الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش
انتشر قبل عدة أيام خبر التقاء وزير العمل معن القطامين مع مجموعة من نشطاء السوشال ميديا أو كما يرغب أن يسميهم البعض "مؤثرين"، وعند استعراض بعض الأسماء التي تمت دعوتها وغالبيتهم لا أعرفهم أجد نفسي أمام تساؤلات حول ماهية تأثير هؤلاء الأشخاص وطبيعة نشاطهم على السوشال ميديا وما هي الأسس التي يتم بموجبها منحهم لقب "مؤثرين" وعلى من يؤثرون.
ان مجيء الدكتور معن قطامين من رحم السوشال ميديا وقدراته الشخصية البارزة في موضوع الحضور الاعلامي والتأثير "فعلياً" على جمهوره -وأنا منهم- كانت بمثابة وميض أمل لمع في الأفق استشرف البعض أنه بداية اشراقة تغيير حقيقي، خاصة أن آخر تغريدة كتبها القطامين على صفحته على تويتر كانت من كلمة واحدة تحوي جميع هذه التفاصيل وهي كلمة " النهج"!!
أعلم وأؤمن أنه من المبكر جداً الحكم على أداء الوزير وأميل الى منحه الوقت الكافي لترجمة الأفكار والمفاهيم النظرية التي كان يتحدث بها الى خطط وبرامج قابلة للتطبيق على أرض الواقع، وأدرك حجم التحديات والصعوبات التي تواجه أي شخص يرغب بالتغيير ولديه أفكار ابداعية وخارجة عن المألوف، ولكني هنا أود أن استخدم قولاً مأثوراً كان يستخدمه القطامين في فيديوهاته وهو "البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير"، فهل الخطوات التي يخطوها القطامين -حتى الآن- تدل على أنه "يسير" في طريق تغيير النهج!!
نشر بعض هؤلاء "المؤثرين" نص رسالة الدعوة التي وردتهم من وزارة العمل لحضور اللقاء مع الوزير، وكان جدول أعمال اللقاء ينحصر في أربعة محاور:
1- الهدف من الربط بين وزارة العمل والاستثمار.
2- البطالة وتوجهات الوزارة بهذا الصدد.
3- الهدف من مراجعة أمر الدفاع 6.
4- آلية تعامل الوزارة مع الشكاوى العمالية.
وعندما تستعرض هذه المحاور جيداً تجد أنها محاور تكون المعلومة فيها باتجاه واحد كونها تتعلق بمعلومات يملكها الوزير ويرغب بنقلها لهؤلاء "المؤثرين"، وستنحصر مداخلات هؤلاء "المؤثرين" حول الاستفسار والاستيضاح في نطاق هذه المحاور، بمعنى أن اللقاء لم يكن تشاورياً ولا حوارياً بل هو أقرب لمؤتمر صحفي بشكل وطابع مختلف.
ان نهج الحكومات السابقة فيما يتعلق بالحوار الاجتماعي يرتكز على مبدأ الحوار من أجل الحوار، أو قل الحوار غير الملزم بحيث تجلس الحكومة مع الأطراف المعنية وتستمع منهم ثم تعمل ما تشاء؛ ولطالما طالب النشطاء والنقابيين بتغيير نهج الحكومة فيما يتعلق بالحوار الاجتماعي من خلال مأسسته وقوننته وجعله فاعلاً مثمراً، الا ان "المسير" الذي يسير عليه وزير العمل -حتى الآن- لا يُنبئ بأن تغيير النهج سيكون في هذا الاتجاه.
ان فكرة تواصل الوزير مع فئة الشباب و "المؤثرين" لترويج انجازات الوزارة ولترسيخ الشفافية هو أمر ايجابي ويدعم تغيير "النهج" الاعلامي والخروج عن الرسالة الاعلامية التقليدية للوزارة نحو اقتحام السوشال ميديا وجمهورها وخلع عباءة الأداء الاعلامي التقليدي، ولا يُفهم أن الاعتراض على الفكرة كفكرة اطلاقاً انما الاعتراض على التوقيت وترتيب الأولويات.
كنت أتوقع وأرغب أن يلتقي الوزير مع الخبراء في سوق العمل والنقابات العمالية ومؤسسات المجتمع المدني والأشخاص الفاعلين والنشطاء الفعليين في هذا المجال واطلاق حوار اجتماعي حقيقي معهم لانجاز الخطط والبرامج التي تحدث عنها الوزير في لقاءه مع قناة رؤيا ثم وبعد الانتهاء من اعداد هذه الخطط والبرامج يكون من المثمر الالتقاء مع "المؤثرين" ونشطاء السوشال ميديا لترويج هذه الخطط وتوجيه الرأي العام وشريحة الشباب لتقبل بعض الأفكار والبرامج التي يمكن أن تكون استثنائية وخارجة عن المألوف في مجتمعنا.
بقي أن نقول أن بعض نشطاء تويتر وفيسبوك وانستجرام والتيك توك هم مؤثرين حقيقيين على فئة الشباب وقد يستفاد منهم في التعرف على طبيعة تفكير هؤلاء الشباب واهتماماتهم والتغيير -لاحقاً- بسلوكياتهم وتوجهاتهم ولكنهم ليسوا بديلاً اطلاقاً عن خبراء سوق العمل والنقابات والنشطاء الحقوقيين والنقابيين عندما يكون الحديث عن البطالة مثلاً.
إرسال تعليق