام فهم من ارتضوا أن يتم التعامل معهم على أنهم أوراق انتخابية فحسب!!
صحيح أن من أهم واجبات الهيئة العامة هو انتخاب الهيئة الادارية، ولكن لم يتحدث النظام الداخلي للنقابات عن انتهاء دور العمال بعد يوم الانتخاب بل تحدث بالتفصيل عن صلاحيات الهيئة العامة بالمراقبة والمحاسبة وحجب الثقة عن الهيئة الادارية؛ وصحيح أن الأنظمة الداخلية للنقابات بحاجة الى تعديلات كثييرة ويجب أن تكون نتاج الهيئات العامة للنقابات لا تفرض عليهم الا ان الخلل الأساس في الوقت الراهن هو في الهيئة العامة والعمال بشكل عام فهم من ارتضوا أن يتم التعامل معهم على أنهم أوراق انتخابية فحسب!!
نقابتي كرتونية وما في أمل منها
هذه العبارة وان كانت -في كثير من الأحيان- صحيحة من حيث المضمون؛ الا ان طريقة طرحها عادة ما تكون هي الخاطئة ، هناك فرق بين أن أقول هذه العبارة بصيغة الرافض للواقع السيء للكثير من النقابات واعقد العزم على أن أكون أحد عوامل انهاء هذا المشهد البائس الذي تعيشه هذه النقابات وأبدأ بالفعل ببث روح التغيير بين العمال؛ وبين أن أقول هذه العبارة بصيغة اليائس البائس الذي ارتضى بالواقع ولا ينوي تغييره.
الكيانات النقابية صروح ثابتة شامخة تم بناؤها وانشاؤها بعرق العمال وتضحياتهم في شتى الأماكن والأزمان ومن غير المقبول أن يرتضي هؤلاء العمال أن تقوم ثلة قليلة منتفعة وتقتات على اشتراكات العمال باختطاف هذه النقابات ومعاملة العمال معاملة الغريب غير المرحب به في أروقة هذه النقابات، بل ان القاعدة هو أن النقابة ثابتة والأشخاص يتبدلون ويتغيرون حسب أدائهم النقابي.
الكيانات النقابية صروح ثابتة شامخة تم بناؤها وانشاؤها بعرق العمال وتضحياتهم في شتى الأماكن والأزمان ومن غير المقبول أن يرتضي هؤلاء العمال أن تقوم ثلة قليلة منتفعة وتقتات على اشتراكات العمال باختطاف هذه النقابات ومعاملة العمال معاملة الغريب غير المرحب به في أروقة هذه النقابات، بل ان القاعدة هو أن النقابة ثابتة والأشخاص يتبدلون ويتغيرون حسب أدائهم النقابي.
أنا أولى بالاشتراك الشهري
ان من أهم ما يميز النقابات العمالية أن الانتساب اليها اختيارياً بمعنى أن الصورة النموذجية التي يجب أن تكون هو أن يتواصل النقابيون الفاعلون مع العمال واقناعهم بجدوى هذه النقابات فيقوم العامل بملئ ارادته بالانتساب لهذه النقابات ويساهم من قوت ابناءه لدعم هذه النقابة أملاً في صمود هذه الصروح الشامخة وارساءاً لروح التكافل والتعاضد بين العمال.
الواقع أن العديد من العمال لا يعلم كيف تم انتسابه للنقابات ولا يكاد يسمع باسم النقابة الا نهاية كل شهر عندما يبدأ باحتساب الاقتطاعات على راتبه فيرى اسم النقابة يزين قائمة هذه الاقتطاعات ، وأكاد أزعم أن العديد من العمال لا يعلم أين يقع موقع نقابته والغالبية العظمى لم تدخل هذه النقابات طوال فترة خدمتها.
