المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، تُريد أن تُقنع المواطن الأردني بأن الوضع المالي للمؤسسة “ممتاز”، وفي نفس الوقت نظمت، مؤخرًا، جلسة حوارية تحت عنوان “أموال الضمان الاجتماعي: هل هي في خطر؟”.
عنوان “الحوارية”، بحد ذاته، يُثير الكثير من الجدل والخوف والشكوك، في نفوس الأردنيين، فضلًا عن ضيفة الجلسة، مستشارة البنك الدولي، مونتسيرات بالاريس ميراليس، التي قالت “من المهم التأكد أن نظام الضمان الاجتماعي في الأردن مستدام ويغطي الجميع ومنصف، ومن المهم أيضًا التفكير في آليات تحافظ على أموال مشتركي الضمان”.
من حق الأردنيين، أن يضعوا أياديهم على قلوبهم، خوفًا من ضياع “تحويشة العمر”، ناهيك عن أن الضمان وُجد بالأصل لتأمين حمايات اجتماعية للمواطنين.
فخلاصة قول ميراليس، ومدير عام مؤسسة الضمان حازم الرحاحلة، في تلك الجلسة، توصيات، فيها من التلميحات المقترنة بالتهديد والخوف من مقبل الأيام، برفع سن التقاعد، سواء كان المبكر أو الشيخوخة، وتقليل الحوافز لـ”الأول”، وتنفيذ سياسات لدفع المتقاعدين مبكرًا للعودة لسوق العمل.
لكنهما، لم يسلطا الضوء على تلك النقطة التي أجبرت العامل على اللجوء إلى التقاعد المبكر، فأغلبية الشعب الأردني العامل يُعاني الأمرين في عمله أو وظيفته، ويصل بشق الأنفس إلى سن يسمح له بتقاضي مبلغ يحفظ ماء وجهه، فلولا العلقم الذي تجرعه على مدى أعوام شغله، ما كان لجأ إلى التقاعد المبكر.
إنهم يغضون الطرف، عامدين متعمدين، عما يُعانيه العمال من عدم عدالة اجتماعية، وهضم حقوقهم، وعدم تقدّم في السلم الوظيفي بشكل عادل وشفاف يتناسب مع أعوام خدمتهم، فضلًا عن أن استمرار المشكلة الأساسية، والتي تتمثل بعدم “تكافؤ الفرص”، جراء الواسطة.
المحافظة على أموال ومدخرات “الضمان”، لا تكون على حساب العامل فقط، بل هي عبارة عن حلقات متكاملة، تبدأ أولى الحلقات من المؤسسة نفسها، التي يتوجب عليها التفكير بطريقة غير تلك التي تتمثل بزيادة الاشتراكات، وليس رفع قيمتها.. إن زيادة الاشتراكات، لها إيجابية وسلبية، في الوقت نفسه، فهي قد تزيد إيرادات “الضمان”، لكنها تُساعد مؤسسات وأصحاب عمل على التهرب من إشراك عامليها في الضمان، وهنا تُصبح المصيبة اثنتين.
الحلقة الثانية، تتمثل باستثمارات “الضمان”، وهذا يقع على عاتق المؤسسة نفسها، التي يتوجب عليها البحث عن استثمارات بديلة مجدية، سواء كانت داخلية أو خارجية، بطريقة صحيحة سليمة، تعود بالنفع المادي عاجلًا وآجلًا، على جميع الأطراف (الوطن، العامل، صاحب العمل، ومؤسسة الضمان).
الحلقة الثالثة، تتمثل بإقرار قوانين أو تفعيل الموجود منها، فيما يتعلق بالمحافظة على حقوق العامل، وضمان عدم تعرضه لـ”مزاجية” أو “شخصنة” صاحب العمل، إن ذلك يتطلب من الجهات الحكومية المعنية أن تُشدد من رقابتها حتى تضمن عدم التعرض لأرزاق العامل أو حقوقه.
الحلقة الرابعة، تتعلق بالحكومة، والتي يتوجب عليها عدم التغول على أموال “الضمان”، تحت أي ظرف كان، بل يجب المحافظة على أموال المؤسسة، التي تُعتبر أحد أركان استقرار أي بلد من البلاد.
إرسال تعليق