الراصد النقابي لعمال الأردن "رنان" - حاتم قطيش
4/10/2021
الانتصار وتحقيق الهدف بعد نضال طويل له طعم خاص ورونق مختلف ويستحق من ناضل لبلوغ هذا الهدف أن يحتفل وينتشي فرحاً، فبمقابل كل حبة عرق بُذلت تستحق أن يقابلها دمعة فرح.
النضال النقابي العمالي يقوم بالأساس على ازالة كل أشكال التمييز ويزيل كل مظاهر عدم المساواة ويمهد الطريق لترسيخ تكافؤ الفرص والعدالة والحريات وعلى رأسها حرية التنظيم النقابي، والحفاظ على الحقوق العمالية وعلى رأسها الحق في اختيار القيادات النقابية، ولعل من أكثر القضايا العمالية النضالية صعوبة هو تمكين المرأة وتوفير العدالة لها من خلال ضمان تكافؤ الفرص وازالة العقبات التي تحول دون تقلدها المواقع القيادية في النقابات العمالية ليكون معيار اختيار القيادات النقابية منبنياً على الكفاءة بغض النظر على الدين أو العرق أو اللون أو الجنس .. الخ.
ان حدثاً مثل تولي أول امرأة رئاسة نقابة عمالية لا شك أنه حدث غير عادي ولا يجب أن يمر مرور الكرام وحُق للنقابات أن تحتفل وتزهو بهذا الانجاز ان كان يأتي ثمرة لنضال نقابي!!؛ ولكن المستغرب هو حالة الصمت التي سادت أجواء النقابات العمالية -على الصعيد المحلي- وعدم ترويج هذا الأمر على أنه انتصار لحالة نضال تنقل المرأة النقابية الى مرحلة مختلفة عن السابق، فلو تصفحت الصفحة الرسمية للاتحاد العام لنقابات عمال الأردن لتجدها خالية من الاشارة الى هذا "الانجاز"!! ولا تجد حتى صفحات العمال والعاملات على وجه الخصوص يشيرون الى هذا الحدث غير العادي!!!
لعل هذا الاستغراب يتبدد اذا ما علمنا أن الغالبية الساحقة من العمال والعاملات لم يروا اعلان الانتخابات ولم يتم نشر قوائم المترشحين ولا حتى نتائج الانتخابات بل تم كل ذلك بعيداً عن عيون العمال مما يعني أن الغالبية الساحقة من العمال والعاملات لم يحظوا بفرص متساوية للتنافس من خلال الانتخابات وان احاطة كل مراحل الانتخابات بالسرية والكتمان لهو أمر يبعث على الريبة ويقدح بالشفافية.
ان تولي أول رئيسة نقابة عمالية منصبها "بالتزكية" وليس من خلال صندوق الاقتراع وضمن ظروف لم تحقق العدالة والمساواة للجميع وبالتالي هي قد أصبحت رئيسة نقابة ولكن من غير أن يختارها العمال!!، ولا يعني ذلك أنها ليست كفاءة أو لا تستحق لا بل على العكس تماماً فالرئيسة الجديدة هي من أنشط النقابيات وأكفئهم وفي حال تمت انتخابات حرة ونزيهة وشفافة لا أستبعد أن تحظى بثقة العمال والعاملات، فالاعتراض هنا ليس على شخصها ولكن على الظروف غير الطبيعية التي مكنتها من تولي رئاسة نقابة عمالية كأول امرأة تصل الى هذا المنصب ولكن ليس بالطريقة التي كنا نطمح اليها.
ان العديد من العمال لا يعلم حتى هذه اللحظة أن تشكيل الهيئة الادارية الجديدة لنقابته قد تم بالفعل، فمنهم من لا يزال يتحدث عن التجهز والتحضير لخوض الانتخابات أو تداول بعض أسماء من يرغبون بترشيحهم، وهذا مبرر كونهم اعتمدوا على القرارات الحكومية التي حظرت اجراء الانتخابات النقابية بسبب ظروف كورونا ليسري هذا المنع منذ الربع الأخير من العام 2020 الى ما قبل عدة أسابيع حيث تم السماح باجراءها من خلال بلاغ رقم 43 وضمن بروتوكول خاص، فلا ذنب للعمال أن تتم اجراءات تشكيل الهيئات الادارية في فترة حظر الحكومة للانتخابات النقابية وبشكل غير علني لم يتسنى لهم حتى معرفة أسماء أعضاء هيآتهم الادارية الجديدة!!!
ان تمكين المرأة قضية سامية تحتاج الى وسائل شريفة وسامية أيضاً ولا يجوز بحال اتباع أساليب غير عادلة ولا تتوافق مع الحريات النقابية لتحقيقها بل ان سمو الوسائل لا يقل مرتبة عن سمو الأهداف، والتعاطي الشعبي مع هذه الانجازات يعتمد بالدرجة الأولى على مدى مساهمة هذه الجماهير في الاختيار؛ فالعديد من النساء تقلدن وزارات ومناصب رفيعة في الدولة ولكن الاحتفاء دائماً بفوز المرأة بالانتخابات النيابية أو البلدية على سبيل المثال كان مختلفاً كونه يعبر عن حالة من التغيير في طريقة تفكير المجتمع ويؤشر على مدى نجاح المرأة بالفوز بثقة الناس وكون التغيير يعتبر انجازاً لأدوات ووسائل التغيير وانتصاراً للقيم والمبادئ والحريات وتفوق ثقافة صناديق الاقتراع على ثقافة التعيين.
نريد أن تكون لدينا امرأة كرئيسة نقابة عمالية يختارها العمال وتحظى بثقتهم وتنتمي اليهم وتعبر عن معاناتهم لتعبر عن حالة انتصار حقيقية من خلال صندوق الاقتراع وتساهم لاحقاً في ترسيخ العدالة وتعمق الحالة النضالية النقابية لتكون صوت العمال لا صوت من يقودون العمال.
إرسال تعليق