إن حب الإنسان لذاته و حبه لمصالح ذاته هو أمر طبيعي وغريزي في نفس الإنسان ولا سبيل لإنكار هذا الأمر بل إن الإنسان مسؤول ومعني بالدرجة الأولى عن نفسه ثم بعد ذلك عن الأقرباء وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا)، ولكن حب الذات لا يعني أن ينطوي الإنسان على نفسه ولا يهتم بمن هم حوله ويتجاهل مصالحهم و ما يصيبهم وينزل عليهم بل إن حب الذات ينطوي على الإهتمام بالآخرين وهو إنعكاس لحب الذات وذلك لأن الإهتمام بخدمة المجتمع له فوائد تعود على ذات الفرد نفسه منها:
أولاً: الإهتمام بالآخرين ينعش المشاعر الإيجابية في نفس الإنسان فعندما يقدم على الخدمة فإنه أحاسيسه و مشاعره تثرى إيجابيا و وتحيا فينتاب الإنسان راحة في الضمير فالإنسان ليس فقط رغبات و غرائز مادية هناك أيضا مشاعر وأحاسيس وضمير يحتاج الإنسان بأن يهتم بها و ينعشها، وقد يكون هذا تفسير لإدمان الفئة التي تداوم على خدمة المجتمع في جميع المواقع و النقابيين المخلصين بشكل خاص فتراهم يبذلون جهود كبيرة ويعرضون أنفسهم و أرزاقهم للخطر ومع ذلك يتمسكون بالعمل النقابي لأنهم يدركون معنى السعادة والراحة النفسية التي لاتوصف عندما يتوفق لرفع معاناة أو ينجح في أن يكون سبب في تحسين ظروف و أوضاع زملائه و بالتالي هذا يعتبر مكسب كبير للنقابي المخلص.
ثانيا: ان ممارسة العمل النقابي ينمي في الفرد طاقات ومهارات وقدرات إجتماعية و فكرية من خلال التواصل و التأثير مع الأطراف اللذين لهم علاقة بعمله النقابي ( عمال _ نقابيين _إدارة _ إتحادات _ وزارة ) وهذا يأتي بشكل تلقائي وبالتالي ينعكس بشكل إيجابي على ذات النقابي وهذا يعتبر مكسب آخر يعود على ذات الفرد.
ثالثاً: يحضى النقابي بمكانة في وسطه العمالي و إن كان هذا ليس هدفا ولكنه نتيجة طبيعية ومكافئة مجتمعية حتمية لأن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها فخدمة الزملاء في العمل تنعكس إيجابا على سمعة وتأثير النقابي فيهم و هو أيضا ينطوي على حب الذات.
رابعاً: وهو أمر مهم جداً جداً،،، الفرد هو جزء من مجتمعه فكلما كان المجتمع قوي كان الفرد قويا لأنه يستمد القوة من المجتمع ويتكل على قوة المجتمع ويتقوى بقوة المجتمع.
كلنا نعرف هرم ماسلو وكيف اختصر لنا إحتياجاتنا الأساسية وترتيبها بحسب الأولوية و أن الإنسان عليه أن يسعى لتأمين هذه الحاجات ولكن هل يمكن تأمين هذه الحاجات بشكل فردي هل يمكن على سبيل المثال أن ينعم الفرد بعيش في بيئة ملوثة الهواء والماء أو يشعر بالأمن بشكل منفرد في بلد تكثر فيه الحروب والتوترات أو يرتاح في بيئة عمل مليئة بالمشاكل وتفتقد الإستقرار وهلم جرى،،،
فحب الذات تدفع النقابي لتلبية حاجاته البيولوجية و النفسية و الأمنية و الإجتماعية و الذاتية وكل هذه الحاجات مرتبطة بوضع وحال مجتمعه فإن كانت الحاجات البيولوجية متوفرة توفرت للفرد و إن كان الأمن في المجتمع مستقر عاش الفرد في أمان وهكذا باقي الحاجات.
وبما أن العالم أصبح قرية واحدة أصبح لزاماً على المجتمع الدولي إعتماد الأهداف المستدامة والتخطيط لتحقيقها إنطلاقاً من الإيمان بوحدة المصير في المجتمع الإنساني أينما كان و إنعكاس المنافع على الجميع.
الخلاصة أن النقابي الحقيقي والمخلص هو الذي يعتبر مصالحه الذاتية هي نفسها المصالح العامة للمجتمع و أن تحقيقها يأتي من خلال تحقيق مصالح المجتمع.
إرسال تعليق