تعديلات قانون العمل .. مكانك سر

تعديلات قانون العمل

 

الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش

2-2-2021

إن من أهم ما يميز قانون العمل أنه قانون دائم التعديل والتطوير؛ وهذا بحد ذاته ليس مثلبة بحقه ولا يتنافى مع مفهوم رسوخ التشريعات الوطنية  واستقرارها، فخصوصية قانون العمل بصفته ينظم سوق العمل وينظم العلاقة بين أطرف الانتاج ويعالج جميع الاختلالات فإنه يستوجب أن يخضع الى تعديلات وتطويرات وتحسينات دائمة لضمان مواكبته للمعايير الشرعة الدولية ومبادئ حقوق الانسان واتفاقيات منظمة العمل الدولية.

تعديلات 2019 تركت الباب موارباً

كانت الفرصة عام 2019 من اجراء تعديلات شاملة على قانون العمل تعالج الاختلالات وتعزز حرية التنظيم النقابي وتكرس الاستقلال النقابي وتكرس دور القضاء في ضبط العلاقة بين الوزير والنقابات وتراعي حقوق الانسان وتزيل أسباب التمييز وترسخ مبادئ العدالة الاجتماعية وتواكب اتفاقيات العمل الدولية، ولكن هذه التعديلات ومع وجود بعض المواد الايجابية التي تم تحقيقها خاصة فيما يتعلق بالعمل المرن والحضانات ومكافحة التحرش، الا انه تضمن العديد من التعديلات التي وصفت حينها بأنها تقهقهر للخلف وتراجع في الحريات النقابية ونزع الصلاحيات من القضاء ومنحها الى الوزير، ناهيك أن المواد التي وصفت بالايجابية كانت بنظر العديد من الحقوقيين والمهتمين بالشأن العمالي هي تعديلات ايجابية من حيث المبدأ ولكنها لم تصاغ بإحكام حيث شابها القصور في الصياغة.
ان المؤشر الأساسي في عدم فاعلية وكفاية تعديلات 2019 التي يمكن وصفها أنها توسعت بصلاحيات الحكومة ممثلة بوزير العمل وانحازت الى أصحاب العمل على حساب العمال؛ هو أنه وفور اقرار هذه التعديلات كانت ردات الفعل السلبية هي السائدة والبيانات المنددة والمعترضة هي الرائجة وتلبدت سماء سوق العمل أكثر وعاد الجميع الى نقطة الصفر والمطالبة باجراء تعديلات شاملة وحقيقية وعادلة على قانون العمل.

ما هي أهم ملامح تعديلات قانون العمل الجديدة

انحصرت التعديلات الجديدة على ثمانية مواد من القانون تأتي في اطار برنامج وزارة العمل في تشغيل الأردنيين ولمنع تسرب العمالة الوافدة وللاحلال التدريجي للعمالة الأردنية محل العمالة الوافدة من خلال التشدد في استخدامها. 
فهي تنظيم عملية التشغيل والاستقدام والمنح التصاريح وتوسيع صلاحيات الوزير ورفع الغرامات و اعفاء أبناء الاردنيات من تصاريح العمل، كالتعديلات المقترحة على المواد 10 و 11 و 12 .
كما تطرقت التعديلات الى المادة 29 والخاصة بالحالات التي يحق للعامل ترك العمل دون اشعار مع احتفاظه بحقوقه القانونية، تم تضمين المادة مصطلح التحرش الجنسي بالاضافة الى الاعتداء الجنسي وحصره بصاحب العمل أو من يمثله.
ويتحدث تعديل المادة 30 عن استحقاق العامل لشهادة الخدمة بناءاً على طلبه بحيث تم اضافة أن تصدر هذه الشهادة وفقاً لأسس خاصة يصدرها الوزير.
وتضمنت التعديلات المقترحة اضافة عبارة "العمل الاضافي" على الفقرة أ من المادة 46 التي توجب على صاحب العمل دفع الأجور خلال مدة لا تزيد عن سبعة أيام من تاريخ استحقاقها.
 وتفتح التعديلات الجدل حول المادة 69 الخاصة بحظر تشغيل النساء حيث تقترح التعديلات الغاء المادة كاملة كاملة.
وتقترح التعديلات رفع قيمة العقوبة المستحقة على كل من يخالف أحكام قانون العمل أو أي نظام صادر بمقتضاه الواردة في المادة 139 ، بغرامة لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد عن 1000 دينار.