قد تكون القيمة الشرائية للاشتراك الشهري قليلة ولكنه يمثل جواز سفر للعامل يؤهله لدخول هذه النقابات والاطلاع على التقارير الادارية والمالية للهيئة الادارية، وبالتالي فمن حق العامل حسب الأنظمة الداخلية للنقابات الاطلاع على هذه التقارير ومحاسبة الهيئة الادارية ان كان هناك هدر في الانفاق من أموال العمال وان ثبت للعمال ذلك فبامكانهم ببساطة سحب البساط من تحت أعضاء الهيئة الادارية الفاسدين -ان وجدوا- ومعاقبتهم بعدم عودتهم الى قيادة النقابة مرة أخرى، ولكن أن أبقى أعطي الدينار الشهري للنقابة ثم لا أتابع كيف يتم صرف هذه الدينار فهذا يفتح الباب أمام احتمالية الانفاق غير المبرر من بعض القيادات النقابية كونهم اطمأنوا ان لا رقيب ولا حسيب على سياساتهم المالية.
الواقع أن العديد من العمال لا يعلم كيف تم انتسابه للنقابات ولا يكاد يسمع باسم النقابة الا نهاية كل شهر عندما يبدأ باحتساب الاقتطاعات على راتبه فيرى اسم النقابة يزين قائمة هذه الاقتطاعات ، وأكاد أزعم أن العديد من العمال لا يعلم أين يقع موقع نقابته والغالبية العظمى لم تدخل هذه النقابات طوال فترة خدمتها.
قد تكون القيمة الشرائية للاشتراك الشهري قليلة ولكنه يمثل جواز سفر للعامل يؤهله لدخول هذه النقابات والاطلاع على التقارير الادارية والمالية للهيئة الادارية، وبالتالي فمن حق العامل حسب الأنظمة الداخلية للنقابات الاطلاع على هذه التقارير ومحاسبة الهيئة الادارية ان كان هناك هدر في الانفاق من أموال العمال وان ثبت للعمال ذلك فبامكانهم ببساطة سحب البساط من تحت أعضاء الهيئة الادارية الفاسدين -ان وجدوا- ومعاقبتهم بعدم عودتهم الى قيادة النقابة مرة أخرى، ولكن أن أبقى أعطي الدينار الشهري للنقابة ثم لا أتابع كيف يتم صرف هذه الدينار فهذا يفتح الباب أمام احتمالية الانفاق غير المبرر من بعض القيادات النقابية كونهم اطمأنوا ان لا رقيب ولا حسيب على سياساتهم المالية.
نفسي تكون نقابتي قوية مثل بعض النقابات
هو الحلم الذي يراود جميع العمال والأمل الذي يطمح اليه كثير من النقابيين الصادقين ، ويزيد حسرتهم على واقع نقاباتهم المؤلم والذي لم يتحسن على مدار عقود طويلة من العمل النقابي بل على العكس فإن العديد من الكيانات والنقابات كانت نقابات فاعلة قوية ثم استكانت وهمدت وخَفَت بريقها وذهبت ريحها، وعندما يقارن العامل واقع نقابته الضعيف بالرغم من عراقة تاريخها مع بعض النقابات الفتية التي أثبتت قوتها ورسخت حضورها والتف حولها منتسبيها.
الا ان هذا الواقع يجب أن يكون سبباً وجيهاً لبث روح الحماسة والرغبة في التغيير وتفعيل دور هذه النقابات ليشعر العامل أنه يستند الى جدار منيع صلب لن يسمح بالتعدي على حقوقه ومكتسباته، وهنا نعود ونضع الكرة في مرمى العمال فبانتسابهم لهذه النقابات وفاعليتهم في أداء واجباتهم النقابية نحوها ستخطو هذه النقابات الخطوة الأولى من مشوار الألف ميل للوصول الى نقابات عمالية فاعلة قوية.
الا ان هذا الواقع يجب أن يكون سبباً وجيهاً لبث روح الحماسة والرغبة في التغيير وتفعيل دور هذه النقابات ليشعر العامل أنه يستند الى جدار منيع صلب لن يسمح بالتعدي على حقوقه ومكتسباته، وهنا نعود ونضع الكرة في مرمى العمال فبانتسابهم لهذه النقابات وفاعليتهم في أداء واجباتهم النقابية نحوها ستخطو هذه النقابات الخطوة الأولى من مشوار الألف ميل للوصول الى نقابات عمالية فاعلة قوية.
