الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش |
18/10/2021
ما يحدث في الوسط النقابي العمالي هذه الأيام يبعث على الأسى والاحباط إذ تنقلب فيه الموازين وتتبدل المواقف وتتسع فيه الهوّة حتى أصبح العمال يعيشون حالة من الاغتراب داخل نقاباتهم، ففي الوقت الذي تفتح أبواب النقابات للمنظمات الممولة بوجوه بشوشة وانشكاح ولطافة ليس لهم مثيل، توصد هذه الأبواب أمام العمال وتغلق الهواتف الخلوية وتعبس الوجوه ويتكدر مزاج هؤلاء القادة النقابيون من مجرد ذكر العمال بل ويضيقون ذرعاً من "كثرة زنّهم"!!
لطالما كان النقابيون الشرفاء يشتكون للعمال الذين انتخبوهم من جفاء أصحاب العمل وتمنّعهم من الجلوس والحوار معهم، ولكن مع تبدل أحوال النقابيين ووصولهم الى مواقع القيادة بكل الطرق المتاحة عدا طريق الصناديق فأصبح وجود هؤلاء القادة بين العمال نادراً كونهم يقضون الساعات في مكاتب أصحاب العمل وتمتد الى المنازل والمطاعم، وكما قيل في المثل "من عاشر القوم اربعين يوماً صار مثلهم" ويبدو أن القادة النقابيون ومن كثرة معاشرتهم لأصحاب العمل قد تطبعوا بطباعهم في التعامل مع العمال حتى أصبحت هذه الطباع شبه قناعات أن العمال دائماً لا يستحقون و "بوجعوا الراس".
وقفتين احتجاجيتين نفذهما عمال الكهرباء أمام الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن من غير أن يخرج اليهم "زملاءهم" القادة النقابيون ليحاوروهم ويطمئنوهم؛ وفي الوقت الذي ينتظر فيه العمال صدور بيان يرد على استفسارتهم ويقضي على الشائعات المتداولة بين العمال ويضع الأمور في نصابها الصحيح ويحسم موعد الاستحقاق النقابي الانتخابي ويعد بالعودة عن التعديلات المجحفة على الأنظمة الداخلية؛ الا ان الجفاء كان هو سيد الموقف والانشغال بعمل شراكات جديدة مع منظمات دولية ممولة أو اصدار بيانات نقابية في أمور ليست ذات أولوية.
العمل النقابي يجب أن يكون عملاً فوق الأرض وتحت أشعة الشمس فقد انقضى زمن الاختباء في السراديب والتواري عن الأنظار وتداول المعلومات النقابية و"السكرين شوت" على طريقة التنظيمات السرية سابقاً، فإن كان الانسان فخوراً بما يصنع فإنه يجهر به ويعلنه على الملأ ويتغنى به وان كان في النفس شيء فاعلم أن " الإثم ما حاك في صدرك وخفت أن يطلع عليه الناس".
نريد قيادات نقابية هيّنة ليّنة قريبة من العمال وبذات الوقت صلبة وقوية أمام التعدي على الحقوق والمكتسبات وليس العكس، نريد قيادات تخرج من رحم العمال تعيش همومهم وتحدياتهم ولا تفرض عليهم فرضاً، نريد قيادات تمسك بيد صاحب العمل وتنزعها عن رقبة العمال لا أن تعينه في الضغط للإجهاز عليهم.
إرسال تعليق