نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة في الأردن هي من أقل النسب في العالم، إذ بلغت 13.2 بالمائة، حسب إحصائيات 2019، واحتلال شريحة النساء النسبة الاكبر من معدلات البطالة. فوفقاً لإحصائيات البنك الدولي تعد نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل في الأردن خامس أقل نسبة عالمياً، كما أن الأردن كان في المرتبة 140 من أصل 142 دولة على المؤشر العالمي للمشاركة الاقتصادية للمرأة. ويبلغ حجم العمالة في الاقتصاد غير الرسمي بالاردن (44 %) من اجمالي القوى العاملة، 26 % منهم يعملون في القطاع الخاص، و17 % منهم يعملون لحسابهم الخاص، و 1 % يعملون في المنازل بدون أجر. وتشكل النساء العاملات في القطاع غير الرسمي 27 % ، أي ثلث إجمالي اليد العاملة من الاناث في الاردن، مقابل 48 % من الذكور. وقدر حجم الاقتصاد غير المنظم في الأردن، وفقا لدراسة بعنوان “اقتصادات الظل حول العالم: ما الذي تعلمناه خلال العشرين عامًا الماضية؟” صادرة عن صندوق النقد الدولي، عام 2018، بحوالي 17.38 % من الناتج المحلي الاجمالي، وهذا ما يعادل 5.5 مليار دينار على بيانات الناتج لسنة 2019، وهذا الرقم يتجاوز دخل قطاع السياحة كاملا في عام 2019 والمقدر بحوالي 4.1 مليار دينار. ومن هنا ندرك كم يخسر الاردن جراء هذا التشتت وضعف وتهاون في الادارة العامة للاقتصاد الاردني من تنظيم وحماية ورقابة وايرادات وغيرها. وخصوصا اذا قارنا ارقامنا بالارقام العالمية في الدول المتقدمة. فقد قدرت دراسة صندوق النقد الدولي متوسط حجم اقتصاد الظل في 158 دولة خلال الفترة من 1991 إلى 2015 بحوالي 31.9 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، كان أكبرها في زيمبابوي بنسبة 60.6 في المائة من الناتج، وفي بوليفيا بنسبة 62.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وأقلها في النمسا بنسبة 8.9 في المائة وفي سويسرا 7.2 في المائة من الناتج.في الاردن، هنالك عدة جهود غير مكتملة ومبتورة وتغص الحلق عند التفكير فيها لنقل الاقتصاد غير المنظم الى الاقتصاد المنظم، وأهمها الإطار الوطني لتنظيم الاقتصاد غير المنظم، والذي أُطلق في اجتماعٍ عقدته منظمة العمل الدولية في عمَّان في شهر نيسان 2015، بهدف تنظيم الاقتصاد غير المنظم واسع النطاق في الأردن. وقد صادقت على الإطار وزارةُ العمل، والاتحاد العام لنقابات العمال في الأردن، وغرفة صناعة الأردن، والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي. ولكنه ما يزال غير مطبق للآن. وقد كان الإطار يهدف إلى تعزيز منهجيةٍ متكاملة لإضفاء الطابع الرسمي على القطاع غير المنظم بما يضمن: خلق فرص عملٍ لائقة، وتأمين ظروف معيشةٍ كريمة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتحسين الإنتاجية، وزيادة النمو الاقتصادي.
ولما حاولت البحث عن اجابات عن أسباب ارتفاع حجم الاقتصاد غير المنظم وانخفاض مشاركة المرأة اقتصاديا وارتفاع نسبة البطالة بين النساء لم أجد اجابة مقنعة وخاصة أن النساء في الاردن يشكلن أكثر من 49 % من عدد السكان ويشكلن أكثر من 60 % من عدد الطلاب في الجامعات في الاردن و10 % من عدد الاعيان و15 % من النواب و10 % من عدد الوزراء في الحكومة الجديدة. ومن هنا رأيت ومن خلاصة تجربتي الخاصة في العمل الحكومي والخاص أن هناك يدا خفية وراء تلك الارقام والنسب المزعجة. واليد الخفية هي يد يشارك فيها الجميع بصورة مباشرة وغير مباشرة، بصورة مقصودة وغير مقصودة، بشكل مخطط وغير مخطط له، بشكل طوعي وغير طوعي، للحد من زيادة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي وخاصة الرسمي منه، الأمر الذي يدفعها ويجبرها للتوجه للعمل في القطاع غير الرسمي.
فما العمل للانتقال من الاقتصاد غير المنظم الى الاقتصاد المنظم؟ المطلوب تشريعات واضحة وقوية ومؤسسات رسمية حكومية وغير حكومية للمتابعة والتنسيق والعمل بهذا الاتجاه. هناك حاجة ماسة لوجود وزارة أو هيئة مستقلة لشؤون المرأة. ويجب أن أنهي بالقول أن القطاع غير الرسمي هو مجموعة القطاعات غير الرسمية أو الاقتصاد غير الرسمي ويشمل الرجل أيضاً ومن هنا يجب العمل بجدية الى تحويل هذه القطاعات الى قطاعات رسمية لتحقيق مصلحة جميع الاطراف ولحفظ كرامة وحقوق العاملين وتحقيق العدالة والحماية الكافية للنساء والرجال بما يعود بالنفع على الانتاجية والتنمية الاقتصادية المستدامة والنمو الاقتصادي المطلوب لرفاه الفرد والأسرة والمجتمع. بقي أن أقول أن هذا المقال هو خلاصة ورقة قدمتها يوم أمس في لقاء افتراضي عقدته مشكورة الشبكة العربية للمنظمات الاهلية والهيئة القبطية الانجيلية للخدمات الاجتماعية في القاهرة عبر تقنية زووم تحت عنوان أفضل الممارسات التنموية لتحسين أوضاع النساء العاملات في القطاع غير الرسمي.
إرسال تعليق