بداية نتفق ان الاقتصاد الأردني كان بوضع لا يحسد عليه قبل أزمة كورونا. فالبطالة وصلت نسبا قياسية وشهدنا نموا ضئيلا جدا في التوظيف في 2018 و2019 بمستويات نمو متدنية للغاية لم نشاهد مثلها منذ أكثر من 15 سنة. كذلك كان النمو الاقتصادي ضعيفا بنسب تتراوح حول نسب النمو السكاني. ويمكن ان نفترض أن جل النمو في الاقتصاد الأردني منذ 2010 لغاية 2019 كان بسبب المنحة الخليجية والمساعدات القادمة لملف اللجوء السوري.
فالاقتصاد المكبل بعديد من الاحتكارات وقلة المنافسة في قطاعات حيوية ارتكازية عديدة منها النقل والطاقة على سبيل المثال لا الحصر سيعاني دوما من قلة الكفاءة التي تقلل من تنافسيته وجاذبيته. ولذا أضحى واجبا على الحكومة ان تعالج هذه المشاكل الهيكلية ضمن محاولاتها انعاش الاقتصاد في مرحلة ما بعد كورونا. فالهدف لا يجب ان يكون العودة الى نفس هيكلية اقتصادية احتكارية وغير فعالة تسببت في تقليل تنافسية الاقتصاد وكبح قدرته على جذب الاستثمارات وخلق فرص العمل الجديدة.
في ملف البطالة مثلا تحدث رئيس الوزراء في لقاء مع منتدى الاستراتيجيات الأردني وشرح منظور الحكومة لأوامر الدفاع بان الادبيات الاقتصادية تقول ان الانكماش الاقتصادي الذي يأتي مع ارتفاع قليل نسبيا في البطالة ينتهي بوقت أسرع من الانكماش الاقتصادي الذي يأتي مع ارتفاع كبير في نسب البطالة. وعليه قررت الحكومة تعطيل قانون العمل لتمنع زيادة نسب البطالة.
المشكلة بهذا الطرح انه يخلط ما بين النتيجة والسبب. من الطبيعي جدا ان عدم ارتفاع نسب البطالة في سياق تباطؤ أو انكماش اقتصادي سيساهم في تعافي أسرع للاقتصاد. والاستنتاج المنطقي هنا ان الانكماش الذي لم يرفع نسب البطالة بشكل كبير هو أصلا انكماش أخف من ذلك الذي يتسبب ببطالة اعلى. وبالتالي فان سياسة تقليل مرونة سوق العمل على حساب الشركات حصرا يكون نوعا من وضع العربة امام الحصان. فالتركيز على منع زيادة البطالة بأسلوب اصطناعي يعالج العارض لا المرض. وقد يزيد من شدة المرض. هنا وعلى عكس ما حصل في أوروبا وأميركا فان الحكومة تنصلت من أي مسؤولية تجاه الشركات المتوقفة عن العمل كليا او جزئيا وحملت صاحل العمل جل العبء مع مساهمة من الضمان الاجتماعي اقل مما يقرره قانون الضمان أصلا.
خلط النتيجة بالسبب كان من اهم أسباب انكماش 2008 في أميركا. وقتها كانت الادبيات الاقتصادية تشير ان الاحياء التي تزيد فيها نسب ملكية العقار تكون أكثر استقرارا ورفاهية واقل عرضة للجرائم. فخرجت سياسات وبرامج تشجع على زيادة الإقراض العقاري لزيادة نسب ملكية العقارات. لاحقا تبين ان ملكية البيت هي نتيجة لعائلة ملتزمة بالقانون ومجدة بالعمل ومهتمة بالتوفير والاستثمار وليست السبب في ذلك. فتبين ان إعطاء قرض سهل ميسر لشخص ليملك بيتا لن يجعله ملتزما بالقانون ومجدا بالعمل إذا لم تكن تلك الصفات فيه من قبل. ويحضرني هنا ما تفعله كثير من العائلات في الأردن مع الشاب غير المنضبط: فتكون النصيحة “زوجوه بلكي عقل”! وننتهي بظلم كبير لزوجته وابنائه.
