تشبيب النقابات العمالية

تشبيب النقبات العمالية
تشبيب النقابات العمالية


الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش

1-2-2021

ان مصطلح التشبيب هو مصطلح غير رائج بالرغم من رواج أهدافه ومعانيه ولكن بتعبيرات مختلفة، وقد يكون رائجاً بعض الشيء في دول المغرب العربي ويشح استخدامه في بلاد الشام ، ويطلق هذا المصطلح بهدف ادماج الشباب وتهيئة الفرصة لهم وتمكينهم للمساهمة في التنمية والابداع والقيادة في كافة مناحي الحياة وفي النقابات العمالية على وجه الخصوص.


المعنى اللغوي لمصطلح تشبيب :

التشبيب هو مصدر شبّب ويقال شبب الشاعر أي ذكر أيام الشباب ، والتشبيب هو الغزل ، قال ابن منظور في لسان العرب: وتشبيب الشعر : ترقيق أوله بذكر النساء ، وهو من تشبيب النار ... وشبب بالمرأة : قال فيها الغزل والنسيب ، وهو يشبب بها أي ينسب بها ، والتشبيب : النسيب بالنساء.

وشباب [مفرد]: مصدر شبّ وهو أوّل كلّ شيء،  "لقيته في شباب النّهار- قدم في شباب الشّهر"، وهي أيضاً الحداثة والفتوّة, عكس هَرَم.

رونق الشَّباب: أوَّله وطراوته، ماؤه ونضارته- عزّ الشّباب/ عنفوان الشّباب/ غُلَوَاء الشّباب: أوَّله ونشاطُه- في رائعة شبابه: في ريعانه ومَيْعته- مات في ريعان شبابه: في مقتبل عمره، بيت الشَّباب: مكان لمبيت الشّباب، يكون له مشرفون وأسعاره رخيصة.  رعاية الشَّباب: الجهود التي تهدف إلى مساعدة الشباب على أن يجتازوا مراحل النموّ بنجاح، وحتى يكتسبوا قدرات ومهارات تساعدهم على أن يكونوا مواطنين صالحين.

شبيبة [مفرد]:  مصدر شبَّ وهي مجموعة أشخاص في سِنِّ الشَّباب "لقاء شبيبة القبائل"| الشَّبيبة الطُّلاّبيّة: تجمُّع أو اتَّحاد لشباب الطلاّب. 


من هم الشباب؟؟!!

في الواقع لا يوجد تعريف واحد للشباب، وهناك صعوبة في إيجاد تحديد واضح لهذا المفهوم. وعدم الاتفاق على تعريف موحد شامل، يعود لأسباب كثيرة أهمها اختلاف الأهداف المنشودة من وضع التعريف وتباين المفاهيم والأفكار العامة التي يقوم عليها التحليل السيكولوجي والاجتماعي الذي يخدم تلك الأهداف.
حسب ويكيبديا،  الشباب (ويسمى الشاب فتى والشابة فتاة) مصطلح يطلق على مرحلة عمرية هي ذروة القوة والحيوية والنشاط بين جميع مراحل العمر لدى البشر، وتحدد الأمم المتحدة فئة الشباب  بالأشخاص ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما.

ويتسع مفهوم الشباب للعديد من الاتجاهات التالية:

1. الاتجاه البيولوجي:

وهذا الاتجاه يؤكد الحتمية البيولوجية باعتبارها مرحلة عمرية أو طور من أطوار نمو الإنسان، الذي فيه يكتمل نضجه العضوي الفيزيقي، وكذلك نضجه العقلي والنفسي والذي يبدأ من سن 15-25، وهناك من يحددها من 13-30.

2. الاتجاه السيكلوجي: 

يرى هذا الاتجاه أن الشباب حالة عمرية تخضع لنمو بيولوجي من جهة، ولثقافة المجتمع من جهة أخرى بدءاً من سن البلوغ، وانتهاءاً بدخول الفرد إلى عالم الراشدين الكبار، حيث تكون قد اكتملت عمليات التطبيع الاجتماعي. وهذا التعريف يحاول الدمج بين الاشتراطات العمرية والثقافة المكتسبة من المجتمع (الثابت والمتغير).

3. الاتجاه السوسيولوجي (الاجتماعي):

 ينظر هذا الاتجاه للشباب باعتباره حقيقة اجتماعية وليس ظاهرة بيولوجية فقط، بمعنى أن هناك مجموعة من السمات والخصائص إذا توافرت في فئة من السكان كانت هذه الفئة شباباً.

اذا ما حاولنا التوفيق بين كل ما سبق ذكره حول توصيف الشباب؛ فإن الفئة العمرية لا تكفي أن يحظى الشخص بصفة الشباب كما الاتجاه السيكلوجي والاجتماعي أيضاً لا يكفون بمنأى عن العامل البيولوجي أو الفئة العمرية. فالشاب الذي عمره بين 13 -30 يجب أن يتمتع أيضاً بالحيوية والنشاط والعنفوان والقوة والابداع والابتكار، لا أن يكون محبطاً منكسراً منهزماً مكتهلاً في شبابه.

