16/8/2021
التأمين الإلزامي في الضمان الاجتماعي يبقى من أهم المؤشرات على صحة سوق العمل الأردني؛ لأن أعداد المشمولين بالتأمين إلزاميا يشمل كل القطاع العام وأيضا معظم القطاع الخاص العامل في الاقتصاد الرسمي. وهذا يشتمل على تسجيل رسمي وملفات ضريبية وتأمين وحماية للعاملين (وفاة وإصابة عمل) وتقاعد شيخوخة مستقبلي.
بين 2012 و2017 ارتفع عدد المؤمن عليهم إلزاميا من 934 ألفا الى مليون و215 ألفا بمعدل زيادة سنوية تجاوز 56 ألف عامل وموظف سنويا. وقد حصل تباطؤ في نمو عدد المؤمن عليهم إلزاميا في 2018 و2019؛ حيث بلغت الزيادة السنوية 20 ألفا في 2018 و39 ألفا في 2019.
للأسف -وبسبب الجائحة وإغلاقاتها- بلغ صافي الانخفاض في العاملين المؤمن عليهم إلزاميا 40 ألفا في 2020 وأول سبعة أشهر من 2021. هذا الانكماش في سوق العمل الأردني ظهر أيضا في نتائج مسوحات البطالة التي بلغت رقما قياسيا.
جل هذا الانخفاض (حوالي 37 ألفا) أتى من المؤمن عليهم غير الأردنيين في القطاع الخاص الذين انخفض عددهم من 158 ألفا في 2019 الى 121 ألفا في آب (أغسطس) 2021. فيما انخفض عدد المؤمن عليهم في القطاع العام بأكثر من ثمانية آلاف وزاد عدد المؤمن عليهم الأردنيين في القطاع الخاص بحوالي خمسة آلاف.
نحن في حاجة ماسة لتحفيز الاقتصاد الوطني وزيادة وتيرة خلق فرص العمل في الأردن. وربما يكون هناك دور لمؤسسة الضمان الاجتماعي في تحفيز الاقتصاد مع الحفاظ على استقرار مركزها المالي وديمومته، بل وتمتينه أيضا.
تفصيلا، هنالك حوالي 150 ألف مشترك بالضمان استوفوا عدد الاشتراكات اللازمة للتقاعد المبكر وبقي لهم بلوغ السن القانونية لذلك. ومن مصلحة المركز المالي للضمان أن لا يتقاعد هؤلاء مبكرا، بل أن يبقوا لتحصيل رواتب تقاعدية أعلى عند سن الشيخوخة. في الوقت ذاته هناك حوافز مالية كبيرة لهؤلاء المشتركين لاختيار التقاعد المبكر حال توفر شروطه ومن ثم البحث عن عمل آخر خارج الأردن أو أعمال حرة مختلفة.
لربما على الضمان أن يقوم بتشجيعهم على تأجيل تقاعدهم المبكر عبر آلية تسهم أيضا في تحفيز الاقتصاد الوطني وقدرته على خلق فرص عمل جديدة، وأيضا تسهم في تمتين مركز الضمان المالي. مع التذكير أن ورقة بحثية صدرت عن صندوق النقد الدولي في تموز (يوليو) 2017 بحثت في تأثير كلفة اقتطاعات الضمان الاجتماعي في الأردن بواقع البطالة والتوظيف في القطاع غير الرسمي (اقتصاد الظل) في الأردن. تستنج الورقة أنه -واستنادا الى تجارب دول كثيرة في العالم- فإن تخفيض نسب اقتطاع الضمان الاجتماعي يسهم في تحفيز التوظيف في الاقتصاد الرسمي وزيادة إنتاج فرص العمل في الاقتصاد، ويسهم أيضا في زيادة ملموسة على دخل الموظفين والعمال مع تأثيرات إيجابية ملموسة في جانب الطلب والنمو الاقتصادي.
وعليه اقترح هذه الآلية مجددا: يقتطع حاليا من كل مشترك 7.5 % من راتبه شهريا كاشتراك للضمان. ماذا لو اقترح الضمان على كل من استوفى عدد الاشتراكات اللازمة للتقاعد المبكر بإعادة هذه الـ7.5 % من راتبهم لهم في 2022 -ربعيا عبر تحويل بنكي- مقابل أن يؤجل تاريخ حقهم في التقاعد المبكر لسنة إضافية. ويكرر هذا الاتفاق الاختياري للموظف سنويا حسب رغبته الشخصية. ويكون طلب إعادة الاقتطاع مقابل تأجيل التقاعد المكبر سنة بسنة على الخدمات الالكترونية للضمان واختياريا بالكامل للموظف ويعاد تأكيده كل سنة حسب رغبة الموظف حصريا.
يمكن تلخيص فوائد هذا الاقتراح بالآتي:
زيادة السيولة بأيدي الموظفين المشاركين بنسبة 8 % تقريبا من رواتبهم بالضمان. على فرض اختيار 75 ألف شخص لهذا الخيار على معدل رواتب 500 دينار (وهو تقريبا معدل رواتب القطاع الخاص في الضمان)، تكون السيولة الإضافية المتوفرة لهؤلاء الموظفين أكثر من 33 مليون دينار؛ حيث ستصرف هذه النقود في الاقتصاد وتسهم ببعض التحفيز المالي. لو اختار هذا الخيار 150 ألف شخص ستصل السيولة الإضافية بين يدي الموظفين الى أكثر من 67 مليون دينار سنويا.
يمتن الضمان مركزه المالي عبر الاستغناء عن اقتطاعات حالية مقابل تأجيل التزامات التقاعد المستقبلية بشكل مؤكد لسنة كاملة. أي تقليل الاقتطاع السنوي من راتب الموظف بمعدل 450 دينارا، لكن تأكيد تأجيل تقاعده المبكر لسنة كان سيكلف الضمان حوالي 4000 دينار.
سيسهم هذا المقترح أيضا في زيادة الشمول بالضمان، خصوصا إذا ما فعلت مؤسسة الضمان هذا الخيار لكل المشتركين. فتتلاقى مصلحة من يعمل حاليا مع مؤسسة الضمان في التأكد من أن الشركة التي يعمل بها قد سجلته في الضمان الاجتماعي.
للتأكيد، المقترح يجب أن يكون اختياريا للموظفين. من دون أي إجبار وعبر اتفاقية قانونية ملزمة للطرفين. فهل تنظر مؤسسة الضمان في هذا المقترح؟
إرسال تعليق