بقبول محكمة التمييز إعسار شركة مصانع الاسمنت الأردنيّة “لافارج” تكون بذلك أول قضية من هذا النوع منذ سريان العمل بقانون الإعسار في بداية العام 2019 ، ليعطي دفعة مرونة إيجابية لبيئة الأعمال المحليّة وحماية الشركات من خطر التصفية النهائية.بموجب الإعسار اليوم تجنبت شركة الإسمنت الأردنيّة خيار التصفية الإجبارية بعد أن بلغت خسائرها الإجمالية 120 مليون دينار، متجاوزة بذلك رأسمالها المدفوع (60 مليون دينار)، وهي بذلك تحمي نفسها والعاملين فيها ومستثمريها وحملة أسهمها الذين يتجاوز عددهم ال30 ألف مساهم خيار الخروج النهائي من السوق نتيجة التصفية.
إن قانون الإعسار الذي يعد أحد أبرز الأدوات الإيجابية التي تعطي مرونة عالية في بيئة الأعمال للحفاظ على استمرارية الشركات التي لم تعد قادرة على الوفاء بالتزاماتها الماليّة تجاه العاملين والدائنين على حد سواء، فالإعسار الوسيلة الأخيرة لاستدامة الشركات في السوق وتجنب الخروج منه بالتصفية الإجبارية التي حينها سيكون الجميع خاسراً بلا استثناء من مستثمرين وحملة الأسهم ودائنين ومزودين وعاملين وغيرهم ممن لهم ارتباطات في الشركة وأعمالها.
واستمرارية الشركة التي يدعمها قانون الإعسار يستوجب من الشركة التي سيشرف على جزء كبير من إدارتها وكيل الإعسار المعيّن من قبل المحكمة، وضع خطة إنعاش للشركة بالاتفاق مع كل الأطراف التي لها علاقة بالشركة، ثم السير في تنفيذ هذه الخطة التي من المفترض أنها تهدف أولآ وأخيرا لإعادة الشركة إلى مسارها الاستثماري والإنتاجي والتسويقي الصحيح.
والإعسار سيمكّن الشركة من إعادة ترتيب ملفها الماليّ مع الدائنين على مختلف مستوياتهم، وإعادة جدولة مديونيتها بحيث تأخذ فسحة من الوقت لأزاحة العبء الماليّ عن كاهلها من أقساط وفوائد متراكمة، لحين استكمال تنفيذ إعادة التشغيل السليم وفق خطة التشغيل المتفق عليها بين كل الأطراف.
الإعسار يوفر حماية للشركة من أي مطالبات ماليّة خلال فترة الإعسار، ويمنحها الحق في إعادة هيكلة أنشطتها بما فيها العمال، لكن لن يكون هناك الكثير من تداعيات إعادة الهيكلة العمالية على موظفي وعاملي الشركة خلال الفترة المقبلة، لأن الشركة أصلاً قامت بإعادة الهيكلة قبيل الإعسار، وقد كلّفها ذلك عشرات الملايين نتيجة الحوافز الماليّة الكبيرة التي قدمت للعاملين لديها.
خطة تشغيل الشركة وفق قانون الإعسار ستكون بالاتفاق مع كل أصحاب ذات العلاقة بالشركة الذي سيمثلون من خلال لجنة خاصة بذلك، وبالتالي سيكونون متساوين مع إدارة الشركة في إنقاذها والعودة بها للمسار الصحيح.
الإعسار هو الوسيلة الأخيرة لحماية الشركات المتعثرة من الخروج النهائي من السوق وبالتالي تكون الخسارة التي قد وقعت على الجميع، وكثيرة هي الشركات في العالم التي تقدمت بطلب الإعسار واستطاعت الخروج من التعثر الماليّ إلى النجاح.
بعد قضية إعسار لافارج الاسمنت الأردنيّة سيكون الباب مفتوحا للشركات التي تعاني مشاكل ماليّة كبيرة وباتت عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها أن تتقدم إلى القضاء لتطبيق الإعسار عليها تجنبا لتصفيتها وضياع حقوق العاملين والمستثمرين والدائنين، فالقضاء اليوم بات أكثر اطلاعا ودراسة وخبرة بأوضاع الشركات وبحاجة الأسواق إلى قانون مثل الإعسار لحماية الاقتصاد والحفاظ على قطاعاته المختلفة.
اقرأ أيضاً:
للاطلاع وتحميل قانون الاعسار من هنا
إرسال تعليق