24-1-2021
تقوم مؤسسة الضمان الاجتماعي على اكتاف مشتركيها و اشتراكاتهم ، و إن الرواتب التقاعدية التي يتقاضاها مشتركوا الضمان الأجتماعي المؤمن عليهم سواء أكانت مبكره أو رواتب شيخوخه ليست منحه ولا منة وانما هي مستندة الى القانون وتعتمد بالأساس على الأشتراكات التي قاموا بتأديتها خلال سنوات خدمتهم ، ولو كان هذا المشترك قد أدى هذه الأشتراكات الى شركة تأمين من ضمن غاياتها تأمين الحياة فسيحصل على مقابل مشابه لما يحصل عليه من الضمان الأجتماعي.
إذن فإن هذه الرواتب التقاعدية هي حصيله اشتراكات المشترك الذي اجبره القانون و لمصلحته على الإنتساب الى مؤسسة الضمان الأجتماعي كجهة تأمينية دون أي جهة آخرى .
بالطبع نحرص جميعاً كمواطنين على الحفاظ على أموال مؤسسة الضمان الأجتماعي كونها بيت الإدخار لكل العاملين الذين يتكلون عليها لاعالتهم وأسرهم بعد انتهاء سنين العمل وللحفاظ على شيخوخة كريمة بعيداً عن العوز.
ويحرص العديد من غير أصحاب القانون على الأطلاع التفصيلي على أحكام قانون الضمان الأجتماعي لمعرفة الخطة المالية لهم في سنوات التقاعد ، وقد نشأت معضلة في الآونه الأخيرة بخصوص المواد (64/85) من قانون الضمان الأجتماعي والتي منحت الحق للمشترك الذي اتم عدد اشتراكات وسن معين بالحصول على راتب التقاعد المبكر كحق مكتسب ضمن شروط واحكام تنظم قيمة هذا الراتب وشروط.
وهذه الاحكام حق لكل من المشترك ومؤسسة الضمان الأجتماعي ومن خلفها كل المشتركين الذين يؤدون اشتراكاتهم ومن ضمن هذه الأحكام عدم عودة المشترك الى العمل في أي من المنشآت التي عمل بها خلال الستة والثلاثون اشتراك الأخيرة، وذلك أيضاً لا خلاف عليه ولكن الخلاف الأساسي هو تحديد مفهوم مصطلح العمل حيث أن جزء كبير من أصحاب التقاعد المبكر كانوا موظفين لدى شركات إما عائلية أو لهم فيها نسبة من الملكية و تم الزامهم بالانتساب الى الضمان الاجتماعي بحكم القانون الذي قد يتوافق مع رغبتهم الشخصية ايضا ، و إن ملكيتهم في هذة المنشآت تحتم عليهم القيام بمسؤوليات معينة بعد تقاعدهم :
أولاً لضمان مراقبة وضعها المالي بشكل اساسي. وثانياً لتلافي أي مسؤوليات قد تنشأ عن إدارة هذه المنشأه بطريقة مخالفة للقانون .
قبل الخوض في الطريقة التي تعرّف بها مؤسسة الضمان الأجتماعي مفهوم العمل فأننا فلا بد أن نعرج على التعريف الإجتماعي والقانوني لعقد العمل ، ففي حين أن المتعارف عليه اجتماعياً بأن العمل هو الخضوع لسلطة رب عمل معين وتأدية المهام المنوطه بالعامل لقاء أجر متفق عليه نجد أن قانون العمل الأردني قد عرف في المادة (2) منه العمل بأنه ( كل جهد فكري أو جسماني يبذله العامل لقاء أجر سواء كان بشكل دائم أو عرضي أو مؤقت أو موسمي ) وأضاف المشرع لما سبق عند تعريفه لعقد العمل عنصري الأشراف والتبعية ، ومن هنا نجد أن تلقّي الأجر عنصر مشترك في كلا التعريفين لوصف حالة معينة بأنها عمل .
