الواقع العمالي بعد الاحتفال بيوم العمل اللائق

الواقع العمالي بعد الاحتفال بيوم العمل اللائق


الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" -  حاتم قطيش
24/10/2021

بداية لا بد من الاشارة الى أن لغة هذا المقال 
قد تتضمن شيئاً من الكآبة والطاقة السلبية ولكني أؤكد أنها ألطف ما استطعت صياغته من عبارات للتعبير عن الواقع المرير للحركة العمالية انطلاقاً من قاعدة أن أول خطوة نحو اصلاح الأخطاء هو الاعتراف بوجود هذه الأخطاء ابتداءاً.

ماهو اليوم العالمي للعمل اللائق

اختارت الحركة النقابية لنفسها منذ عام 2008 تاريخ 7 تشرين ثان للاحتفال بيوم العمل اللائق للعمال، وبالرغم من الفترة الطويلة لسن هذا التاريخ الا ان القلة القليلة من العمال يسمعون بهذه المناسبة بل حتى ان عبارة العمل اللائق تعتبر غريبة وطارئة على مسامعنا بل يمكن أن يعتبرها البعض ضرباً من الترف الفكري المنفصل تماماً عن الواقع المرير.

العمل اللائق .. كم تبدو هذه العبارة جميلة وأنيقة كعروس فاتنة يتغنى بها الجميع ويتفننون باستخدامها كعناوين جميلة لورشات تدريبية ودورات عمالية وأوراق عمل في مؤتمرات نقابية وسيستمع الجميع بانتباه تام وسيصفقون بحرارة ثم وبعد انقضاء هذا اليوم " 7 تشرين ثان" وبعد أن تمسح "العروس" مكياجها عن وجهها سيصحوا العمال ليروا وجهاً مجعداً حفرت فيه الحياة أخاديد غائرة تروي من خلالها مقدار التعب والضنك الذي يعيشونه، انمسح المكياج ليظهر الكدمات التي طبعتها الادارات على وجه العمال "بقسوة" حينما طالبوا برفع الأجور حتى اذا ما نسوا أنفسهم وأطلقوا لخيالهم العنان وحملهم حماسهم لأن يطبقوا ما سمعوه في "زفة" العمل اللائق فستكون هذه الكدمات بمثابة الصفعات التي يصفعها الطبيب لفاقد الوعي حتى يعود الى واقعه المقيت.

أصبح العامل كوسيلة تعليمية يستخدمها من يريد تحصيل درجات اضافية يبهر بها المستمعين فيحظى بتصفيق حار وعبارات الثناء والمدح وقد يحظى بمكانة راقية يستطيع من خلالها خدمة عامل آخر فيستخدمه في وسيلة تعليمية أكثر تطوراً، أما هذه الوسائل التعليمية "العمال" فسيبقون معلقون على الحائط فترة من الزمن قبل أن يقيم في ذاكرة النسيان.
لا نريد للعمل اللائق أن ينحصر بيوم عالمي واحد يفزع  الجميع للحديث عنه ثم وبعد انقضاء هذا اليوم تعود الحياة الى واقعها المرير وننشغل بالتحضير لإحياء مناسبة أخرى ويوم عالمي آخر، فالعمل اللائق هو أحد أهداف التنمية المستدامة مما يعني أن تتصف شروط العمل اللائق بالاستدامة وليس مرة واحدة أو في مكان واحد أو مرتبطة بأشخاص محددين، حتى يتمتع بها جميع العمال وينالوا فرصتهم في تأدية دورهم وواجبهم في تنمية بلدانهم.

النقابات العمالية وتحقيق شروط العمل اللائق


في ظل الانتهاكات المتعددة والمتكررة بحق العمال تكمن مسؤولية النقابات العمالية في التعامل مع هذه الانتهاكات وتحقيق شروط العمل اللائق انطلاقاً من أهمية العمل اللائق كأحد أهداف التنمية المستدامة، ولكن هناك خطوة يجب أن تسبق تحرك النقابات لتحقيق شروط العمل اللائق للعمال في عالم العمل وهي وجوب أن تكون هذه النقابات بحد ذاتها "نقابات لائقة" والمقصود بالنقابات اللائقة هي تلك النقابات التي تطبق الاتفاقيات والمعايير الدولية فيما يتعلق بحرية التنظيم النقابي وتفسح المجال لعمالها الأعضاء من حرية اختيار ممثليهم ووضع دساتير النقابة أو ما يتعارف عليه بالأنظمة الداخلية للنقابة بشكل حر ويتوافق مع الشرعة الدولية ويؤمن استدامة هذه النقابات من خلال أنظمة عصرية تعمل على تمكين الشباب والمرأة وتزيل العوائق والحواجز التي تعيق وصولهم على المواقع القيادية فيها، وان أكبر مؤشر على حيوية أي نقابة ومرونة أنظمتها وممارسة أعضاؤها لحرية التنظيم النقابي هو تجديد الدماء النقابية في المواقع القيادية وسهولة تداولها.



اقرأ أيضاً:





إرسال تعليق

التعليقات

جميع الحقوق محفوظة

رنان

2020