الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش
27-1-2021
عند الحديث عن حقوق الانسان بشكل عام أو حتى حقوق الانسان المتعلقة بالأعمال فإن الحديث ينصرف تلقائياً الى جانب مسؤولية الدولة وواجب الدولة في "حماية" حقوق الانسان، أو حتى الى "سبل الانتصاف" من أجل ضمان حقوق الانسان في الأعمال.
ان هناك جانباً ثالثاً لا يقل أهمية في تكريس وحماية حقوق الانسان في الأعمال؛ وهو الجانب المتعلق بمسؤولية المؤسسات التجارية في "احترام" حقوق الانسان، ولا نعني هنا مسؤولية الشركات المتمثلة بالامتثال للقوانين والأنظمة الوطنية؛ بل عن واجب المؤسسة في سعيها لتجنب انتهاك حقوق الانسان الخاصة بالآخرين ومعالجة ما قد يقع من آثار ضارة بهذه الحقوق.
لماذا يتوجب على المؤسسات احترام حقوق الانسان
ان كلمة "احترام" التي تقع على عاتق المؤسسات التجارية تجاه حقوق الانسان في الأعمال لا تعني على الاطلاق شيئاً اضافياً أو ترفاً في اجراءات المؤسسة لتجميل صورتها؛ على العكس تماماً فالحديث هنا عن "مسؤولية" هذه الشركات في احترام حقوق الانسان في الأعمال و المنبثقة من حقوق الانسان المعترف بها دولياً والتي تشتمل على الحد الأدنى من الحقوق المعرب عنها في الشرعة الدولية لحقوق الانسان والمبادئ المتعلقة بالحقوق الأساسية المنصوص عليها في منظمة العمل الدولية بشأن المبادئ والحقوق الأساسية في العمل.
ومن هنا ننطلق الى مسؤولية هذه الشركات في احترام حقوق الانسان مهما كان عملها وبغض النظر عن قدرات الدول في ذلك، وعكس ذلك فإن عدم احترام المؤسسات لحقوق الانسان وعدم قيامها بواجباتها يمكن تصنيفه على أنه تقويض لقدرات الدول على الوفاء في التزاماتها في مجال حقوق الانسان.
بالاضافة الى وجوب التزام هذه الشركات بالقوانين والأنظمة الوطنية كمرجع لها في تنظيم علاقات العمل لديها، فإن من الواجب أيضاً على هذه الشركات الأخذ بعين الاعتبار الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمبادئ المتعلقة بالحقوق الأساسية في اتفاقيات منظمة العمل الدولية الأساسية الثمانية.
وقد يترتب على المؤسسات التجارية أيضاً و تبعاً للظروف أن تنظر في معايير اضافية مثل الأفراد المنتمين الى جماعات أو فئات سكانية محددة تتطلب اهتماماً خاصاً، كحقوق النساء والأقليات والأشخاص ذوي الاعاقة والأطفال والعمال المهاجرين.
من هي المؤسسات المعنية بحقوق الانسان وماذا يتوجب عليها
ان مسؤولية المؤسسات التجارية في احترام حقوق الانسان تنطبق على جميع المؤسسات بغض النظر عن حجمها أو قطاعها أوسياق عملها أومكليتها، ولكن قد يختلف حجم ومدى تعقيد الوسائل التي تعتمدها المؤسسة للوفاء بهذه المسؤولية.
من جهة أخرى قد تكون آثار بعض المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم خطيرة على حقوق الانسان؛ الأمر الذي يتطلب اتخاذ تدابير ملائمة بغض النظر عن حجم المؤسسة، فالمسؤولية تقع على عاتق جميع المؤسسات التجارية بشكل تام ومتساوٍ.
ومن هنا ينبغي على المؤسسات التجارية أن تكون لديها سياسات وعمليات تتلاءم مع حجمها وظروفها من خلال سياسة عامة تلتزم من خلالها بمسؤوليتها في احترام حقوق الانسان، بالاضافة الى العناية الواجبة بحقوق الانسان من أجل تحديد كيفية معالجة آثارها الضارة بحقوق الانسان والحيلولة دون حدوثها والتخفيف من حدتها وتوضيح كيفية معالجتها، فالمؤسسات التجارية تحتاج الى ادراك واظهار احترامها لحقوق الانسان ولن تستطيع القيام بذلك الا اذا وضعت سياسات وعمليات معينة ومحددة والتي تعتبر بمثابة التزام بادماج مسؤوليتها عن احترام حقوق الانسان في سياسة عامة للمؤسسة مقرة وموافق عليها من أعلى المواقع القيادية في المؤسسة وترتكز على الخبرات الداخلية والخارجية وتنص على تطلعات موظفي المؤسسة وشركاؤها التجاريين والأطراف الأخرى المرتبطة ارتباطاً مباشراً بعملياتها أو منتجاتها أو خدماتها ، فيما يتعلق بحقوق الانسان، بالاضافة الى أهمية أن تكون هذه السياسات متاحة للجمهور وتعمم داخل المؤسسة بل يتم تدريب الموظفين عليها لادماج المسؤولية في جميع أقسام المؤسسة.
ما المطلوب من المؤسسات والشركات
ينبغي على الشركات تغطية الآثار الضارة بحقوق الانسان التي تتسبب أو تسهم فيها من خلال أنشطتها أو التي قد ترتبط ارتباطاً مباشراً بعملياتها أو متجاتها أو خدمتاتها في إطار علاقاتها التجارية،كما ينبغي أن تكون العناية الواجبة مستمرة، مع مراعاة أن المخاطر التي تتعرض لها حقوق الانسان قد تتغير مع مرور الزمن ومع تطور عمليات المؤسسة وسياق عملها.
وتختلف الاجراءات التي يتوجب على المؤسسة اتخاذها ويمكن تصنيفها بأنها اجراءات ملائمة وفقاً لمدى تسبب أو مساهمة الشركة في هذه الاضرار أو مقدار مشاركتها فيها ومدى نفوذها في معالجة الآثار الضارة، وحيثما تجد المؤسسات أنها تسببت أو ساهمت في آثار ضارة بحقوق الانسان، ينبغي أن تقوم بمعالجة هذه الآثار أوالمساعدة في معالجتها من خلال عمليات مشروعة.
في جميع السياقات، ينبغي أن تقوم المؤسسات التجارية بما يلي:
1- الامتثال لجميع القوانين المعمول بها واحترام حقوق الانسان المعترف بها دولياً أياً كان مكان عملها.
2- التماس سبل احترام مبادئ حقوق الانسان المعترف بها دولياً عندما تجد نفسها أمام مقتضيات متعارضة.
3- معالجة خطرالتسبب أو الاسهام في انتهاكات جسيمة لحقوق الانسان باعتبارها قضية امتثال للقانون أياً كان مكان عملها.
تقرير المركز الوطني لحقوق الانسان في الأردن
في تحليل المركز الوطني لحقوق الانسان في تقريره السنوي للعام 2019 - الذي نشر مؤخراً- فقد اظهرت النتائج أن الحراكات العمالية التي تمت كانت بسبب تدني أجور العاملين وعدم وجود عدالة في الترقيات ، وظروف العمل الصعبة، والتوزيع غير العادل للأدوار داخل المؤسسة، وقصور قنوات التواصل داخل المؤسسة، وعدم المشاركة العمالية في عملية اتخاذ القرار داخل مؤسساتهم، ادت جميعها الى زيادة الشعور بالإحباط والاحتقان من قبل الفئات العمالية كافة.
إرسال تعليق