الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش
19/9/2021
منذ سنوات طويلة وعمال الزارعة يحاولون عبثاً تأسيس نقابة عمالية لهم ترى مصالحهم وتدافع عن حقوقهم وتمثلهم وتفاوض باسمهم، ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل شأنها شأن جميع محاولات تأسيس النقابات العمالية التي تقدم بها عمال في مهن مختلفة حيث تقتصر النقابات العمالية في الأردن على سبعة عشر نقابة عمالية لم تزد حتى واحدة منذ عشرات السنوات!!!
ولوزير العمل اتخاذ قراربتصنيف المهن والصناعات التي يجوز فيها تأسيس نقابات بالاضافة الى تحديد مجموعات المهن والصناعات التي لا يجوز للعمال أو لأصحاب العمل فيها تأسيس أكثر من نقابة واحدة بحكم تماثلها أو ترابطها ببعضها أو اشتراكها في انتاج واحد متكامل.
آخر محاولات تأسيس نقابة خاصة بعمال الزراعة كانت في نهاية العام 2018 بمبادرة من مجموعة من عمال الزراعة الذين استوفوا شروط تأسيس النقابة العمالية حسب المادة 98 من قانون العمل الأردني حيث تنص المادة على :
أ- تؤسس النقابة من عدد من العاملين لا يقل عن خمسين عاملا في الصناعة او النشاط الاقتصادي الواحد أو الصناعات والانشطة الاقتصادية المتماثلة أو المرتبطة ببعضها في انتاج واحد.
ب- يحق لأصحاب العمل في أي صناعة او نشاط اقتصادي لا يقل عددهم عن خمسة وعشرين شخصاً تأسيس نقابة لهم لرعاية مصالحهم المتعلقة بأحكام هذا القانون. .
ج- لا يجوز تأسيس أي نقابة للعمال أو لأصحاب العمل يكون من غاياتها أو أهدافها القيام بأي أنشطة على أسس عرقية أو دينية أو مذهبية كما يحظر عليها ممارسة أي من هذه الأنشطة بعد تأسيسها.
د- للوزير ومن خلال مسجل النقابات تصنيف الصناعات والأنشطة الاقتصادية التي يجوز فيها تأسيس نقابات وفقاً لأحكام الفقرتين (أ) و(ب) من هذه المادة بحيث لا يكون لأي صناعة أو نشاط اقتصادي أكثر من نقابة واحدة تمثلهم مراعياً في ذلك التصنيفات العربية والدولية.
السيد مثقال الزيناتي المنتخب من قبل زملائه كرئيس لنقابة عمال الزراعة "تحت التأسيس" يؤكد أنه قد تقدم هو وزملائه في شهر تشرين أول من العام 2018 بطلب رسمي بعد استيفاء كل الشروط المنصوص عليها في المادة 98 من قانون العمل الأردني، وجاءهم الرد حينها مكتوباً ومن الوزير يفيد أن الطلب المقدم قد أحيل الى اللجنة الثلاثية ولكن طلبهم قد انقطعت أخباره عند هذا الاجراء ولم تتواصل معهم اللجنة الثلاثية ولم ترد على طلبهم لا سلباً ولا ايجاباً.
ويذكر أن اللجنة الثلاثية مكونة من ممثلي العمال وأصحاب العمل والحكومة وتأخذ قراراتها بالاجماع وبحسب النظام الذي يحمها فإنه يتوجب على اللجنة الثلاثية الاجتماع ثلاث مرات سنوياً على الأقل أو كلما دعت الحاجة.
للاطلاع على نظام اللجنة الثلاثية ادخل هنا
الزيناتي ورفاقه عاودوا الكرّة مرة أخرى في شهر كانون أول من العام 2020 حيث تم تقديم طلب آخر ولكن هذه المرة جاءهم الرفض من قبل مسجل النقابات في وزارة العمل بسبب عدم شمول عمال الزراعة في قانون العمل كون نظام الزراعة لم يكن قد صدر في حينه، وبحجة أن اجتماع الهيئة التأسيسية قد خالف القواعد العامة المتعارف عليها لعدم وجود ترابط أو تواصل بين أعضاء الهيئة التأسيسية للنقابة.
وكون الأعضاء المؤسسين على ثقة أنهم مستوفين لكافة شروط تأسيس النقابة ولا يوجد أي مبرر لرفض طلبهم فقد توجه الزيناتي ورفاقه بعد رفض مسجل النقابات تسجيل نقابتهم الى تقديم شكوى لدى المحكمة الادارية لترد المحكمة الادارية شكواهم شكلاً بحجة أن المتقدمين لتأسيس النقابة ليسوا عمالاً بالاضافة الى عدم صدور نظام الزراعة، مما حدا بمقدمي الطلب الى الطعن بقرار المحكمة العمالية وينتظرون انصافهم خاصة بعد صدور نظام الزراعة وكون المتقدمين بتأسيس النقابة هم عمالاً فعليين.
