عمل العمال داخل مصانعهم اثناء حظر الجمعة، يحسن دخلهم أم ينتهك حقوقهم

عمل العمال داخل مصانعهم اثناء حظر الجمعة، يحسن دخلهم أم ينتهك حقوقهم

الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش
28-2-2021

مع دخول حظر الجمعة حيز النفاذ وبدء ظهور العديد من ردات الفعل الساخطة على القرار كونه يحد من حرية الناس ويقيد حركتهم من جانب؛ ويؤثر على النشاط الاقتصادي للعديد منهم من جانب آخر حيث يعتمد عدد لا بأس به من العمال على أعمال مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بأيام الجمع على وجه التحديد خاصة تلك المتعلقة بالنشاط التجاري التي تنشط عادة أيام الاجازات الأسبوعية بالاضافة الى عمال المياومة الذين يعتبرون يوم الجمعة أحد أهم أيام العمل عندهم.

العمل أيام الحظر لزيادة الانتاج و تعويض تدني الأجور 

تكاد تكون معاناة القطاع الصناعي أقل منه في القطاع التجاري كون يوم الجمعة هو بالعادة يوم اجازة اسبوعية للعمال وبالتالي لا تتأثر العديد من المصانع والعمال بقرار الحظر يوم الجمعة، بيد أن هناك فئة من عمال المصانع يعتمدون بشكل أساس على بدل العمل الاضافي لأيام الجمع من أجل تحسين دخلهم الشهري خاصة من ذوي الأجور المتدنية وكسبيل لتعويض الانتكاسة الاقتصادية التي مر بها العمال خلال جائحة كورونا، خاصة اذا ما علمنا أن العديد من العمال يعتبرون الأجر الذي يتقاضونه كبدل عمل اضافي عن أيام الجمع هو جزء أساسي من دخلهم الشهري وبعضهم يبرمج أقساطه والتزاماته بالاعتماد عليه.
العديد من المصانع لجأ الى استمرارية العمل داخل المصنع أثناء حظر الجمعة للتمكن من تلبية العقود المحلية والتصديرية ورفع الانتاج بالاضافة الى محاولة تعويض بعض الخسائر التي لحقت بهم ابان جائحة كورونا.

 رئيس غرفة صناعة عمان المهندس فتحي الجغبير أكد ان العمل داخل المصانع خلال ايام الحظر لا يخالف أوامر الدفاع، حيث نص تعميم المركز الوطني لادارة الازمات بوضوح على : " يُستثنى جميع الأشخاص المتواجدين داخل عملهم من قرار الحظر الشامل، ويسمح لهم بالعمل داخل هذه المنشآت شريطة عدم مغادرتها لأي سبب كان وحتى الانتهاء من موعد الحظر"، اي ان العمل خلال ايام الحظر غير مخالف، حيث تضطر المصانع الى العمل للتمكن من تلبية عقودها المحلية والتصديرية، مع حرصها على توفير مستلزمات موظفيها من الطعام والاقامة للاستمرار في عملهم، وكذلك اعطائهم حقوقهم التي يفرضها قانون العمل خلال العمل في ايام الحظر.

ولفت الجغبير الى ان جائحة كورونا اثبتت أهمية الصناعة الوطنية في توفير مستلزمات المواطنين الاساسية من المواد الغذائية ومستلزمات التعقيم والتنظيف والكمامات، بعد انقطاع سلاسل التوريد من الخارج، كما ان هذا القطاع حافظ على العاملين لديه رغم الظروف الصعبة التي واجهها نتيجة تعطل التصدير الى العديد من دول العالم.

