الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش
18-1-2021
قبل عدة أشهر خرجت علينا الحكومة السابقة ببرنامج أطلقت عليه "ترشيق القطاع العام " والتي قررت بموجبه احالة المئات بل الآلاف من موظفي الحكومة الى التقاعد المبكر؛ الأمر الذي تزامن مع حملة من الضمان الاجتماعي تدعو وتحذر فيه من التقاعد المبكر حتى أنها استخدمت خطباء الجمعة للترويج لخطر التقاعد المبكر على أموال الأردنيين في الضمان الاجتماعي وشجعت على العمل على أنه أحد أشكال العبادة!!
الحكومة لم تلتف للدراسات الاكتوارية للضمان الاجتماعي وحرص مؤسسة الضمان الاجتماعي التي كانت تدعو الى الغاء التقاعد المبكر بالكامل، بل باشرت باحالة موظفي الحكومة الى التقاعد دون الالتفات الى الجهة التي ستتحمل فاتورة رواتب التقاعد.
الحكاية بدأت عندما اشترط صندوق النقد الدولي على الحكومة تقليل نفقات الرواتب المدفوعة من الموازنة العامة، ولكن يبدو أن أصحاب القرار لم ينتبهوا - أو انتبهوا- أنه باحالة الموظفين الى التقاعد سيقلل بند نفقات الرواتب ولكنه سيتحول الى تضخيم بند التقاعد وهذا ما حصل بالفعل اذ تشير الأرقام أن فاتورة التقاعد في الموازنة قد ارتفعت خلال أول أحد عشر شهراً من العام 2020 بنسبة 13%، أو ما مقداره 166 مليون دينار مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2019، وهنا نتحدث عن نتائج "الترشيق الحكومي" والتقاعد على حساب الموازنة فقط؛ ناهيك عن أثر احالات التقاعد على صندوق الضمان الاجتماعي الذي بالتأكيد قد بعثر جميع الدراسات الاكتوارية السابقة وعمل على تقريب نقطة التعادل التي تتساوى فيها الاشتراكات مع المصروفات.
ان قرارات الحكومة المتعجلة والباحثة عن حلول آنية سريعة بدأت تظهر في ارتفاع فاتورة التقاعد في الموازنة العامة؛ ناهيك عن الأثر الأكبر من وجهة نظري الذي سيكون في الضمان الاجتماعي ، ومن ناحية أخرى فقد أدت قرارات الحكومة بالاحالة الى التقاعد الى تقليل الدخل بالنسبة للمتقاعدين الذين هم لا يزالون في قمة عطاءهم وأوج خبرتهم مما اضطر هؤلاء الأشخاص الى تضخيم القطاع غير المنظم بحثاً عن لقمة العيش وأقساط القروض المترتبة عليهم ولا يكفي راتبهم التقاعدي على الوفاء بها.
ان مصطلح "ترشيق القطاع العام " هو مصطلح مقبول ولطيف بل هو مطلب ولكنه بعيد كل البعد عن الاحالات العشوائية الى التقاعد؛ فالهدف يجب أن يكون الترشيق بحد ذاته والذي يتطلب اجراءات متعددة وابتكارية لا تقليل فاتورة الرواتب فقط دون النظر الى أين سيتحول هذا البند لاحقاً.
اقرأ أيضاً:
الحكومة تشجع على التقاعد والضمان يحاربه .. العامل: لا أحد يأخذ رأيي
مجزرة التقاعد القسري .. تضحية بالحوار الاجتماعي ومقامرة بالسلم المجتمعي
إرسال تعليق