المحامية هالة عاهد بدورها تؤكد أن طعناً قد تم تقديمه لدى المحكمة الادارية كونه غير صحيحاً أن عمال الزراعة ليسوا خاضعين لقانون العمل لأن القانون قد تم تعديله وبالتالي هم أصبحوا فعلياً خاضعين له، وبحسب الاستاذة هالة أنه وحين تسجيل الدعوى لم يكن نظام العاملين في الزراعة قد صدر بعد وأن هذا النظام ليس له علاقة بتأسيس النقابات؛ انما كان يتعلق بتنظيم عقود العمال وفترات الاستراحة وغيرها.
وتضيف الاستاذة هالة أن قرار مسجل النقابات برفض تسجيل نقابة العاملين في الزراعة هو بحد ذاته مخالف للقانون لأنه لم يشر الى أنه على الوزير اعادة تصنيف المهن وبالتالي وكونه لم يكن هناك نقابة للعاملين في الزراعة فإنه كان يتوجب على الوزير اصدار قرار جديد يعيد تصنيف المهن من خلاله وبالتالي استحداث نقابة للعاملين في الزراعة ، هذا مع التحفظ من حيث المبدأ كون النصوص الواردة في قانون العمل هي تخالف المعايير الدولية والدستور الأردني نفسه.
للاطلاع على قرار تصنيف المهن والصناعات التي يحق لعمالها تأسيس نقابات لهم ادخل هنا
وتوضح الاستاذة هالة أن محكمة الدرجة الأولى ردت الطعن حيث استندت الى نظام سابق كان قد صدر في العام 2003 اسمه " نظام فئات عمال الزراعة الخاضعين لقانون العمل" موضحة أن هذا النظام هو حكماً قد أُلغي بصدور قانون 2008 الذي لم يعد يستثني عمال الزراعة، بالاضافة أن نظام 2003 نفسه كان متعلقاً بفئات خاصة ولا ينطبق على الفئة التي نتحدث عنها، وبالاستناد لكل هذه المبررات تم الطعن لدى المحكمة الادارية وبانتظار الجلسات وتتجه النية أيضاً للطعن بدستورية المواد التي تم الاستناد اليها.
وعن الاستناد للاتفاقيات الدولية في المحاكم الأردنية أفادت الاستاذة هالة عاهد أن هناك بالفعل سوابق بهذا الخصوص حيث قام العديد من المحامين في السابق بالطعن بأن نصوص القانون تعارض اتفاقيات العمل الدولية وكانت محكمة التمييز تصدر دائماً أن الاتفاقيات الدولية تسمو على القوانين المحلية ان كانت تتعارض معها، واستذكرت الاستاذة هالة سابقة مهمة بهذا الخصوص المتعلقة بقرار كان قد سبق وصدر عن المحكمة الدستورية والذي سمح للعاملين في القطاع العام أن يكون لهم نقابة؛ والملفت في هذا الأمر أن المحكمة الدستورية استندت لأحكام اتفاقية العمل الدولية رقم 87 الخاصة بالتنظيم النقابي بالرغم أن الأردن لم يصادق عليها باعتبار أن هذه الاتفاقية تعتبر من معايير العمل الأساسية والأردن ملتزم بها ، وقد أعربت الاستاذة هالة عن تفاؤلها بوجود فرصة وأن يعاد النظر في هذه المواد وفحص مدى دستوريتها.
على صعيد آخر يذكر أنه وبعد انتظار دام لثلاثة عشر عاماً صدر مؤخراً في شهر أيار من العام الحالي نظام عمال الزراعة ولكن هذا النظام لم يتطرق للتنظيم النقابي بشكل مباشر؛ غير أن المادة 16 من النظام تنص على " في الحالات غير المنصوص عليها في هذا النظام تطبق أحكام القانون".
للاطلاع على نظام عمال الزراعة ادخل هنا
السيد مثقال الزيناتي رئيس نقابة عمال الزراعة "تحت التأسيس" اعتبر صدور نظام الزراعة خطوة جيدة وبالاتجاه الصحيح ولكنه غير كافٍ، منتقداً تأجيل العمل ببعض التأمينات من خلال البلاغ 41 الذي اعفى صاحب العمل اشراك العاملين بجميع التأمينات باستثناء تأمين اصابات العمل حتى عام 2023 لمن يرغب!!
وعن ضم عمال الزراعة الى أحد النقابات العمالية القائمة اذا ما تعذر تأسيس نقابة جديدة لهم ، اعتبر الزيناتي أنه لا يمكن ضم عمال الزراعة لأي نقابة من النقابات السبعة عشر القائمة كون طبيعة النشاط الذي يقوم به عمال الزراعة لا يتوافق مع أي نشاط اقتصادي آخر للنقابات القائمة ويؤكد هذا الأمر صدور نظام خاص لعمال الزراعة كون لهم خصوصية تختلف عن باقي العاملين في القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأخرى.
