طالب تحالف مناهضة العنف والتحرش في عالم العمل وزير العمل بالالتفات الى قضايا العمالة المهاجرة بنظرة إنسانية وحقوقية وبما ينسجم مع إلتزامات المملكة في إطارالمواثيق والمعاهدات الدولية، وتوفير الحماية الصحية اللازمة لهم من الكورونا، وتجريم أي إساءة عنصرية أو تمييزية ضدهم.
وبين التحالف في رسالة إلى وزير العمل أنه يراقب بقلق شديد ما يتعرض له العمال المهاجرون، نساء ورجالاً على حد سواء، من انتهاكات لحقوقهم العمالية والإنسانية التي يكرسها نظام الكفالة الظالم في العديد من القطاعات، والتي كانت تقع ما قبل الجائحة وازدادت خطورتها وتبعاتها في ظل الجائحة، في وقت تعمل الغالبية الساحقة منهم في قطاعات ذات أجر متدن، وقطاعات هشة وغير منظمة، تفتقر إلى أدنى شروط العمل اللائق، كقطاعات صناعة الألبسة والعمالة المنزلية والإنشاءات والزراعة والضيافة ومراكز التجميل وغيرها من القطاعات المهمشة.
وفيما يتعلق بالمخاطر الصحية أكد التحالف على أن الأولوية الأهم في ظل الجائحة يجب أن تكون حماية كل من يعيش ويعمل على أرض المملكة من الإصابة بالفايروس وتوفير الرعاية الصحية اللائقة لمن تعرض للإصابة، دون تفرقة بين مواطن ولاجىء ومهاجر وزائر، وأنه من المؤسف أن رؤية حوادث الإصابات الجماعية للعمال المهاجرين في المصانع تتكرر على نحو غير مبرر، في وقت يتعرضون في القطاعات الأخرى الأكثر تهميشا للإصابة دون توفر سبل الوقاية لا في موقع العمل ولا في سكناتهم العمالية، ولا يتم شمولهم ببرامج الرعاية الصحية والطبية.
وطالب التحالف بتكثيف التفتيش على العمل وخصوصا على شروط الصحة والسلامة المهنية وخصوصا ما يتعلق بالوقاية والحماية من أمراض الأوبئة وأمراض المهنة، وشمول جميع العمال بتأمينات صحية ملائمة كالتزام على أصحاب العمل، مشيرا إلى أنه في هذه الظروف التي تعاني منها المملكة فإن الأولى من تنفيذ حملات تفتيشية على العمالة المخالفة لقانون الإقامة، أن يتم تنفيذ حملات تفتيشية على ظروف العمل والسكن غير اللائقة، والتي هي أحد أهم الأسباب التي تضطر العمال لترك العمل وانتهاء المطاف بهم كعمال مخالفين.
كما طالب بإتاحة قنوات الوصول للعدالة لهؤلاء العمال والتي تبدأ بالتحقق من حصول العامل على التثقيف الكامل بالحقوق والقوانين العمالية والإجراءات، وذلك قبل مغادرة بلد الأصل وعند الوصول للمملكة، ومن ثم توفير سبل التظلم والخدمات القانونية الفعالة، من ضمنها تطوير نظام شكوى وتبليغ أو تطبيق الكتروني بلغات العمال مربوط الكترونيا مع سفاراتهم. وبإيجاد آليات تضمن حصول العامل قبل مغادرته المملكة على كامل مستحقاته من أجور وضمان اجتماعي والتعويض عن العمل الإضافي وبدل الإجازات التي لم يأخذها العامل.
مبينا أنه في ظل الجائحة تم تسفير أعداد كبيرة من العمالة المهاجرة ممن لم يحصلوا على كامل أجورهم ومستحقاتهم المالية كالضمان الاجتماعي وتعويضات العمل الإضافي، ليعودوا إلى أوطانهم فارغي الأيدي بعد سنوات طويلة من العمل المضني، وفي قطاعات يصعب رصدها كالعمالة المنزلية على سبيل المثال، والتي لا يتم فيها الاعتراف أصلا بتعويض العمل الإضافي رغم العمل لساعات طويلة تتجاوز الحد المقرر قانونا.
وأضاف أنه ورغم شمول بعض العمال المهاجرين في مظلة قانون العمل، ورغم وقف التعامل بمصطلح الكفيل قانونا، إلا أن شمول هؤلاء العمال في قانون العمل لا يحقق لهم مساواة كاملة مع العمال الأردنيين في الحقوق والواجبات، وذلك بسبب استمرار العمل بنظام الكفالة الذي يخضع له العمال المهاجرون فقط، ويقوم بربط العامل بقطاع معين وبصاحب عمل مسؤول عن استقدامه وإقامته في البلاد أو مغادرتها. يرافق ذلك ممارسات محطة بإنسانية العامل وكرامته كحجز الوثائق الشخصية وتقييد الحرية، وتكون كل تصرفات العامل مرهونة بموافقة صاحب العمل، كما لو كان العامل فاقداً للأهلية.
