في الاسابيع الماضية كشف وزير المالية عن آلية جديدة بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي لاستثناء سندات الضمان والودائع من الدين العام الذي فاق الناتج المحلي الإجمالي. وهذه الخطوة ليست اختراعا ولا ابتكارا، إنما هي عملية تجميلية لن تحسن قيد أنملة من التصنيف الائتماني لدى المؤسسات الدولية.ربما الجواب الشافي والوافي لكل المتسائلين عن اموال المؤسسة العامة للضمان الذين يقلقهم ذلك الاتفاق بين وزارة المالية والصندوق الدولي هو أن يعرفوا معلومة واحدة، وهي جواب السؤال التالي: هل سينخفض عبء المديونية العامة بفوائدها واقساطها في الموازنة المركزية وموازنات الوحدات الحكومية المستقلة إثر هذه الاتفاقية؟ الاجابة طبعا لا، لأن عبء مديونية الحكومة واقساط الديون وآجال استحقاق السندات ستبقى في حسابات المالية العامة وبالتالي هذه الخطوة ليست ذات جدوى.
قد تبدو الخطوة بحد ذاتها محزنة ومبكية في ملف ادارة المالية العامة، لأن الاردن حريص على سمعته بالوفاء باستحقاقاته الداخلية والخارجية، وخير مثال على ذلك حرصه على سداد مديونية تستحق في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) نتيجة سندات دولارية بكفالة الحكومة الاميركية بقيمة 1.25 مليار دولار، والتي اصبحت جاهزة وتم الاقتراض من الحكومة مقابلها وأكثر قبل استحقاق موعد آجال تلك السندات.
بالمقابل، أموال الضمان ليست للحكومة وهي تعي وتعلم ذلك أكثر من اي طرف؛ لأنها اموال المشتركين في هذا الصندوق والحكومة معنية باستقلاليته، فاستثمارات الصندوق بالسندات الحكومية وصلت الى 60 % وحجمها نحو 6.5 مليار دينار من اجمالي موجودات الصندوق التي لامست 11 مليار دينار. والصندوق يستثمر وفق ثلاث قواعد رئيسة وهي: (العائد المقبول، والمخاطر المقبولة، والجدوى الاقتصادية)، ضمن توزيع استراتيجي يقره مجلس ادارة صندوق اموال الضمان. وهنا لا بد أن نشير الى أن تراكمي السندات الحكومية اي اقتراض الحكومة من الضمان منذ 2003 ليس وليد لحظة أو سنة.
على أي حال وصل صندوق استثمار اموال الضمان الى السقف المسموح فيه ضمن استراتجيته وبعائد وصل الى 6 % ، بالاكتتاب من السندات الحكومية، حيث شارك صندوق الاستثمار بالاقبال على قروض الحكومة (السندات) بـ 64 سندا تمكن من الحصول على اجزاء من 28 اصدارا فقط، لأن المنافسة من البنوك وشركات التأمين أيضا ذات جدوى، بمعنى آخر ان التسعير الذي يقدمه لكسب اقتراض الحكومة أعلى من تسعيرة منافسه، فربح المنافسون وتمكنوا من الحصول على هذا الاكتتاب أو ذاك، حتى وصلت حصة البنوك التي تمتلك من مجمل الدين الداخلي 11 مليار دينار.
مرة أخرى، الاجابة على كل ادعاء بالابتكار والاختراق والسبق في مسألة الدين العام في علاقة الحكومة بالمؤسسات الدولية وخبرائها من خريجي الجامعات العريقة في العالم هي أن فوائد الدين العام وخدمته لن تتأثر وستبقى عبئا على الموازنة. وقد سبق ان طرح هذه المقترحات رؤساء بعثات من تلك المؤسسات لكن جوبهوا بالاجابة نفسها، ولم يتطرقوا لهذا السيناريو من جديد.
فالأصل أن البرنامج مع صندوق النقد الدولي تتولاه سواعد اردنية وتلك السواعد لا تقبل تلك الحسبة لعدم مطابقتها لأصول المالية العامة وتؤذي الوطن، الذي يسعى للاعتماد على الذات.
إرسال تعليق