المهندس عزام الصمادي رئيس اتحاد النقابات المستقلة اعتبر أن من حق عمال الزراعة تأسيس نقابة وهو حق مكفول لهم بالدستور واتفاقيات العمل الدولية والأردن ملتزم باتفاقية 87 بالرغم من كونه غير مصادق عليها خاصة بعد قرار المحكمة الدستورية بالسابق المستند الى هذه الاتفاقية فإنه لا مجال للحديث والجدل حول المصادقة على الاتفاقية من عدمها.
يضيف الصمادي أن وجود نقابات عمالية تمثل العمال هي قضية اصلاحية بامتياز على صعيد الدولة ولكن يبدو أن لا نية حقيقية وجادة بالاصلاح والدليل على ذلك التضييق الممارس على الأردنيين بتأسيس نقاباتهم بمخالفة واضحة وصريحة للمادة (16) من الدستور الأردني والتي تنص على أن(( للأردنيين الحق في تأليف الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية على أن تكون غاياتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف أحكام الدستور))، وكذلك للمادة(8) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، والتي تؤكد أن (( لكل فرد الحق في تشكيل النقابات والانضمام إلى من يختار منها))
وفيما يتعلق بنظام الزراعة الذي تم اصداره مؤخراً يؤكد الصمادي أن هذا النظام لا يؤمن للعمال اي تامينات اجتماعية وبالتالي سيكون تفعيل هذا النظام بطيء وسنجد عزوفاً بالتفاعل معه على أرض الواقع مطالباً بضرورة وجود قانون للنقابات لتوسيع التمثيل النقابي في القطاعين العام والخاص.
الصمادي أكد أن الحديث عن الزراعة هو الحديث عن قطاع كبير ورئيسي ومهم والعمالة الموجود لللاسف لا يوجد من يدافع عنهم او يمثلهم وأن هناك استغلالاً للعمال للعاملات في هذا القطاع ومن جميع الجنسيات ولا يجوز ضمهم لأي نقابة قائمة لخصوصية العاملين في القطاع الزراعي وخصوصية تحدياتهم وهمومهم مستهجناً العقلية التي تدار بها الأمور فكيف نصدق ادعاء تطوير قطاع الزراعة وبذات الوقت يتم منع العمال من تاسيس نقابات تمثلهم وتتحدث باسمهم!!!
الأمين العام الأسبق لوزارة العمل ومدير مركز بيت العمال الاستاذ حمادة أبو نجمة أكد أنه وبصدور نظام الزراعة فإن من حق العمال تأسيس نقابة لهم حسب المادة 16 من النظام، مؤكداً أن نظام الزراعة هو ساري المفعول واي تشريعات أخرى سابقة قد انتهى مبرر الاعتماد عليها حيث أن الوضع أصبح مغايراً تماماً لما كان عليه قبل صدور النظام.
ويشير أبو نجمة أنه يتوجب على الحكومة من خلال صلاحيات وزير العمل بوضع تصنيف المهن مراجعة التصنيف والالتزام بنتيجة صدور النظام ووضع تصنيف واضح لعمال الزراعة من خلال تصنيف المهن، معتبراً أن هذا الاجراء من قبل الوزير هو واجب حكماً، فبالرغم من كون قرار التصنيف المهني من صلاحيات وزير العمل الا ان ذلك لا ينفي أنه يتوجب أن يكون هذا القرار المتخذ منسجماً مع قانون العمل ولا يتعارض معه.
وبخصوص احتمالية ضم عمال الزراعة الى نقابة أخرى كنقابة الصناعات الغذائية يؤكد أبو نجمة أن هذا الخيار لا مبرر له اطلاقاً بعد صدور النظام حيث يجب أن يكون العمال المنتسبين للنقابة العمالية ضمن نشاط اقتصادي واحد، وكون المشرع اعترف بوجود نشاط اقتصادي مختلف لعمال الزراعة باصداره لنظام خاص بهم فمن باب أولى أن تكون لهم نقابة خاصة بهم.
أما من الناحية القضائية يتوقع الاستاذ حمادة ابو نجمة وسندا لصدور النظام وكون عمال الزراعة اصبحوا جزءاً من قانون العمل قد أصبحت الصورة أمام القضاء واضحة ولا لُبس فيها ومن المتوقع ان ياخذ القضاء هذا الامر بعين الاعتبار ويستجيب للطعن المقدم بقرار المحكمة الرافض لتأسيس نقابة خاصة بعمال الزراعة.
اقرأ أيضاً:
كل ما تود معرفته عن نظام عمال الزراعة في الأردن
لماذا تعد إعادة بناء العقد الاجتماعي في الأردن أمرًا بالغ الأهمية لحقوق العمال في قطاع الزراعة
إرسال تعليق