وشدد على ضرورة إلغاء نظام الكفالة وذلك السماح للعمال المهاجرين بتغيير صاحب العمل والقطاع على نحو متساو مع الأردنيين، والعمل على منع التمييز في ظروف وشروط العمل ما بين الأردنيين والمهاجرين ومنها الأجر والحد الأدنى للأجور، حتى لا يتم استقدام العمال المهاجرين باعتبارهم عمالة رخيصة قابلة للاستغلال، بل يكون الاستقدام بناء على المهارات التي يتطلبها سوق العمل. لا يعتبر نظام تصاريح العمل الحرة بديلا لنظام الكفالة، حيث أنه يخلي صاحب العمل من مسؤولياته القانونية ويجرد العامل من الحقوق والامتيازات العمالية كالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وغيرها، بالإضافة إلى أنه يلزم العامل بدفع رسوم التصاريح، ومن أهم المبادىء الأخلاقية في عملية الاستقدام والاستخدام التي تؤكد عليها منتديات الهجرة العمالية العالمية هو عدم تحميل العامل أي مبلغ مالي جراء استقدامه أو استخدامه.
وطالب بإعادة النظر في عقوبات التسفير وغرامات تجاوز مدة الإقامة القانونية، على اعتبار أن غالبية العمال وإن تركوا مكان العمل، فهم يتركونه لوقوعهم ضحايا لانتهاكات الحقوق العمالية والانسانية وعدم وعيهم الكافي بطرق التظلم والوصول للعدالة وأعداد كبيرة منهم يقعون ضحايا لسماسرة يقومون باستغلالهم وابتزازهم وتهديدهم. بالتالي، يطالب التحالف بعدم الاستناد الى وضع الإقامة كأساس لمنح أو منع الحقوق العمالية والإنسانية.
وأشار إلى أن ما نشهده في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي يوميا من موجة كراهية للعمال المهاجرين، أمر لا يمكن السكوت عنه ويسيء لصورة الأردن في العالم، وأنه لا يجوز تمرير هذه الممارسات العنصرية والتمييزية، سواء إعلانات مكاتب الاستقدام التي تسوق عاملات المنازل كبضائع، أو الشتائم والإهانات للعمال المهاجرين على وسائل الإعلام وخصوصا مؤخراً بعد إصابة آلاف العمال في المصانع وتحميلهم المسؤولية وشتمهم والدعوة الى حرقهم ونفيهم من قبل جماهير التواصل الاجتماعي دون اتخاذ أي إجراءات بحقهم رغم مخالفاتهم الصارخة والصريحة للقوانين، وفوق ذلك نجد مسؤولين ووسائل إعلام يطمئنون الناس بأنه لا إصابات لأردنيين في المصانع! وكذلك تم مؤخرا استخدام عاملة المنزل كمادة للسخرية في أغان للأطفال على قناة أردنية، وغيرها الكثير من الممارسات اللاإنسانية، التي لا نقبل أن يواجهها أبناء وبنات الأردن العاملين في الخارج.
مطالبا بمنع تسويق العمال في مواد إعلانية، وبعدم تعزيز هذا في الخطاب الرسمي، الذي عادة ما يعزز فكرة ضرورة تقليص أعداد العمال المهاجرين باعتبارهم يزاحمون الأردنيين على فرص العمل، وكثيرا ما يتوجه للعمالة المهاجرة المخالفة بلغة التهديد بالإبعاد، دون الالتفات إلى أسباب هذه المخالفات.
وختم التحالف في رسالته إلى وزير العمل بأنه قد توجه إلى الحكومة السابقة بمطالب مشابهة، إلا أن مطالبه لم تلق آذانا صاغية، متطلعا إلى أن يحظى هذا الموضوع باهتمام هذه الحكومة وأن يتم الالتفات الى قضايا العمالة المهاجرة بنظرة إنسانية وحقوقية وبما ينسجم مع إلتزامات المملكة في إطارالمواثيق والمعاهدات الدولية وفتح الحوار مع منظمات المجتمع المدني والخبراء الحقوقيين لإيجاد الحلول والحد من الانتهاكات.
ويشمل التحالف مجموعة من منظمات المجتمع المدني، ومنهم مؤسسة صداقة، ومركز بيت العمال للدراسات، ومركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان، وجمعية اتحاد المرأة الأردنية، وجمعية المنتدى الاقتصادي والاجتماعي للنساء، إضافة إلى ممثلين عن منظمات العمال وناشطين حقوقيين.
إرسال تعليق