ما المقصود بتشبيب النقابات العمالية :

بالنظر الى المعاني العديدة لمصطلح "تشبيب" يمكن ربط هذا المصطلح اللطيف بالحداثة والفتوة والنضارة والعنفوان كما يرتبط أيضاً بالمرأة ، ولعل من المفارقات الملفتة أن نقاباتنا العمالية هي نقابات يغيب عنها عنصر الشباب بكل معانيه المرتبطة بالفتوة والنضارة والعنفوان كما يغيب عنها عنصر المرأة أيضاً؛ فالناظر الى واقع النقابات العمالية ليلحظ أنها نقابات هرمة لم تعد تقوى على مواكبة التسارع في التطور التكنولوجي وتجديد الخطاب النقابي واستحداث أدوات نقابية عصرية جديدة.
في نظرة سريعة على قيادة المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات عمال الأردن المكون من سبعة عشر عضواً هم رؤساء النقابات العمالية السبع عشرة ليلاحظ أن معدل أعمار هؤلاء الأعضاء لا يقل عن 60 عاماً ، بمعنى أن الغالبية الساحقة من أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات عمال الأردن قد تجاوزا سن الشيخوخة وهم محالون الى التقاعد ويتقاضون رواتب تقاعدية وبعضهم لديه مشاريعه التجارية الخاصة أي أنه أقرب ما يكون لنقابات أصحاب العمل منه الى النقابات العمالية!!
أما عن مشاركة المرأة في النقابات العمالية وبالرجوع الى تقرير المركز الوطني لحقوق الانسان السادس عشر حول حالة حقوق الانسان في الأردن للعام 2019 والذي نشر مؤخراً يشير الى أنه لا يوجد أي سيدة ضمن أعضاء المكتب التنفيذي لاتحاد نقابات العمال والذي يضم في عضويته رؤساء النقابات العمالية السبعة عشر، أما نسبة مشاركة المرأة في الهيئات الادارية للنقابات السبع عشرة هي (%13.1) من مجمل أعضاء  الهيئات الادارية بواقع 21 سيدة من أصل 153 عضواً، وتبلغ نسبة النساء في جميع الهيئات العامة للنقابات السبع عشرة (11.0%) من مجمل أعضائها .
أما لجان الشباب في النقابات والاتحاد العام فمن المؤسف أيضاً أن جميع أعضائها قد تجاوزا فئة الشباب منذ زمن؛ ويكفي أن نعلم أن رئيس لجنة الشباب في الاتحاد العام قد تخطى حاجز سن الأربعين ويتجه نحو اتمام الخمسين عاماً!!!

أيها الشباب: الفرصة سانحة فلا تضيعوها 

يبرر العديد من الشباب عزوفه عن الانخراط في العمل النقابي بأن التشريعات الناظمة من قوانين وأنظمة داخلية للنقابات العمالية هي تشريعات يمكن وصفها بأنها طاردة للشباب وقاتلة للابداع ومحاربة للتجديد ؛ وقد يكون هذا كله صحيحاً ولكن السؤال البديهي الذي يتبادر للذهن فور الاتفاق على كل هذه الأسباب ، ما الحل اذن؟؟ ؛ هل يبقى الشباب يقفون على أبواب النقابات العمالية ينتظرون من يفتح لهم الباب ويرحب بدخولهم ، أعتقد أن هذا الحل يمكن ضمه للتنين والعنقاء والخل الوفي ليكون بذلك رابع المستحيلات الثلاثة!!
تعلمنا أن الحق ينتزع انتزاعاً ولا بد أن يبادر الشباب من انتزاع حقهم في قيادة النقابات العمالية ويكفوا عن التصرف أنهم جمهور يدورون في فلك القيادات النقابية التاريخية وكأنهم ضيوف لديهم في منازلهم الخاصة !!

هل نتنكّر للخبرات النقابية 

لا شك أن الغاية هي ادماج وانخراط الشباب في العمل النقابي واستلامهم دفة القيادة فيها ونسعى لذلك وندعو ونحث عليه ؛ وهذا بالضرورة لا يعني أننا نتنكر للقيادات النقابية التي قدمت للعمل النقابي والحركة العمالية والنقابية ولديها من الخبرات ما لا يمكن ولا يجوز التقليل منه، فالمطلوب هو تمازج وتلاقح عنفوان الشباب وابداعه واندفاعه مع حكمة الكبار وخبراتهم ، فكما نرفض اقصاء الشباب من العمل النقابي العمالي فإننا أيضاً نرفض اقصاء الخبرات النقابية وتهميشها .

إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020