بالمقارنة بالتعريف الوارد في الفقرة السابقة نجد أن قانون الضمان الأجتماعي لم يعرّف العمل ضمن المصطلحات الواردة في المادة (2) منه وانما أشار في المادة (4) الى أن من ضمن الفئات الخاضعة لقانون العمال الخاضعين لأحكام قانون العمل واشترط في مطلع المادة أن لا يقل الأجر عن الحد الأدنى للأجور كما استثنى في ذات الماده العمال الذين تكون علاقتهم بصاحب العمل غير منتظمه ، ومن هنا نجد أن سكوت المشرع عن تعريف مفهوم العمل يعني بالضرورة الإحاله الى القانون الخاص وهو قانون العمل كما أن الإشارة إلى الاجر في المادة يعني أنها تتوافق مع إعتبار الأجر ركناً اساسيا لتوصيف أي علاقة بأنها عمل ، ولكن وفي ظل ما سبق نجد أن تطبيق مؤسسة الضمان الأجتماعي مغاير لإرادة المشرع حيث تستقل المؤسسة بإصدار تعليمات تتجاوز القانون مما يؤثر على الخطة التقاعدية للمشتركين فتقوم اللجان المختصة بالتنسيب بوقف التقاعد المبكر لأي مشترك تجده موجوداً في منشأة يملك جزءاً منها أو لديه تفويض إداري عن هذه المنشأة أو اتخذ اجراء متعلق بكونه مساهم و لو لم تستطع الوصول الى ما يثبت تلقيه لأجر عن هذه الواقعة ، وتستند في ذلك الى تعليمات داخلية لديهم تسمى ( التعليمات التنفيذية لشمول الشركاء في الشركات بأحكام قانون الضمان الأجتماعي ) والصادرة عن مجلس إدارة مؤسسة الضمان الأجتماعي والتي تطبقها بمفهوم المخالفة – بمعنى أن توفر أي من شروطها يعتبر خرقا للتقاعد المبكر – وهنا يظهر ثلاثي المشاكل الأساسي المعتاد في الإدارة العامة في الأردن :
فأولاً : لا يجوز أن تتجاوز التعليمات التنفيذية على القانون و ليس لها أن تفسره و هذا إختصاص ديوان تفسير القوانين ،.
ثانياً : لا يجوز تطبيق أي تشريع بأثر رجعي
ثالثاً : الشفافية والإشهار عنصر أساسي في كل تشريع ، وهي غير متوفرة في هذه التعليمات التي لم تعلن ويصعب الحصول عليها حتى للمختصين في الاعمال القانونية بالرغم من أنها بالأصل يجب أن تكون موجهة الى طبقة العمال كافة .
ضحايا هذا التجاوز أعداد كبيرة من المواطنين مهددين بإنقطاع رواتبهم التقاعدية والأسوأ من ذلك مطالبتهم بالرواتب السابقة التي تقاضوها فهو موت وخراب ديار .
التقاعد المبكر حق اعطاه القانون للمشتركين وبنوا مستقبلهم على اساسه فلا تحاسبوهم إلا على ما ورد في نص التشريع وقواعده العامة والمجردة وإن الحملات التوعوية بخصوص حقوق والتزامات مشتركي ومتقاعدي الضمان الأجتماعي تحمل ذات الأهمية لحملات حزام الأمان وترشيد استهلاك المياه، فالمخالف للقانون هو الشخص العالم به وقصد انتهاكه وليس من لم يتوافق تصرفه مع تعليمات محفوظه في إدراج الأرشيف ، و إن هدف مؤسسة الضمان الاجتماعي الحفاظ على مدخرات المشتركين و ليس تصيدهم ، وبنظرة اقتصادية بسيطة نجد أن التطبيق المعتمد لمفهوم العمل لدى مؤسسة الضمان الأجتماعي يستدعي بالضرورة أما تفريغ المادة (64) من قانون الضمان الأجتماعي من فحواها في حق المشترك بالتقاعد المبكر أو قيام المشترك بإغلاق المنشأه التي يملكها في حال رغبته في التقاعد المبكر ويتبع ذلك ما يتبعه من تسريح للموظفين وخسارة لمنشأه ترفد الأقتصاد بالصادرات و الضرائب .
الخلاصة هنا بأن الحقوق و الالتزامات يجب أن تكون شفافة و جلية للمشترك من اليوم الأول لإنتسابه و مستندة لتشريع مر بمراحله الدستورية مراعيا الحقوق المكتسبة و أبناء الضمان يعانون اليوم من غياب ما سبق .
إرسال تعليق