توكيد .. استقواء على القطاع الخاص

سلامة الدرعاوي


سلامة الدرعاوي
24-1-2021

في الوقت الذي يقول فيه وزير العمل ان برنامج توكيد هو وليد الشراكة مع القطاع الخاص، يعلن رئيس غرفة تجارة الأردن انه لم يتم التشاور مع الغرفة حوله بأي شكل من الأشكال، لينسجم بيانه مع عدد من مواقف ممثلي القطاع الخاص الذين تفاجأوا بإعلان الوزير.

مسألة غريبة بين ما تسمعه من الحكومة وبين ما تشاهده على أرض الواقع في مسألة الشراكة التي كانت عنواناً رئيساً في خطاب العرش السامي الذي افتتح به الدورة غير العادية لمجلس الأمة.
الوزير المعني، وهو وزير العمل جاء ببرامج جديدة للتوظيف على حساب القطاع الخاص، تحت حجة السلامة الصحيّة والمراقبة الدوريّة للتأكد من التزام المنشآت المختلفة بمعايير الأمان والرقابة على عامليها تجنباً لمنع انتشار كورونا.
برنامج الوزير الذي لم يسبقه إليه احد لا يغني ولا يسمن من جوع، فبرنامج “توكيد” استقواء على القطاع الخاص تحت مظلة أوامر الدفاع لا أكثر.
فبأي حق يفرض على القطاع الخاص ان يعين أربعة آلاف شخص براتب 260 دينارا شهريّاً تحت مسمى مراقب صحي. الوزير يعلم جيداً ان غالبية المنشآت لديها مراقبون من هذا النوع، وفوق كُلّ هذا يتحمل القطاع الخاص رواتب هؤلاء الذين فعليّاً هم بطالة مقنعة، ليضافوا إلى آلاف العاطلين عن العمل فعليّاً.
لم لا يتدخل وزير العمل ويوظف هؤلاء في الحكومة والوزارات المختلفة وتتحمل مسؤوليتهم الخزينة، او ان يعيد الخدمة العسكريّة التي بات واضحا ان قرار الغائها جاء بهدف الكُلف الماليّة التي ستتحملها الخزينة العامة من هذا البرنامج الذي كان يستهدف تدريب ما يقارب العشرة آلاف شخص.
الوزير يعلم انه لا يمكن تعيين شخص في القطاع العام الذي يعاني من ترهل كبير وبيروقراطية هائلة واعداد تزيد عن حاجته الفعلية بأكثر من النصف في بعض الوزارات، ومنها وزارة العمل. برنامج توكيد ينقل مشكلة التوظيف العقيمة لدى القطاع العام وكلفها العالية إلى القطاع الخاص الذي يعيش اليوم أسوأ مراحله التشغيليّة لأسباب منها حكومية ومنها خارجية ومنها تشريعية ومنها البيروقراطية القاتلة المنفرة للعمل الاستثماري.
أمر مؤسف ما يحدث، برنامج توكيد قرار سيدفع الاقتصاد ثمنه، والتعيينات التي سيفرزها شكلية ولن يكون لها أي مردود اقتصادي او تنموي لأسباب عديدة، فهذا الموظف لم يختاره رب العمل أبداً، والكثير من المنشآت ليست بحاجة إليه أساسا، ناهيك عن كلفه المالية العالية.
اذا اراد الوزير التوظيف في القطاع الخاص فعليه أولاً ان يحترم القطاع الخاص الذي تشكل إيراداته وتوريداته للخزينة دخلاً للحكومة، وان يتشاور معه تحت مظلة الشراكة.
اذا ارادت الحكومة التكرم بالتوظيف عند “الغير” عليها أقل ما يجب أن توفر مخصصات رواتب هؤلاء العاملين، الذين من المؤكد ان غالبية منشآت القطاع الخاص سيقومون بتسريحهم بعد انتهاء العمل بأوامر الدفاع.

العمل العام لا يتطلب شعبويات، فهذه مكانها تحت قبة البرلمان لمخاطبة الناخبين، ما هو مطلوب هو الاقتراب اكثر من نبض القطاع الخاص، وتفهم مشاكله التي لا تحتاج الى تلك العبقرية في حلها.

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020