الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش
في أقصى جنوب المملكة يقبع مجمع صناعي يعد أحد أكبر مجمعات الأسمدة الفوسفاتية في الشرق الأوسط فهو يحتوى على عدة مصانع تابعة لشركة الفوسفات تهدف الى تحويل خام الفوسفات المنتج في مواقع الشركة إلى منتجات نهائية ويقدر عدد العاملين في هذا المجمع ما يزيد عن 1000 عامل.
عمل اضافي اجباري بلا مقابل مادي
"محمد" أحد العمال العاملين في نظام الورديات في أحد المصانع حيث طبيعة عمل هؤلاء العمال تتطلب ذلك، ولكن الحاصل أنه وفي أيام استراحة العمال تقوم الشركة أحياناً باستدعائهم الى العمل وفي حال رفض العمال العمل في أيام الاستراحة يتعرض للمسائلة والاستجواب والعقوبة.
يضيف محمد أن العمال يحتاجون بل وينتظرون أيام استراحتهم كون عملهم يعتبر من المهن الخطرة ويعملون في ظروف عمل قاسية حيث ساعات العمل الطويلة واستنشاق الغازات الضارة والأبخرة الكيماوية بالاضافة الى الضجيج العالي، ولكن وخوفاً من التعرض للاستجواب والعقوبة من قبل ادارة الشركة يقومون بالعمل في أيام الاستراحة؛ ولكن هذا العمل لا يتم احتسابه كعمل اضافي حسب قانون العمل بل يتم تعويض العمال أيام اجازات، ويضيف محمد أن العمال بالأصل لديهم فائض في الاجازات السنوية حيث لا تسنح لهم الظروف في كثير من الأحيان من استثمار هذه الاجازات.
كورونا تثقل كاهل العمال
لم يشفع للعمال عملهم أثناء الجائحة ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه العمال تكريماً مادياً ومعنوياً لدوامهم في هذه الظروف الاستثنائية وبالرغم من أن ظروف عملهم في الأساس هي ظروف عمل قاسية وتعتبر بيئة العمل غير آمنة، الا ان الشركة قامت بتعديل نظام الورديات لتزيد ساعات عمل الوردية الواحدة من 8 ساعات الى 12 ساعة.
ويعتقد العمال أن الشركة طبقت أوامر الدفاع فيما يتعلق بتخفيف عدد العاملين مراعاة لظروف السلامة العامة بطريقة خاطئة ، حيث قامت الشركة بالتقليل من عدد الاداريين وعمال الخدمات المساندة وأبقت على الفنيين العاملين في الورديات والمهن الخطرة.
مسميات وظيفية شكلية
يقول أحمد ان أبسط طموحات العامل بعد سنوات خبرة طويلة هو الحصول على مسمى وظيفي يعبر عن طبيعة عمله ويمكنه من احتساب سنوات خبرته في مجال عمله، الا ان الواقع غير ذلك ف أحمد على سبيل المثال يعمل منذ سنوات بوظيفة مشرف مصنع الا ان المسمى الوظيفي له هو مشغل لوحة، ويضيف احمد أنه وفي حال انتهت العلاقة التعاقدية بينه وبين الشركة لأي سبب من الأسباب كيف سيقنع من سيتقدم لهم بطلبات توظيف أن المسمى الوظيفي الرسمي لا يعبر عن طبيعة عمله الفعلية، وينوه أحمد أن هذا الأمر ليس حالة فردية يعاني منها وحده بل ان هناك العديد من زملائه العمال يعانون من نفس المشكلة وقد طالبوا كثيراً بتعديل مسمياتهم الوظيفية بما يتناسب مع طبيعة عملهم الا ان رد فعل الادارة لا يتعدى الوعود تلو الوعود.
النقابة غائبة ولا وجود لحرية التنظيم النقابي
محمود أحد العمال المنتسبين للنقابة ولكنه يعتقد وبالرغم من انتساب معظم العمال للنقابة الا انهم لا يعولون كثيراً على مواقفها بل انه يعتقد أن النقابة في واد وارادة العمال في واد آخر، حيث كان لعمال المجمع فرع نقابي مستقل وقد طالب أحد أعضاء الفرع أن يكون لعمال المجمع مطالب عمالية مستقلة تتناسب وطبيعة عملهم واحتياجاتهم؛ الا انهم تفاجأوا أن رئيس النقابة قام بحل الفرع وتعيين لجنة نقابية يعتقد العديد من العمال أنها لا تعبر عن ارادتهم وتتنافى وحرية التنظيم النقابي.
العمال المستأجرين، أعباء مضاعفة وحقوق ضائعة وحلول منقوصة
عند الحديث عن عمال المجمع الصناعي لا بد من التطرق الى فئة من العمال يقع عليها ظلم يستمر منذ سنوات، فشركة الفوسفات وتجنباً لتعيين موظفين في الشركة فإنها تلجأ الى شركات باطن تستأجر منهم هؤلاء العمال، ولكن العمال المستأجرين لا يقومون بأعمال خدمية مساندة ولفترة مؤقتة مثلاً؛ لا بل ان هؤلاء العمال هم من الفنيين المهرة والذين مضى بعضهم في العمل داخل المجمع الصناعي كعامل مستأجر ما ينوف عن ثمان سنوات!!
كنا في الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" قد سلطنا الضوء سابقاً على هذه الفئة من العمال ضمن تقرير بعنوان العمال المستأجرين .. شكل من أشكال التوظيف أم العبودية والذي أشرنا فيه الى العديد من التجاوزات والتمييز الذي يعاني منه هؤلاء العمال.
من خلال تواصل هؤلاء العمال معنا في الأيام الماضية علمنا أنه قد تم ابرام عقود تدريب مع هؤلاء العمال في شهر تموز الماضي ولمدة ثلاث سنوات براتب اجمالي مقداره 300 دينار أردني وتأمين صحي للعامل نفسه فقط ومحصور في العيادات الطبية الموجودة داخل المجمع الصناعي، بالاضافة الى تأمينهم بسكن للعزاب على الرغب من أن أغلبيتهم من المتزوجين مما سيضطر هؤلاء العمال الى عدم الاستفادة من السكن واستئجار سكن لعائلاتهم، كما تعهد العمال بعدم مطالبة الشركة بالتعيين وعدم المطالبة باعتماد شهاداتهم الجامعية حيث تم التعامل مع حملة الشهادة الجامعية على أنهم من حملة دبلوم متوسط، كما لا يتمتع العمال بأية اجازات.
العمال بدورهم اعتبروا أن الاجراء الذي اضطروا الى الموافقة عليه سيؤمن لهم أمان وظيفي لمدة ثلاث سنوات ولكنه في المقابل ينتقص من حقوقهم ويحرمهم من الحمايات التي يتمتع بها زملاؤهم من موظفي شركة الفوسفات المصنفين مما سيزيد من فجوة التمييز بين هؤلاء العمال الذي يعملون جنباً الى جنب كعمال مهرة وفي ظل نفس ظروف العمل الخطرة.
ملاحظة: الأسماء الواردة في التقرير هي أسماء وهمية وبناءاً على طلب العمال حتى لا يتم ملاحقتهم وفقدانهم لوظائفهم
اقرأ أيضاً:
العمل الجبري .. ودور النقابات في مكافحته
نقابات عمالية كرتونية، ما الحل؟ .. الانسحاب أم الانتساب
النقابات العمالية بعد كورونا .. هل تستوعب الدرس أم سيفوتها القطار
النقابات العمالية وتجديد الخطاب النقابي
إرسال تعليق