لجنة العمل تباشر أعمالها 

بعدما اكتمل تشكيل لجنة العمل والتنمية الاجتماعية في مجلس النواب؛ باشرت هذه اللجنة باكورة أعمالها بدراسة مشروع القانون المعدل لقانون العمل وكون أعضاء اللجنة من النواب الجدد فقد كانت الجلسة الأولى لهم بغياب من ممثلي العمال ومؤسسات المجتمع المدني وذلك لاتاحة المجال للنواب الجدد من فهم الاستماع للحكومة عن وجهة نظرها في مشروع القانون وأخذ الوقت الكافي للاستفسار حول المواد والمصطلحات الواردة فيها.
ويأمل مراقبون أن تنتهج اللجنة الجديدة أسلوب الحوار الاجتماعي في تعاطيها مع القضايا العمالية ودراسة المواد المطروحة وعدم انتهاج أسلوب السلق والتمرير السريع للقانون، بما ينسجم من تصريحات العديد من النواب عن نيتهم اعادة الهيبة لمجلس النواب بحيث تكون المهنية والدراسة المستفيضة للقانون واطلاق حوار اجتماعي حقيقي لانضاج هذه التعديلات قبل اقرارها.

اتحاد عمال الأردن يرفض التعديلات 

الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن أصدر بياناً يرفض فيه هذه التعديلات من حيث المبدأ كونها لم تناقش في إطار اللجنة الثلاثية لشؤون العمل أو إجراء حوار موسع بشأنها .

واستهجن رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن مازن المعايطة، أن تعرض على مجلس النواب تعديلات على قانون العمل دون الأخذ بعين الاعتبار وجهات نظر الشركاء الاجتماعيين من عمال وأصحاب عمل، مطالبا بضرورة عقد حوار اجتماعي موسع في إطار اللجنة الثلاثية ومناقشتها مع جميع الأطراف، كون قانون العمل يمس شريحة واسعة من المجتمع الأردني وهو المرجعية القانونية في تنظيم العلاقة بين أطراف الإنتاج من عمال وأصحاب عمل، وسيكون للتعديلات أثار سلبية على كلا الطرفين إن لم تراعي مصلحة الجميع وتحافظ على حقوق العمال.
وأكد اتحاد عمال الأردن على ضرورة تعديل مواد القانون، بما ينسجم مع المعايير الدولية والاتفاقيات التي صادق عليها الأردن، سيما الاتفاقية رقم 190 الخاصة بمكافحة العنف والتحرش في عالم العمل، مبينًا أهمية، تعديل المادة 29 من القانون وفق معالجة شاملة على ضوء ما نصت عليه الاتفاقية.

وبشأن المادة 69، أوضح البيان أن يتم التعديل بما يوفر الحماية للمرأة العاملة وخاصة الحامل والمرضع، بحيث يقتصر دور الوزير على تحديد ساعات العمل والأعمال التي يمكن أن تعمل بها، وذلك بعد استطلاع رأي الجهات الصحية المختصة حفاظا على صحة الأم والطفل معا، وبما يضمن عدم تشغيلها فيما يشكل ضررا على سلامتها أو يعرض حياتها للخطر.

