فتح الحضانات.. تعزيز الحماية هو الحل ،، شروق طومار


في مقالي السابق بعنوان “فتح الحضانات.. من سيتحمل الكلف الإضافية؟” تحدثت عن التحديات الكبيرة التي يواجهها قطاع الحضانات اليوم جراء اشتراط عدد من الإجراءات والشروط الصارمة لإعادة فتح الحضانات بعد إغلاقها لنحو ثلاثة أشهر للوقاية من فيروس كورونا وتطرقت بشيء من التفصيل لانعكاساتها المتوقعة على الأطراف المختلفة.
الشروط التي وصفها بعض مالكي الحضانات بالـ”تعجيزية” نظرا للكلف العالية لتطبيقها والتي لا تقدر على تحملها منشآت هذا القطاع الصغيرة ذات الهامش الربحي المحدود، شكلت أزمة يخشى من تبعاتها السلبية الواسعة فيما إذا حال عدم القدرة على الالتزام بالشروط دون عودة حضانات للعمل، أو في حال تم الالتزام بالشروط وتحميل كلفها للأسر متلقية الخدمة من خلال زيادة الرسوم.
أصحاب الحضانات والعاملات فيها والأمهات العاملات في مختلف القطاعات والأسر المعتمدة على عمل الأم سواء جزئيا أو كليا، كلها حلقات في السلسلة التي ستعصف بها هذه الأزمة ما لم يتم إيجاد آلية سريعة لدعم هذا القطاع الذي أنهكت منشآته بفعل فترة الإغلاق الطويلة وتراكم الالتزامات العديدة خلالها.
تدني قدرة الحضانات على استيفاء هذه الشروط يوضحه انخفاض عدد الحضانات التي أعلنت وزارة التنمية الاجتماعية مساء الاثنين عن تمكنها من الحصول على إشعارات بالموافقة على فتح أبوابها والتي لم تتجاوز 140 حضانة فقط من أصل ما يزيد على 1400 حضانة مرخصة في مختلف أنحاء المملكة.
يستوجب ذلك قيام وزارة التنمية بتوفير الدعم المالي للحضانات كونها الجهة المسؤولة عن تنظيم هذا القطاع والإشراف عليه، ويجدر أيضا بوزارة الصحة أن تقدم خدمة فحص كورونا الأسبوعي للعاملات والأطفال بواسطة أطبائها أو فرق التقصي الوبائي التابعة لها، كما ينبغي عدم إغفال قضية العاملات اللواتي ستلجأ كثير من الحضانات لتسريحهن لاشتراط العمل بنصف الطاقة الاستيعابية في الحضانات، وغيرها من إجراءات يجب الإسراع بها لحل الأزمة.
لكن أيا من تلك الخطوات لن تكون سوى حل جزئي للأزمة الحالية التي كشفت حاجتنا لإعادة تقييم منظومة حماية الطفل وجهود تمكين المرأة اقتصاديا التي اتضحت هشاشتها وضعف قدرتها على تشكيل الحماية اللازمة لهذه الفئات، ويأتي التقصير في تطبيق المادة 72 من قانون العمل على رأس أسباب ذلك الضعف.
جاءت المادة المذكورة في القانون بادئ الأمر ملزمة لأصحاب المنشآت بتوفير أماكن رعاية آمنة لأبناء العاملات فيها إذا زاد عدد العاملات عن عشر، ثم عدلت ليصبح الشرط مرتبطا بعدد أطفال العاملين في المنشأة بغض النظر عن جنسهم بحيث يكونون خمسة عشر طفلا، بهدف توسيع نطاق المؤسسات التي ينطبق عليها الشرط وأيضا حماية للنساء العاملات من تجنب أصحاب العمل توظيفهن تحاشيا لإلزامية توفير حضانة لأطفالهن.
لكن المشكلة هي التراخي في تطبيق القانون، وعدم محاسبة المنشآت المخالفة التي تنطبق عليها شروط المادة 72 لكنها غير ملتزمة بما نصت عليه، وبمعرفة أن عدد المنشآت التي تتحقق فيها تلك الشروط يبلغ 1390 تقريبا بينما لا يتجاوز عدد الحضانات المؤسسية 124 فقط أي ما نسبته 9 %، سندرك أن تطبيق القانون هو الاستثناء وليس العكس.
كان من الممكن تجنب الكثير من التحديات التي تواجه كافة الأطراف المتأثرة بالأزمة الحالية لو كان هناك جدية أعلى في تطبيق هذه المادة من القانون ووجود محاسبة فعلية للمنشآت المخالفة، لكن الاعتراف بذلك وحده ليس كافيا.
هناك اليوم أزمة، ومن أجدر السبل لحلها التوسع في تطبيق القانون وتوفير الحضانات المؤسسية والتي سيكون تطبيق شروط الوقاية فيها أكثر سهولة، فعدد الأطفال في هذه الحضانات محدود أصلا، وإمكانية السيطرة والتأكد من الالتزام بشروط السلامة في حضانات المنشآت ستكون غالبا أعلى، وستوفر هذه الحضانات فرص عمل لكثيرات من مقدمات الرعاية اللواتي فقدن وظائفهن مؤخرا.
ما زال هناك فرصة للنجاة، وعلينا أن لا نضيّع هذه الفرصة.

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020