لمعالجة مشكلة البطالة في الأردن على الحكومة تحمل مسؤولياتها كاملة بدون التنصل منها كما فعلت عبر تجميد بنودا مهمة من قانوني العمل والضمان. في القطاع السياحي المغلق (الفنادق لجميع تصنيفاتها مثلا) فان على الحكومة واجب عدم فرض أعباء هائلة على شركات تعاني من مشاكل حقيقية في السيولة واحتمالات النجاة. فتكبيل شركات كثيرة بديون تصرف لدفع نفقات جارية بدون دخل سيقيد قدرتها على التوظيف المستقبلي
على الحكومة أيضا التفكير الجدي بحزمة انقاذ للقطاع السياحي لضمان استمراره ووجوده عندما تعود السياحة الى الأردن. قد يكون هذا عبر الدخول في شراكات مؤقتة بشكل طوعي تماما مع فنادق وشركات القطاع السياحي القابلة حقا للحياة والاستمرار وليست تلك التي كانت متعثرة ما قبل الازمة. فممكن مثلا ان تدخل الحكومة بقرض للشركة قابل للتحول لاسهم وبضمان عقارات الشركة يكفي للإبقاء على الفندق بحالة تشغيليه دنيا وفي استعداد تام لخدمة تدفق السياح مستقبلا. وعند عودة الحياة يتم سداد مساهمة الحكومة مع ربح مقبول قبل توزيع أي أرباح لباقي المساهمين.
ولمعالجة جذرية لملف البطالة لا بديل عن مشاريع البنية التحتية الكبيرة التي تساهم في زيادة فعالية الاقتصاد بالتزامن مع تكسير الاحتكارات وفتح المنافسة في كل قطاع اقتصادي. منها -وعلى راسها مثلا- انشاء سكة الحديد بين العقبة وعمان والزرقاء لنقل البضائع. فلا يعقل ان تكون كلفة نقل حاوية من العقبة لعمان 15 او 20 ضعف كلفة نقلها من الصين للعقبة! كذلك مشاريع بنيه تحتية عامة تشمل الكثير من السدود الترابية في البادية لمربي المواشي والزراعات وكذلك الاستثمار في تأهيل مطار ماركا لينافس مطار الملكية علياء وتركيب مضخات بالطاقة الشمسية لكل السدود غير المستغلة زراعيا مثل سد كفرنجة وغيرها. مع تفعيل شبكة امان اجتماعي للعاطلين عن العمل تحميهم من العوز بدون تقليل حافز البحث عن عمل.
فالاقتصاد المكبل بعديد من الاحتكارات وقلة المنافسة في قطاعات حيوية ارتكازية عديدة منها النقل والطاقة على سبيل المثال لا الحصر سيعاني دوما من قلة الكفاءة التي تقلل من تنافسيته وجاذبيته. ولذا أضحى واجبا على الحكومة ان تعالج هذه المشاكل الهيكلية ضمن محاولاتها انعاش الاقتصاد في مرحلة ما بعد كورونا. فالهدف لا يجب ان يكون العودة الى نفس هيكلية اقتصادية احتكارية وغير فعالة تسببت في تقليل تنافسية الاقتصاد وكبح قدرته على جذب الاستثمارات وخلق فرص العمل الجديدة.
في ملف البطالة مثلا تحدث رئيس الوزراء في لقاء مع منتدى الاستراتيجيات الأردني وشرح منظور الحكومة لأوامر الدفاع بان الادبيات الاقتصادية تقول ان الانكماش الاقتصادي الذي يأتي مع ارتفاع قليل نسبيا في البطالة ينتهي بوقت أسرع من الانكماش الاقتصادي الذي يأتي مع ارتفاع كبير في نسب البطالة. وعليه قررت الحكومة تعطيل قانون العمل لتمنع زيادة نسب البطالة.