وبشأن المادة 10 من القانون، والمتعلقة بإنشاء شركات خاصة لتشغيل الأردنيين داخل البلاد وخارجها، أوضح البيان ضرورة أن تشمل التعديلات نصوصا تراعي عدم تقاضي أو أخذ آية عمولة من العامل لقاء تشغيله من قبل هذه الشركات.

مؤسسات المجتمع المدني تطالب برد القانون

بدورها أصدرت مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني ومراكز الدراسات بيان وصفت فيه هذه التعديلات بأنها جاءت مجتزأة وانتقائية وغير ملائمة لسوق العمل، وتشمل مواداً لم يمض وقت طويل على تعديلها، إضافة إلى أنه قد تم إعدادها دون حوار ثلاثي ووطني، ولم تستند إلى نظرة شاملة للقواعد الأساسية لمتطلبات عملية إصلاح تشريعات العمل المفترض ان تتم في إطار مراجعة وطنية شاملة للقانون مبنية على حوار وطني يضمن مصالح الأطراف والمتطلبات الوطنية ويراعي المعايير الدولية والحقوق الأساسية في العمل.

وطالبت عبر بيانها كل من مجلس النواب ومجلس الأعيان برد القانون، أو أن تقوم الحكومة بسحبه وإعادة مراجعته بهدف إجراء عملية إصلاح شاملة لأحكامه، وفتح حوار وطني فعال على قاعدة المعايير الدولية ذات الصلة التي التزم بها الأردن، والمبادئ والمنهجيات الواجب اتباعها في عملية الإصلاح، بما يضمن أن يحظى بأوسع قبولٍ ممكن من الشركاء الاجتماعيين والمجتمع المدني ككل قبل عرضه، بحيث يوفر الحمايات الإجتماعية الضرورية المتعارف عليها والتعامل معها باعتبارها حدودا دنيا من الحقوق والحمايات والالتزامات للعاملين وأصحاب الأعمال، وهي حمايات اتفقت عليها الأمم من خلال منظومة ثلاثية تشمل العمال وأصحاب العمل والحكومات، في إطار منظمة العمل الدولية فيما يعرف بالحقوق والمبادئ الأساسية في العمل ومعايير العمل اللائق، والتي تشكل الأرضية اللازمة لتحقيق التوازنات في علاقات العمل.

وعلى أن ترتكز عملية الإصلاح الشاملة للقانون على ضمان توفير شروط العمل اللائق لجميع العمال، وشموله لكافة قطاعات العمل وفئات العمال دون أي استثناء ومن ذلك العاملين في القطاع غير المنظم، والقضاء على التمييز في الإستخدام والمهنة بكافة أشكاله، والقضاء على جميع أشكال العمل الجبري أو الإلزامي؛ والقضاء الفعلي على عمل الأطفال، وتطوير وتعزيز آليات الحوار الإجتماعي والمفاوضة الجماعية وحماية الحق في التنظيم النقابي، وزيادة معدلات المشاركة الإقتصادية للمرأة، إلى جانب احترام معايير العمل المتعلقة بساعات العمل والاجازات الأسبوعية والرسمية والسنوية والمرضية وشروط السلامة والصحة والمهنية، بالإضافة الى تضمين القانون لأدوات فعالة لإنفاذه من خلال تعزيز قدرات أصحاب المصلحة في انفاذه عمالا وأصحاب عمل.

وزير العمل : لن يتم سحب مشروع القانون 

يبدو أن وزير العمل معن القطامين عازم على المضي قدماً في مشروع القانون المعدل على قانون العمل الذي اقترحته الحكومة السابقة ، حيث يعرب القطامين عن نيته المضي في مناقشة مشروع القانون مع اللجنة المختصة بغية اقراره.
ويحصر القطامين القصور في مشروع القانون كونه لا يشمل فئة العاملين في الزراعة مبرراً ذلك كون نظاماً خاصاً بهم سيصدر قريباً بعد اقراره من الحكومة بعدما تم سحبه للمراجعة والتعديل.

اقرأ أيضاً:



إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020