9/3/2021
من منظور “اقتصاديات التنمية” يعد القطاع الزراعي ذا أهمية اقتصادية واستراتيجية كبيرة، نظرا لارتباطه أولا بمفوم الأمن الغذائي (Food security) والذي يعني توفر الغذاء للأفراد دون أي نقص، من خلال قيام الدولة بإنتاج الغذاء محليا بمستوى مساو أو يزيد عن الطلب المحلي (مفهوم الاكتفاء الذاتي)، أو من خلال قدرة الدولة على إنتاج وإيجاد ما يحتاجه الأفراد من سلع وغذاء بشكل كلي أو جزئي. وثانيا لارتباط هذا القطاع بمفهوم الحد من الفقر من خلال توفير فرص العمل للقوى المتعطلة!لقد أحسن منتدى الاستراتيجيات الأردني (JSF) صنعا بتسليطه الضوء على القطاع الزراعي في ورقته المهمة التي أصدرها مؤخرا بعنوان “محركات النمو في القطاع الزراعي: ما المطلوب لتعزيز الاكتفاء الذاتي”، حيث أشارت هذه الورقة لتحديات أساسية يفترض معالجتها فورا لدعم القطاع الزراعي! فحسب الورقة، يحقق الأردن اكتفاء ذاتيا من الغذاء بعدد محدود من السلع الزراعية وهي: البندورة، الزيتون وزيته، لحوم الماعز وبيض المائدة! وتشكل قيمة المستوردات الزراعية أكثر من ثلاثة أضعاف قيمة الصادرات الزراعية بعجز يبلغ قيمته 1.7 مليار دينار أردني خلال الفترة ما بين (2015-2019)! أما بالنسبة للتوظيف فالقطاع الزراعي يعد من أقل القطاعات توظيفا للأيدي العاملة بنسبة لم تتجاوز 1.7 % من إجمالي حجم القوى العاملة!
بالنسبة للأردن تبلغ مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي أدنى مستوياتها مقارنة بالقطاعات الاقتصادية الأخرى، فعند المقارنة مع قطاع الخدمات مثلا والذي يساهم بما يقارب 62 % تقريبا من الناتج المحلي، لا تتعدى مساهمة القطاع الزراعي المباشرة 5 % (1.4 مليار دينار) من الناتج المحلي مشكلا ما قيمته 0.06 % فقط من النمو الذي حدث في العام 2019 حسب ما تظهره الأرقام الرسمية، هذه المساهمة التي بقيت مستقرة خلال آخر خمس سنوات بما يقارب 4.5 %.
إلا أن القطاع الزراعي ينظر له اقتصاديا من خلال القيمة المضافة الكلية لهذا القطاع، والتي تحسب من خلال إسهامها المباشر في الإنتاج المباشر كما ذكرنا أعلاه أو غير المباشر عن طريق القيمة المضافة المرتبطة بالنشاطات الأخرى كالصناعات الغذائية والتي بلغت ما يقارب 15-20 % من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي. ويخلص منتدى الإستراتيجيات إلى أن أبرز التحديات أمام القطاع الزراعي تتمثل بنسبة الأراضي الزراعية غير المستغلة من إجمالي الأراضي الصالحة للزراعة والتي تقدر بــ 70 %، ومشكلة الكلفة العالية للمياه حيث تشكل الزراعة المروية حوالي 40 % من إجمالي الأراضي المستغلة، بالإضافة إلى قلة استخدام التكنولوجيا الزراعية (AgriTech) ومشكلة تركز العمالة الوافدة في هذا القطاع (بلغت بنسبة 75 %).
من منظور اقتصادي فإننا نرى أن أحد أهم التحديات للقطاع الزراعي تتمثل بتسويق المنتج الزراعي المحلي ودعم سلسلة الصادرات الزراعية، ويمكن التعامل مع هذا التحدي ابتداء من خلال إنشاء “نظام جودة وسلامة للمنتجات الزراعية” لضمان منتج بجودة مميزة ذي ميزة تنافسية عالية وبالتالي سهل التسويق! كما أن توفير مجموعة من الحوافز للقطاع الزراعي متمثلة بحزمة من التسهيلات الائتمانية وتوفير التمويل لمشاريع “الصناعات الزراعية” من خلال تخفيض أسعار الفوائد على القروض للمشاريع الزراعية المقدمة من قبل مؤسسة الإقراض الزراعي، وبالأخص البرامج الإقراضية المخصصة والموجهة لإقراض صغار المزارعين والأسر الريفية وتشجيع التعاونيات الزراعية!!
إرسال تعليق