مخاوف من عدم توفر شروط العمل اللائق وتكريس العمل الجبري

من جانب آخر وبالرغم من الفائدة المزدوجة التي تعود على المصانع والعمال عند استمرار العمل داخل المصنع أيام العطل؛ الا ان هناك مخاوفاً تساور ممثلي العمال والمهتمين في الحقوق العمالية حيث أكد السيد مازن المعايطة رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن أن العمال الذين يمكثون في مصانعهم أثناء حظر أيام الجمع يجب أن تطبق عليهم نصوص قانون العمل من حيث الأجر والعمل الاضافي أو نظام الورديات.
بدورها تساءلت مديرة مركز تمكين للاستشارات والدراسات الاستاذة لندا الكلش عن مدى ملاءمة ظروف المعيشة والعمل اثناء الحظر وهل يعمل العمال ضمن ساعات العمل المحددة ؟ وهل تم اجبارهم ام برغبتهم؟ وهل يتقاضون بدل عمل اضافي؟ .
 من جانب آخر وبالرغم من تأكيد السيد حمادة أبو نجمة الأمين العام الأسبق لوزارة العمل ومدير بيت العمال أن تصريحات الجغبير صحيحة حيث أن حظر التجول لا يمنع العمال من التواجد في مواقع العمل، الا أن أبو نجمة قد حذر من أن العديد من الشركات تلزم عمالها بالبقاء في موقع العمل من الخميس إلى السبت اي المبيت ليلتين في ظروف غير ملائمة، وهذا بحد ذاته يعد مخالفاً للقانون كما أنه غير انساني، مشيراً أن بعض أصحاب العمل يستغلون حاجة العمال الى اجبارهم المبيت خارج منازلهم وبعيداً عن أسرهم في ظروف أشبه بالعبودية والاتجار بالبشر؛ الأمر الذي يحتم على الحكومة القيام بواجبها واتخاذ الاجراءات الرادعة لوقفها.
ويضيف ابو نجمة أن العمل الإضافي في الأوضاع الطبيعية يختلف تماما عن العمل المقرون بشرط المبيت في موقع العمل، حيث قبول العامل تحت ضغط الحرص على الحفاظ على وظيفته او تحت ضغط الحاجة المادية لا يمكن اعتباره قبولا حراً، ويؤكد ذلك أن الحالات التي تصلنا تفيد بأن العمال لم يكن لهم خيار وأن المكان لا تتوفر فيه اي من شروط الراحة والمبيت بصورة لائقة ليلتين،مما يشير أن العمل بهذا الشكل تشوبه شبهة حجز الحرية، حيث كان يفترض في المؤسسات التي تضطر للعمل ايام الحظر الحصول على موافقات خاصة لإحضار العمال وإعادتهم دون مبيت.
وتحسباً لاستغلال صاحب العمل لظروف العمال المادية الصعبة من خلال تشغيلهم أيام العطل الرسمية فقد اشترط قانون العمل أن يوافق العامل بارادته الحرة على العمل أيام العطل الرسمية أو ساعات اضافية في الايام العادية ، بالاضافة الى اشتراطه أن يتقاضى العامل اجراً لا يقل عن 125% من أجره المعتاد عن الساعات الاضافية التي يعملها في الايام اليومية او الاسبوعية و 150% اذا اشتغل في ايام العطل الاسبوعية وايام الاعياد او العطل الرسمية ، حيث تنص المادة 59 من قانون العمل على : 
أ- يجوز تشغيل العامل بموافقته أكثر من ساعات العمل اليومية او الاسبوعية على أن يتقاضى العامل عن ساعة العمل الاضافية أجرا لا يقل عن 125% من أجره المعتاد .
 ب- إذا اشتغل العامل في يوم عطلته الأسبوعية أو أيام الأعياد الدينية أو العطل الرسمية يتقاضى لقاء عمله عن ذلك اليوم أجرا اضافيا لا يقل عن ( 150% ) من أجره المعتاد.

العمل الاضافي وتعديلات قانون العمل 

ان من الانتهاكات العمالية المتكررة هي تأخر بعض أصحاب العمل عن دفع أجور العمال بالاضافة الى تأخر دفع بدل عمل اضافي عن الساعات الاضافية التي عملها يومياً أو أسبوعياً أو تلك التي عملها أثناء عطلته الرسمية أو ايام الأعياد الدينية والعطل الرسمية، ولقد اشترط قانون العمل في الفقرة (أ) من المادة (46) على صاحب العمل دفع الأجر خلال مدة لا تزيد على سبعة أيام من تاريخ استحقاقه، حيث نصت على :

المادة 46
أ . يدفع الاجر خلال مدة لا تزيد على سبعة ايام من تاريخ استحقاقه ولا يجوز لصاحب العمل حسم اي جزء منه الا في الحالات التي يجيزها القانون.

ولقد تم تعريف الأجرمن خلال المادة (2) من قانون العمل والتي تنص على " الاجر : كل ما يستحقه العامل لقاء عمله نقدا او عيناً مضافاً اليه سائر الاستحقاقات الاخرى ايا كان نوعها اذا نص القانون او عقد العمل او النظام الداخلي او استقر التعامل على دفعها باستثناء الاجور المستحقة عن العمل الاضافي" ، وبالتالي فإن تأخير صاحب العمل لمستحقات العامل كبدل عمل اضافي لم تتم تغطيتها في المادة (46) .
ولعله من التعديلات الايجابية القليلة المطروحة حالياً على مجلس النواب هو تعديل هذه المادة من خلال مشروع القانون المعدل لقانون العمل المنظور حالياً في لجنة العمل والتنمية الاجتماعية في مجلس النواب والذي يتضمن اضافة عبارة ( وبدل العمل الاضافي ) بعد عبارة (يدفع الأجر)، حيث يعتقد الخبراء أن اضافة هذه الفقرة ستحسم الجدل حول تعريف الأجر واجبار أصحاب العمل الالتزام بدفع مستحقات العامل عن بدل العمل الاضافي خلال مدة لا تتجاوز سبعة أيام من تاريخ الاستحقاق.


اقرأ أيضاً:


إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020