طيب شو مطلوب مني كعامل
المطلب الأساسي من العمال أو الهيئة العامة للنقابة هي فقط بأداء واجباتهم النقابية للحفاظ على حقوقهم ، فمن حقك أن يتم الدفاع عن مكتسباتك ولكن لن يتم ذلك الا اذا قمت بواجبك بانتخاب نقابيين شرفاء أمناء حريصون على العمل النقابي ، ومن حقك أن لا يتم اهدار اشتراكك الشهري على ترف النقابيين ولكن لن يتم ذلك الا اذا قمت بواجبك بمتابعة الهيئة الادارية والاطلاع على التقرير المالي والاداري لهم نهاية كل عام مالي ومن ثم محاسبة من يثبت لديك أنه أهدر أموال العمال، ومن حقك أن لا يتم استغفالك من قبل بعض النقابيين ولكن لن يتم ذلك ان بقيت بعيداً عن النقابة وتخليت عن واجب المحاسبة والمراقبة لهم، ومن حقك أن يتحسن أداء القيادات النقابية في نقابتك ولكن لن يتم ذلك ان لم تشكل عليهم ضغطاً وأشعرتهم أنهم موجودون لخدمة العمال وليس العكس.
هل الحل بالانسحاب ؟!
ان من أسخف الحلول التي يمكن أن يتداولها العمال كردة فعل على ضعف نقابتهم هو الانسحاب من النقابة لأنها غير قادرة على حمايتهم والحفاط على حقوقهم؛ ومثلهم في ذلك كمثل من يجلس تحت مظلة مهترئة وبها ثقوب كثيرة وعند اشتداد المطر لا تحميه بل انها - بسبب فسادها- كمظلة تعمل على تجميع مياه المطر وتركيز سقوطها على رأسك ، الكيّس الفَطِن يتوجه تفكيره مباشرة الى اصلاح هذه المظلة لتقوم بوظيفتها بحمايته من ماء المطر؛ والأرعن السخيف من يقرر التخلي عن المظلة والوقوف بجانبها تحت ماء المطر مباشرة لأنها لم تحميه!!!!
النقابات العمالية التي تعيش واقعاً مهترئاً قد تكون بالفعل نقابات كرتونية خاوية من كل معاني العمل النقابي وأدبياته وتحتاج الى دماء جديدة تبث فيها روح النضال النقابي وتحيي فيها المعاني السامية التي قامت من أجلها وهذا لا يكون بانسحاب عنصر الشباب منها وتركها لكبار السن من المتقاعدين الذين هم بطبيعتهم وبطبيعة تقدمهم في السن يميلون على السكون وقلة الحركة .
قد يوجد من القيادات النقابية من لا يرغب بزيادة الانتساب للنقابات العمالية فوجود أعداد قليلة من العمال المنتسبين وغير الفاعلين تتعاظم لديهم فرص البقاء على رأس هذه النقابات العمالية، أما اذا تم فتح باب الانتساب للعمال فبالتأكيد ستدخل دماء شبابية جديدة ستسعى للتغيير والتحسين في الأداء، فمن المفهوم -وغير المقبول- أن يسعى هؤلاء النقابيون المنتفعون بابعاد العمال عن النقابات وحصر الانتساب بمجموعة قليلة ومحددة من الذين يدورون في فلكهم؛ أما غير المستوعب هو أن يتبنى بعض العمال - بجهلهم - هذه الدعوات ويحرّضوا باقي العمال على الانسحاب!!!
ان أي دعوة للانسحاب من النقابات العمالية يطلقها عمال اما أن تكون ناجمة عن جهل نقابي يقوده الانفعال غير المنضبط، واما أن تكون بتحريض غير مباشر من بعض المتنفعين النقابيين لضمان أن تخلو الساحة لهم بانسحاب الفئة الواعية من العمال.
اقرأ أيضاً:
النقابات العمالية وقوة العمال
النقابات العمالية بعد كورونا .. هل تستوعب الدرس أم سيفوتها القطار
في ظل الصخب والجلبة والمعاناة العمالية بسبب كورونا .. أين ممثلو العمال!!!
الوقاع النقابي في الأردن .. واقع وأمنيات
إرسال تعليق