الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش
28/6/2021
بين حين وآخر يخرج علينا البنك الدولي بدراسات وتوصيات تربك مؤسسة الضمان الاجتماعي والمشتركين والحكومة كذلك، وبعد أخذ ورد توضع الدراسات الاكتوراية المعتمدة على جنب ويتم الأخذ بتوصيات البنك الدولي، وكما هو معتاد يتم الترويج لتعديلات قاسية جداً وبعد مرور عاصفة الاعتراضات يتم مكافأة الشعب بتعديلات قاسية فقط وليست قاسية جداً فينتهي المشهد بشعور المعترضين بالنشوة أنهم قد حققوا انتصاراً ومنعوا تعديلات كانت ستكون قاسية جداً واستبدلوها بتعديلات قاسية فقط.
البنك الدولي يسعى لتوفر سيولة ليسترد أمواله
في التعامل مع مقترحات وتوصيات - أحياناً اشتراطات- البنك الدولي يجب النظر الى دوافع البنك الدولي لهذه التوصيات، هل تأتي كنتائج دراسات فنية أم توضع التوصيات المطلوبة ويتم تفصيل دراسات ملائمة لهذه التوصيات؟؟ .. سؤال برسم الاجابة.
بدون مواربة وبشكل مباشر فإن البنك الدولي في دراساته وتوصياته واشتراطاته يسعى لضمان مقدرة المدينين على تسديد قروضهم له وبالتالي يقدم هذه الاستشارات ويحث الدول على أخذ بعض الاجراءات لضمان توفر السيولة الكافية ليحصل عليها هو في نهاية المطاف، إذن الفكرة ليست أن البنك الدولي لا ينام الليل وهو يفكر بالأردنيين وأموالهم وحماياتهم الاجتماعية ولا حتى استدامة صناديقهم، هو ببساطة يريد ضمان استرداد نقوده.
في العام 2019 وفي غمرة جولات مكوكية لمؤسسة الضمان الاجتماعي للترويج لالغاء التقاعد المبكر وتشجيع الأردنيين للبقاء على رأس عملهم، حتى ان مؤسسة الضمان لجأت في حينها الى أئمة المساجد ليقنعوا الناس من خلال خطب الجمعة والدروس الدينية الى ضرورة عدم الاقبال على التقاعد المبكر والاستمرار في عملهم؛ أقول وفي غمرة هذه الحملة المكثفة خرجت علينا الحكومة بناءاً على توصيات البنك الدولي بمشروع ترشيق الجهاز الحكومي وأنهت خدمات المئات من موظفي الحكومة، فقط لأن البنك الدولي اشترط عليهم تخفيف بند الرواتب في الموازنة العامة، وما جرى هو ترحيل هذا البند الى بند تقاعد مبكر في الضمان الاجتماعي ليعود البنك الدولي ويخبرنا أن فاتورة التقاعد المبكر في الضمان الاجتماعي عالية!!!!، وما حصل هو تحقيق شرط البنك الدولي بتخفيف بند الرواتب في الموازنة ولكنه قضى على الدراسة الاكتوارية للضمان الاجتماعية وأصبحت الحاجة ملحة لدراسات اكتوارية أخرى ضمن المعطيات المفاجئة الجديدة.
اللجوء دائماً للحلول السهلة وعلى حساب المشتركين
ان الغاية الأساسية من وجود مؤسسة الضمان الاجتماعي هو توفير الحمايات الاجتماعية للعمال وبالتالي يجب السعي الدائم نحو تعزيز هذه الحمايات؛ الأمر الذي يجب أن ينعكس بالضرورة على فاتورة النفاقات للمؤسسة فتوفير الحمايات وتعزيز الخدمات يلزمه زيادة نفقات ولهذا الهدف يجب أن يتركز تفكير القائمين على مؤسسة الضمان ومعدي الخطط الاستراتيجية والدراسات الاكتوارية، وانه من العجيب بمكان أن تكون الدراسات والخطط تتجه نحو زيادة الايرادات وتقليل النفقات على حساب التأمينات!!!
ان حلولاً مثل زيادة عدد المشتركين من خلال تحفيز العاملين في القطاع غير المنظم والمشتركين اختيارياً مثلاً، يستوجب التفكير في تحفيزهم وازالة العقبات أمام اشتراكهم وعلى رأس هذه العقبات هو قيمة الاشتراكات الشهرية والتي تعتبر كبيرة جداً.
من ناحية أخرى يجب التفكير بزيادة المنافع التأمينية لتحفيز العاملين على الاشتراك في الضمان الاجتماعي وعلى رأس هذه المنافع يأتي التأمين الصحي، ذلك الملف الذي لا يزال يختبئ في الأدراج منذ سنوات طويلة بسبب تنصل الحكومة من اتفاقها مع النواب برفع اشتراكات الضمان مقابل سريان التأمين الصحي اعتباراً من 1/1/2015.
ان تجاهل مؤسسة الضمان الاجتماعي للنظر في الاجراءات التي من شأنها زيادة الواردات وتأمين استدامة صندوق الضمان ولجوءها الى تقليل الحمايات الاجتماعية كزيادة سن تقاعد الشيخوخة أو الغاء التقاعد المبكر أو تشديد شروط الحصول عليه، أو حتى تخفيف فاتورة هذه الحمايات من خلال توسيع فترة احتساب الراتب التقاعدي لتمتد الى 15 سنة ، ان هذا التوجه قد يعطي انطباعاً أن الأولوية لدى المؤسسة ليست توسيع مظلة الحمايات الاجتماعية وتحسينها بقدر تقليل النفقات من خلال اتباع الطرق السهلة حتى لو كانت على حساب حمايات العمال.
إرسال تعليق