المشكلة بهذا الطرح انه يخلط ما بين النتيجة والسبب. من الطبيعي جدا ان عدم ارتفاع نسب البطالة في سياق تباطؤ أو انكماش اقتصادي سيساهم في تعافي أسرع للاقتصاد. والاستنتاج المنطقي هنا ان الانكماش الذي لم يرفع نسب البطالة بشكل كبير هو أصلا انكماش أخف من ذلك الذي يتسبب ببطالة اعلى. وبالتالي فان سياسة تقليل مرونة سوق العمل على حساب الشركات حصرا يكون نوعا من وضع العربة امام الحصان. فالتركيز على منع زيادة البطالة بأسلوب اصطناعي يعالج العارض لا المرض. وقد يزيد من شدة المرض. هنا وعلى عكس ما حصل في أوروبا وأميركا فان الحكومة تنصلت من أي مسؤولية تجاه الشركات المتوقفة عن العمل كليا او جزئيا وحملت صاحل العمل جل العبء مع مساهمة من الضمان الاجتماعي اقل مما يقرره قانون الضمان أصلا.
خلط النتيجة بالسبب كان من اهم أسباب انكماش 2008 في أميركا. وقتها كانت الادبيات الاقتصادية تشير ان الاحياء التي تزيد فيها نسب ملكية العقار تكون أكثر استقرارا ورفاهية واقل عرضة للجرائم. فخرجت سياسات وبرامج تشجع على زيادة الإقراض العقاري لزيادة نسب ملكية العقارات. لاحقا تبين ان ملكية البيت هي نتيجة لعائلة ملتزمة بالقانون ومجدة بالعمل ومهتمة بالتوفير والاستثمار وليست السبب في ذلك. فتبين ان إعطاء قرض سهل ميسر لشخص ليملك بيتا لن يجعله ملتزما بالقانون ومجدا بالعمل إذا لم تكن تلك الصفات فيه من قبل. ويحضرني هنا ما تفعله كثير من العائلات في الأردن مع الشاب غير المنضبط: فتكون النصيحة “زوجوه بلكي عقل”! وننتهي بظلم كبير لزوجته وابنائه.
لمعالجة مشكلة البطالة في الأردن على الحكومة تحمل مسؤولياتها كاملة بدون التنصل منها كما فعلت عبر تجميد بنودا مهمة من قانوني العمل والضمان. في القطاع السياحي المغلق (الفنادق لجميع تصنيفاتها مثلا) فان على الحكومة واجب عدم فرض أعباء هائلة على شركات تعاني من مشاكل حقيقية في السيولة واحتمالات النجاة. فتكبيل شركات كثيرة بديون تصرف لدفع نفقات جارية بدون دخل سيقيد قدرتها على التوظيف المستقبلي
على الحكومة أيضا التفكير الجدي بحزمة انقاذ للقطاع السياحي لضمان استمراره ووجوده عندما تعود السياحة الى الأردن. قد يكون هذا عبر الدخول في شراكات مؤقتة بشكل طوعي تماما مع فنادق وشركات القطاع السياحي القابلة حقا للحياة والاستمرار وليست تلك التي كانت متعثرة ما قبل الازمة. فممكن مثلا ان تدخل الحكومة بقرض للشركة قابل للتحول لاسهم وبضمان عقارات الشركة يكفي للإبقاء على الفندق بحالة تشغيليه دنيا وفي استعداد تام لخدمة تدفق السياح مستقبلا. وعند عودة الحياة يتم سداد مساهمة الحكومة مع ربح مقبول قبل توزيع أي أرباح لباقي المساهمين.
ولمعالجة جذرية لملف البطالة لا بديل عن مشاريع البنية التحتية الكبيرة التي تساهم في زيادة فعالية الاقتصاد بالتزامن مع تكسير الاحتكارات وفتح المنافسة في كل قطاع اقتصادي. منها -وعلى راسها مثلا- انشاء سكة الحديد بين العقبة وعمان والزرقاء لنقل البضائع. فلا يعقل ان تكون كلفة نقل حاوية من العقبة لعمان 15 او 20 ضعف كلفة نقلها من الصين للعقبة! كذلك مشاريع بنيه تحتية عامة تشمل الكثير من السدود الترابية في البادية لمربي المواشي والزراعات وكذلك الاستثمار في تأهيل مطار ماركا لينافس مطار الملكية علياء وتركيب مضخات بالطاقة الشمسية لكل السدود غير المستغلة زراعيا مثل سد كفرنجة وغيرها. مع تفعيل شبكة امان اجتماعي للعاطلين عن العمل تحميهم من العوز بدون تقليل حافز البحث عن عمل.
إرسال تعليق