الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش
16-8-2020
النقابات العمالية في الأردن ستكون أمام استحقاق نقابي عمالي يتمثل بانتخاب الهيئات الادارية لهذه النقابات خلال الأسابيع القليلة القادمة، حيث أنهت جميع النقابات العمالية السبعة عشر المنضوية تحت مظلة الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن دورتها الانتخابية مع انتهاء العام 2020، وقد اتخذت الحكومة السابقة قراراً بعدم السماح للنقابات المهنية والعمالية باجراء انتخاباتهم الداخلية حتى شهر آذار من العام الحالي 2021.
ولعل المتابع للشأن النقابي والعمالي ليلحظ حالة عدم اكتراث عام يسود العمال تجاه هذه الانتخابات ويكاد ينعدم الحديث عنها في المجالس العمالية؛ بل على العكس فإن المجالس التي يتم تداول أخبار انتخابات النقابات العمالية يسودها اليأس من هذه الانتخابات وانقطاع الأمل أن تأتي بجديد واعتبارها خطوة استحقاقية لا بد منها لاكمال المسيرة المتعثرة لمعظم هذه النقابات ولا تكاد تلمس نوعاً من الحماسة في أوساط العمال.
ان الأداء المترهل لمعظم النقابات العمالية وتربع العديد من النقابيين على عرش هذه النقابات منذ زمن بعيد وجمود التغيير في صفوف القيادات النقابية ولّد شعوراً لدى العمال بأن هذه النقابات لا تعكس طموح العمال ولا تعبر عن الارادة العمالية الحقيقية بل ان بعض العمال يصف هذه النقابات بأنها " مختطفة " في وصف قاس يعبر عن حالة اليأس والاحباط التي وصل لها أغلبية العمال.
معظم القادة النقابيون - ولا أعمم اطلاقاً- هم بالفعل غائبون عن الساحة العمالية ولا تكاد ترى تحركاً وتواصلاً مع العمال الا من قبل القلة القليلة من هؤلاء النقابيين، وعندما نتحدث هنا عن النشاط المطلوب للنقابي نعني النشاط المتعلق بالقضايا العمالية والنقابية وليس الاقتصار على النشاط الاجتماعي من خلال والتعزية في حالات الوفاة والمباركة في الزواج والنجاح وحتى الطهور!!! ؛ بل ان أحد المدربين الاعلاميين انتقد في أحد الورشات التدريبية الاعلامية ما يتم نشره على الصفحات الرسمية لبعض النقابات بأنها تقتصر فقط على أخبار الوفاة والنعي وكأن النقابي أصبح دوره دور الحانوتي الذي لا نراه الا في حالات الوفاة وبيوت العزاء!!!
ان العمل النقابي وكونه ينطلق من مبادئ حقوقية تتعلق بالدرجة الأولى بحقوق العمال المبنية على حقوق الانسان؛ فإن المتوقع أن الشخص الذي يتقدم لخوض الانتخابات النقابية هو شخص يتمتع بمستوى عال من الشعور بالآخرين ورفضه الظلم بكل أشكاله رفضاً قاطعاً بل يفترض ان الحافز الأساسي الذي يحرك هذا الشخص ليكون نقابياً هو شعوره بالمسؤولية لرفع الظلم عن نفسه وزملائه؛ ولكن الواقع يقول غير ذلك فإن العديد من هؤلاء النقابيين - ولست مع التعميم مجدداً- هم مجموعة من الانتهازيين الوصوليين الذي اتخذوا من القضايا العمالية وسيلة للتقرب من المسؤولين وتمرير مصالحهم الشخصية على مصالح العمال واكتساب مزيداً من المنافع الخاصة!!!
لا تستغرب عزيزي القارئ عندما تعلم أن عدداً لا بأس به من هؤلاء النقابيين يتم توظيفهم أو يبادرون بتوظيف أنفسهم ليكونوا مخبرين على زملائهم النقابيين والعمال وينقلوا هذه الأخبار والمستجدات للادارات و للقادة النقابيين الأعلى منهم ابتغاء مكانة مقربة منهم أو دورة خارجية او مصالح تافهة آنية ، فتراهم يغيبون بنشاطهم عن صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بالعمال ولكنهم يحتفظون بقوائم من عمل لايك او كومنت لأحد منشورات الأشخاص المحسوبين على المعارضة النقابية، بل ويحترفون "السكرين شوت" لتوثيق نقل الأخبار وهؤلاء خطرهم كبير وضررهم جسيم على الحركة النقابية، ولكنهم يقلون بخطرهم عن هؤلاء الذين يصطادون بالماء العكر فيلفقون التهم لزملائهم النقابيين ويحرفون الكلم عن مواضعه ويستخدمون الاساءة لسمعة غيرهم وسيلة لابعادهم عن أي تنافس نقابي.
ان الهيئة العامة يجب أن تعي أنها عندما تغيب عن انتخابات الهيئات الادارية فإنها تساهم في بقاء الحالة النقابية على وضعها وتقليل فرص التغيير للأفضل والتحسين في الأداء ، ويجب أن يقتنع العمال أن قوة النقابات تنطلق من قوة العمال وممارستهم لدورهم الرقابي والانتخابي وليس الانكفاء على الذات واعتزال هذه النقابات، بل ان الواجب على كل عامل أن يقوم بدوره في مراقبة أداء النقابيين الحاليين وحسن الاختيار والانتقاء للنقابيين القادمين ليعزز البناء النقابي ويحصن الحقوق العمالية لا أن يكون معول هدم ينخر في جسم الحركة النقابية ويضعفها ويساهم في بقاء من لا يستحق على رأس هذه النقابات.
نريد نقابيين ذوي مبادئ لا يباعون ولا يشترون دفعهم حرصهم على زملائهم للتقدم لخوض الانتخابات لا حرصهم على مصالحهم واكتساب وجاهات فارغة لا تغني ولا تسمن من جوع، نريد نقابيين نزهاء يزهدون في أموال العمال ولا تجرؤون على أكلها من غير حق.
نريد نقابيين يؤرقهم حال العمال وغاية مرادهم نصرة المظلومين وتحسين شروط العمل والوقوف بوجه الظلم والظالمين.
نريد نقابيين يرتقون بالنقابات العمالية ويطورون انجازاتها ويعيدون لها ألقها.
نريد نقابيين بدماء جديدة شابة لعل دماء الشباب اذا ما تدفقت في النقابات العمالية أعادت لها الحياة وأشعلت همتها وايقظتها من سباتها.
نريد نقابيين يمكن لنا أن نطلق عليهم وصف نقابيين.
نريد ونريد ونريد
اقرأ أيضاً:
ستة شروط يجب أن تتحقق فيمن سيترشح لانتخابات النقابات العمالية
انتخابات النقابات العمالية في شهر آذار.. المعايطة: سنفتح باب الترشيح الأسبوع القادم
النقابات العمالية وتجديد الخطاب النقابي
نقابات عمالية كرتونية، ما الحل؟ .. الانسحاب أم الانتساب
النقابات العمالية بعد كورونا .. هل تستوعب الدرس أم سيفوتها القطار
إرسال تعليق